من سيرة النبي نوح(ع)...لم كان العقاب بالطوفان؟!

الخميس 2 أغسطس 2018 - 18:23 بتوقيت مكة
من سيرة النبي نوح(ع)...لم كان العقاب بالطوفان؟!

وفي التاريخ الطبيعي نعثر على فترة تدعى فترة الأمطار ذات السيول، فلو لم تكن هذه الفترة الزمنية قبل تولد الحيوانات...

آية الله مكارم شيرازي

في البداية وقبل أن نجيب عن السؤال المطروح في العنوان ، نريد أن نجيب عن سؤال آخر مهم يتعلق أيضا بالطوفان وهو "هل كان الطوفان مستوعبا للعالم ؟"
هل كان الطوفان مستوعبا للعالم ؟

في العنوان ومن خلال ظاهر الآيات يبدو لنا أن الطوفان لم يكن لمنطقة من الأرض دون أخرى، بل غطى كل سطح الأرض، لأن كلمة "الأرض" ذكرت بصورة مطلقة ﴿رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾(1)، ﴿وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي﴾(2) وهكذا ذكر كثير من المؤرخين أيضا إن طوفان نوح كان عالميا، وكذلك يرجع نسل جميع البشر اليوم إلى واحد من أبناء نوح الثلاثة " حام وسام ويافث" الذي بقوا بعد مدة!

وفي التاريخ الطبيعي نعثر على فترة تدعى فترة الأمطار ذات السيول، فلو لم تكن هذه الفترة الزمنية قبل تولد الحيوانات، فهي تنطبق على طوفان نوح. وهذه النظرية موجودة في التاريخ الطبيعي للأرض، وهي أن محور الكرة الأرضية يتغير تدريجيا، بحيث يكون القطبان الشمالي والجنوبي مكان خط الإستواء، ويحل خط الإستواء محلهما، وواضح أن الحرارة التي تكون في أعلى درجاتها تذيب الثلوج القطبية فترة ترتفع مياه البحار حتى تستوعب كثيرا من اليابسة، ومع النفوذ في ثنايا الأرض وطياتها تحدث العيون المتفجرة، وكل ذلك يبعث على كثرة السحب والأمطار.

كما إن مسألة إختيار نوح (ع) من كل نوع من الحيوانات زوجين وحملهما معه على السفينة يؤيد كون الطوفان عالميان أيضا، وإن عرفنا إن نوحا كان يسكن الكوفة ، كما تقول الروايات- وإن طرف الطوفان وحافته طبقا للروايات الأخرى كان في مكة وبيت الله الحرام، فهذه نفسه أيضا مؤيد "لعالميّة الطوفان".

ولكن مع هذه الحال، فلا يبعد أن يكون الطوفان في منطقة معينة من الأرض، لأن إطلاق الأرض على المنطقة الواسعة من العالم تكرر في عدد من آيات القرآن، كما نقرأ في قصة بني إسرائيل، {وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها} الأعراف/ 127.

وحمل الحيوانات في السفينة ربما كان لئلا ينقطع نسلها في ذلك القسم من الأرض، خصوصا أن نقل الحيوانات وانتقالها في ذلك اليوم لم يكن أمرا هينا "فتدبر"!

وهناك قرائن أخرى تقدم ذكرها يمكن أن يستفاد منها أن الطوفان لم يستوعب الكرة الأرضية كلها. وهناك مسألة تسترعي الإنتباه- أيضا- وهي أن طوفان نوح كان بمثابة العقاب لقومه، وليس لنا دليل على أن دعوة نوح شملت الأرض كلها، وعادة فإن وصول دعوة نوح في مثل زمانه إلى جميع نقاط الأرض أمر بعيد.. ولكن على كل حال فالهدف القرآني من بيان هذه القصة للعبرة وبيان المسائل التي تربي الآخرين، سواء كان الطوفان عالميا أو غير عالمي.

لم كان العقاب بالطوفان؟!

صحيح أن قوما أو أمة كانوا فاسدين وينبغي زوالهم ومهما تكن وسائل إزالتهم فالنتيجة واحدة، ولكن بالتدقيق في الآيات القرآنية نستفيد أن هناك تناسبا بين الذنوب وعقاب الله دائما وأبدا.

كان فرعون يرى قدرته وعظمته تتجلى في "نهر النيل" ومياهه الكثيرة البركات، ولكن الطريف إن هلاك فرعون ونهايته كان في النيل.

وكان نمرود يعتمد على "جيشه" العظيم، لكننا نعلم إن جيشا  لا يعتد به من الحشرات هزمه وجنوده أجمعين.

وكان قوم نوح أهل زراعة "وأغنام" وكانوا يجدون كل خيراتهم في "حبات المطر" لكن نهايتهم كانت بالمطر أيضا..

الهوامش:

1- سورة نوح/ 26.

2- سورة هود/ 44.

المصدر: تفسير الأمثل

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الخميس 2 أغسطس 2018 - 17:51 بتوقيت مكة