من مناظرات الإمام الرضا(ع) مع الزنادقة...كيف هو و أين هو؟

الثلاثاء 24 يوليو 2018 - 08:39 بتوقيت مكة
من مناظرات الإمام الرضا(ع) مع الزنادقة...كيف هو و أين هو؟

خادم الرضا عليه‌السلام ، قال : دخل رجل من الزنادقة على الرضا عليه‌السلام وعنده جماعة ، فقال له أبو الحسن عليه‌السلام :" أرأيت...

إذا أمعنا النظر في طريقة حوار الإمام الرضا مع الزنادقة نجد أنه اتبع معهم المنهج العقلي لعدم إيمان هؤلاء باللّه تعالى وكتبه وأنبيائه ، وكان يتبع مع أمثال هؤلاء أسلوب (التداول الحرّ للأفكار) ، يتّضح لنا ذلك من خلال حوار الإمام عليه‌السلام مع أحد الزنادقة :

عن محمد بن عبد الله الخراساني ، خادم الرضا عليه‌السلام ، قال : دخل رجل من الزنادقة على الرضا عليه‌السلام وعنده جماعة ، فقال له أبو الحسن عليه‌السلام :" أرأيت إن كان القول قولكم ، وليس هو كما تقولون ، ألسنا وإياكم شرع سواء ، ولا يضرّنا ما صلينا وزكينا وأقررنا ؟ " فسكت، فقال أبو الحسن عليه‌السلام : " وإن يكن القول قولنا ، وهو قولنا ، وكما نقول ، ألستم قد هلكتم ونجونا ؟ ".

قال : رحمك الله فأوجدني كيف هو ؟ وأين هو ؟ قال : " ويلك ، إن الذي ذهبت إليه غلط ، وهو أيّن الأين ولا أين ، وكيّف الكيف وكان ولا كيف ، فلا يُعرف بكيفوفية ، ولا بأينونية ، ولا يدرك بحاسة ولا يُقاس بشيء."

قال الرجل : فإذن انه لا شيء إذا لم يدرك بحاسة من الحواس !

فقال أبو الحسن عليه‌السلام : "ويلك إذا عجزت حواسك عن إدراكه أنكرت ربوبيته ، ونحن إذا عجزت حواسنا عن ادراكه أيقنّا انه ربنا، وأنه شيء بخلاف الأشياء."

قال الرجل : فأخبرني متى كان ؟!

قال أبو الحسن :" أخبرني متىٰ لم يكن ، فأخبرك متىٰ كان ؟!."

قال الرجل : فما الدليل عليه ؟

قال أبو الحسن عليه‌السلام : " إني لما نظرت إلىٰ جسدي فلم يمكني زيادة ولا نقصان في العرض والطول ودفع المكاره عنه وجرّ المنفعة اليه، علمت أن لهذا البنيان بانياً ، فأقررت به ، مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته ، وإنشاء السحاب ، وتصريف الرياح ، ومجرى الشمس والقمر والنجوم ، وغير ذلك من الآيات العجيبات المتقنات، علمت أن لهذا مقدّراً ومنشأً".

قال الرجل : فلم إحتجب ؟

فقال أبو الحسن عليه‌السلام :" إنّ الحجاب على الخلق ، لكثرة ذنوبهم ، فأما هو فلا يخفىٰ عليه خافية في آناء الليل والنهار".

قال : فلم لا تدركه حاسة الأبصار ؟

قال : " للفرق بينه وبين خلقه الذين تدركهم حاسة الأبصار منهم ومن غيرهم ، ثم هو أجلّ من أن يدركه بصر أو يحيطه وهم أو يضبطه عقل ".

قال : فحده لي؟

قال : " لا حدّ له " ، قال : ولم ؟

قال : « لأن كل محدود متناه إلى حدّ ، وإذا احتمل التحديد احتمل الزيادة، واذا احتمل الزيادة احتمل النقصان ، فهو غير محدود ولا متزايد ولا متناقص ولا متجزيء ولا متوهَّم.." (2).

نستخلص من هذا النص ومما سبقه أن الإمام عليه‌السلام كان يحاجج الخصوم بصدر رحب وطول نفس ، وبأسلوب يتناسب مع عقلية الخصم سواء كان من أهل الكتاب أو غيرهم ليلزمهم بما ألزموا به أنفسهم.

 الهوامش:

 (1) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ١ / ١٢٠ ، ح ٢٨ ، باب (١١) .

المصدر: كتاب الإمام الرضا(ع)سيرة و تاريخ

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الثلاثاء 24 يوليو 2018 - 08:39 بتوقيت مكة