الزيدية.. نشأتها ومعتقداتها (1)

السبت 4 أغسطس 2018 - 14:10 بتوقيت مكة
الزيدية.. نشأتها ومعتقداتها (1)

العالم الإسلامي – الكوثر: كثيراً ما يتردد اسم المذهب الزيدي في وسائل الإعلام خصوصاً عندما يريد أحدهم وصف حركة أنصار الله الإسلامية في اليمن، فما هو هذا المذهب؟ ما هي معتقداته؟ متى نشأ؟ وإلى من يُنسب؟ ما هو تاريخه؟ وكيف يعيش المعتقدون به اليوم؟ هي أسئلةٌ سنحاول الإجابة عنها في مقالنا هذا ما هي الزيدية؟

 

الزيدية هي إحدى الفرق الإسلامية التي نشأت في صدر الإسلام ، تُنسب إلى الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وسمي الزيديون بهذا الاسم لاعتقادهم بإمامة زيد بن علي (ع).

 

اعتقادات الزيديين:

يميل الزيديون في الأصول إلى المعتزلة، فهم يعتقدون بالتوحيد وينفون التشبيه والتجسيم، ويعتقدون بالعدل الإلهي وينفون الجبر، كما أنهم يوافقون المعتزلة في مسألة الحسن والقبح وفي الاستنباط وعلم الله وغيرها ولم يخالفوا المعتزلة إلا في بعض الأمور مثل الإمامة .

بينما يميلون في الأحكام والفقه إلى المذهب الحنفي فهم يعتقدون بالعقل ويؤمنون بالقياس.

ويعتقد الزيدية بإمامة الإمام علي بن أبي طالب (ع) بعد النبي الأكرم محمد (ص) ومن بعده ولداه الحسن والحسين عليهم السلام وبعدهم تكون الإمامة في أولادهم الذين قاموا بالدعوة لأنفسهم واشتهروا بالفضل والعلم والشجاعة والخروج على الظالمين بالسيف ولذلك يعتقد الزيديون بإمامة زيد بن علي بعد الإمام الحسين (ع).

يقول عبد الله بن زيد العنسي المتوفى عام 667 هـ ق إحدى الشخصيات الزيدية المعروفة في اليمن في القرن السابع:" الزيديون هم أصحاب زيد بن علي (ع) ، كما أن الشافعيون هم أصحاب الإمام الشافعي والحنفيون هم أصحاب الإمام أبي حنيفة. وأصحاب الإنسان هم الذين كانوا معه في الدين والكلام ويعملون بأوامره ويبتعدون عن كل شيء لا يحبه "

كما أن إمام الزيدية في اليمن المهدي لدين الله أحمد بن يحيى المشهور بابن مرتضى المتوفى عام 840 ق يقول في تعريف الزيدية: "الزيديون هم الذين ينتسبون إلى زيد بن علي (ع) وجميعهم يعتقدون بإمامته "

 

أهم الأمور التي يؤكد عليها المذهب الزيدي:

1- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

2- الإمامة محصورة في أولاد فاطمة الزهراء (ع) ممن خرج على الظالمين بالسيف.

3- يشترط في الإمام الدعوة العلنية لنفسه والخروج على الظالمين بالسيف.

 

من هو زيد بن علي (ع)؟

هو زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ولد عام 75 ق في المدينة المنورة في بيت الإمام علي بن الحسين (ع) واكتسب العلوم والمعرفة من والده وأخيه الإمام محمد الباقر(ع)، حفظ القرآن في عمر الثالثة عشرة وكان من النابغين في علوم القرآن في عصره حتى أنه لقب بحليف القرآن، سعى جاهداّ للإصلاح السياسي وسافر متنقلاً بين الحجاز والشام والعراق، استشهد في الكوفة في شهر محرم عام 122 ق خلال ثورته على نظام بني أمية في عهد الحاكم الأموي هشام بن عبد الملك، قام والي العراق يوسف بن عمر الثقفي بنبش قبره وقطع رأسه وإرساله إلى ابن عبد الملك في الشام ، ثم صلب جسده عارياً في مدينة الكوفة ومن بعدها قام بحرقه.

 

الظهور:

بعد شهادة الإمام الحسين بن علي (ع)، تفرقت الشيعة إلى عدة فرق، وبينما يعتقد الكثير منهم بإمامة الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع)، يعتقد بعضهم بإمامة محمد بن الإمام علي (ع) المعروف بابن الحنفية وعُرف هؤلاء بالكيسانية .

أما الفرقة الثالثة فهم الذين لم يكن لديهم اعتقاد بإمامة إمام محدد، والإمامة عندهم تكون في أبناء فاطمة الزهراء (ع) ممن تنطبق عليه شروط الإمامة ومنها القيام على الظالمين بالسيف. هذه الفرقة التفت حول زيد بن علي بن الحسين (ع) بعد قيامه على دولة بني أمية في عهد حكومة هشام بن عبد الملك واعتقدت بإمامته ونسبوا أنفسهم له.

 

فرق الزيدية:

انقسم الزيديون عبر التاريخ إلى عدة فرق منها ما هو باقٍ حتى الآن ومنها ما اندثر ومن أهم الفرق الزيدية التي يمكن ذكرها:

v الصالحية أو البترية : تنسب إلى الحسن بن صالح بن حي الهمداني (100-168) ق.

v السليمانية أو الجريرية: تنسب هذه الفرقة إلى سليمان بن جرير الرقي.

v الجارودية أو السرحوبية : تنسب إلى أبي جارود زياد بن منذر العبدي المتوفى عام 150 ق .

v السالمية

v القاسمية

v المؤيدية

v الناصرية

v الهادوية

 

أهم القادة الزيديين الذين عرفوا في التاريخ:

1ـ القاسم الرسّي

2ـ يحيي بن حمزة (الإمام الهادي)

3ـ عبد الله بن حمزة (الامام المنصور بالله)

4ـ القاسم محمد المعتزلي الزيدي

 

تاريخهم:

بعد ثورة زيد بن علي (ع) وشهادته عام 122 ق قام ولده يحيى بمتابعة مقاومة حكومة بني أمية في خرسان ولكنه استشهد هو الآخر عام 126 ق بعد قمع دولة بني أمية لثورته.

تعتبر ثورة يحيى بن زيد وشهادته بداية لانهيار الدولة الأموية، وعندما وصل بنو العباس إلى السلطة عام 132 ق وبعدما شاهدوه منهم من ظلم وجور استمر العلويون في حراكهم ومقاومتهم لهذا الظلم واجتمع الزيديون حولهم واعتقدوا بإمامتهم .

قام الزيديون بثورات عديدة على الحكومات الأموية والعباسية ، ولكن ثوراتهم تلك عادة ما كان نصيبها الهزيمة والانكسار باستثناء بعض النجاحات المؤقتة والمرحلية ، ولكن وبعد منتصف القرن الثالث هجري شهد نضال الزيديين مرحلة جديدة حيث انتقلوا من الثورات المناطقية المتفرقة إلى تقلدهم مقاليد الحكم في كل من ايران واليمن وتأسيسهم حكومات مستقلة، أضافت هذه الحكومات نجاحات جديدة إلى التجربة السياسية الزيدية بعد أن كانت حكومة الإدريسين في المغرب والتي أسسها ادريس بن عبد الله عام 172 ق هي التجربة السياسية الوحيدة الناجحة لهم.

ففي عام 250 ق قام الحسن بن زيد المعروف بالداعي الكبير وبمساعدة أهالي الديلم وطبرستان بالثورة وقام بتشكيل أول دولة زيدية في شمال ايران حيث استمرت هذه الدولة حتى القرن العاشر الهجري.

 

الزيديون في اليمن:

قام هادي بن يحيى بن الحسين بن القاسم الرسّي عام 280 ق بتشكيل أول حكومة زيدية مستقلة في اليمن، منذ ذلك الزمان وحتى يومنا الحاضر تحول اليمن وخصوصاً أجزاؤه الشمالية إلى قاعدة تقليدية للزيديين حيث ظهرت هناك أئمة وشخصيات وحركات فكرية عديدة كان لها تأثيرها وانعكاسها على واقع الزيديين.

في القسم التالي من مقالنا سنتحدث عن الزيدين في اليمن وتأثير اعتقاداتهم على حياتهم اليوم ، مشاكلهم ومعاناتهم ، طموحاتهم وأهدافهم ...

الوقت

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

السبت 4 أغسطس 2018 - 14:10 بتوقيت مكة