محمد عبدالله فضل الله
تكثر الأسئلة حول طبيعة الحجر الأسود، ومن أين أتى، وهل له معجزة بذاته، وغير ذلك من التساؤلات التي تثار حول بعض الشعائر الدينيّة، وبوجه خاصّ في موسم عبادة الحجّ.
قال أحد الباحثين حول الحجر الأسود: "... وفي البيت الحرام، يوجد الحجر الأسود، ويسميه المسلمون على سبيل التكريم بـ "الحجر الأسعد". وقد اختلفت الآراء في حقيقة الحجر المذكور، وذهب الناس في الكلام عنه كلّ مذهب، والتقاليد المتداولة بين عامة المسلمين تقول: بأنّ هذا الحجر المقدَّس أصله من الجنة، وأنه كان أبيض اللّون، واسودّ نتيجة ارتكاب أهل الدنيا للآثام والمعاصي. وهناك من يقول: بأنّ هذا الحجر قد يكون شهاباً نيزكاً هوى من بعض الكواكب، أو أنه جزء من معبد مقدَّس رفعه النبيُّ إبراهيم عندما خطّط المعبد الذي يحيط به البيت الحرام، وهذا الحجر كان مقدَّساً عند المسلمين وقبلهم لدى أهل الجاهليّة". [من كتاب "المساجد في الإسلام"].
وفي الأخبار، ورد أنّ الحجر الأسود هو من حجارة الجنّة، وسوف يعود إليها. فقد روى البيهقي في السّنن، والطبراني في الكبير، وغيرهما، واللّفظ للطبراني، عن ابن عباس (رضي الله عنهما)، عن النّبيّ(ص) قال: "الحجر الأسود من حجارة الجنّة، وما في الأرض من الجنّة غيره، وكان أبيض كالمها، ولولا ما مسّه من رجس الجاهليّة، ما مسّه ذو عاهة إلا برئ".
ويقول البعض بأنه لا أسرار في هذا الحجر، وبأن تقبيله واستلامه من قبل الحجاج أمر تعبّدي يعلمه الله تعالى، قد أمر الله رسوله(ص) بفعله للناس، نافياً وجود معجزة لهذا الحجر:"لا معجزة له، وهو حجر تعبَّد الله المسلمين باحترامه، ولا أسرار فيه.
وقد ورد في العديد من الروايات أنّه حجر من الجنة، وأنّ الله تعالى قد استودعه شهادات العباد على وحدانيّته حين كانوا في عالم الذرّ، وهو أمر غير معلوم بشكل موثوق.
مهما كان الأمر، وبعيداً من الروايات التي تتحدّث عن مصدر هذا الحجر، وأنه من أحجار الجنّة (وهذا من الغيب)، فإن الشعائر الدينية، ومنها شعائر الحج ومناسكه، يتلقاها المكلَّف من الرسول (ص)، والذي أمره الله بإبلاغها للناس كافّة، ليكون ذلك من جملة الطقوس الدينية المفروضة بقصد التعبد، تماماً كما هو الأمر بالنسبة إلى الكعبة، والتي تسمى ببيت الله، مع أنّ الله لا يحويه الزمان ولا المكان، والله العالم." [استفتاءات عقيدية].
بطبيعة الحال، هناك طقوس قد تلقّيناها من رسول الله(ص) بالقبول وسلّمنا بها، ولا يعلم فلسفتها وطبيعتها على وجه الحقيقة سوى الله تعالى، الذي يعلم كلّ شيء خلَقه، وهو المطّلع على النيّات والقلوب الخاشعة، وهو الذي يتقبل أعمال المتقين الخاشعين الذي يجعلون من الشعائر مناسبةً للانفتاح أكثر على عظمة الخالق، من دون الاستغراق في تفاصيل وتساؤلات لا طائل منها.
المصدر: موقع بينات بتصرف