من كرامات الإمام الرضا عليه السلام التي ذكرها أصحاب السير والتأريخ من العامّة والخاصّة في كتبهم وموسوعاتهم التاريخية كرامة طي الأرض.
ونحن إذ نذكر هذه الكرامة،فقط للدلالة على ما يتمتّع به الإمام الرضا عليه السلام من القداسة، والقرب، والكرامة عند الله سبحانه وتعالى مع أن كراماته اكثر من ذلك بكثير.
في طيّ الأرض
1- عن محمّد بن الفضل الهاشمي، قال: لمّـا توفّي الإمام موسى بن جعفر عليه السلام أتيت المدينة، فدخلت على الرضا عليه السلام، فسلّمت عليه بالأمر، وأوصلت إليه ما كان معي، وقلت: إنّي سائر إلى البصرة، وعرفت كثرة خلاف الناس، وقد نُعي إليهم موسى عليه السلام، وما أشكّ أ نّهم سيسألوني عن براهين الإمام، ولو أريتني شيئاً من ذلك؟
فقال الرضا عليه السلام: لم يخفَ عليّ هذا، فأبلغ أولياءنا بالبصرة وغيرها، أ نّي قادمٌ عليهم، ولا قوّة إلاّ بالله، ثمّ أخرج إليّ جميع ما كان للنبيّ صلى الله عليه وآله عند الأئمّة عليهم السلام من بردته وقضيبه وسلاحه وغير ذلك.
فقلت: ومتى تقدم عليهم؟ قال: بعد ثلاثة أيّام من وصولك ودخولك البصرة، فلمّـا قدمتها سألوني عن الحال، فقلت لهم: إنّي أتيت موسى بن جعفر عليه السلام قبل وفاته بيوم واحد. فقال: إنّي ميّت لا محالة، فإذا واريتني في لحدي، فلا تقيمنّ وتوجّه إلى المدينة بودائعي هذه، وأوصلها إلى ابني عليّ بن موسى عليه السلام فهو وصيّي، وصاحب الأمر بعدي. ففعلت ما أمرني به، وأوصلت الودائع إليه، وهو يوافيكم إلى ثلاثة أيّام من يومي هذا، فاسألوه عمّـا شئتم.
فابتدر الكلام عمرو بن هذّاب من القوم -وكان ناصبيّاً، ينحو نحو التزيّد والاعتزال- فقال: يا محمّد، إنّ الحسن بن محمّد رجلٌ من أفاضل أهل هذا البيت في ورعه وزهده وعلمه وسنّه، وليس هو كشابّ مثل عليّ بن موسى، ولعلّه لو سئل عن شيء من معضلات الأحكام لحار في ذلك.
فقال الحسن بن محمّد -وكان حاضراً في المجلس-: لا تقل يا عمرو ذلك، فإنّ عليّاً على ما وصف من الفضل، وهذا محمّد بن الفضل يقول: إنّه يقدم إلى ثلاثة أيّام، فكفاك به دليلاً، وتفرّقوا.
فلمّـا كان في اليوم الثالث من دخولي البصرة، إذا الرضا عليه السلام قد وافى، فقصد منزل الحسن بن محمّد، وأخلى له داره، وقام بين يديه، يتصرّف بين أمره ونهيه، فقال عليه السلام: يا حسن بن محمّد، أحضر جميع القوم الذين حضروا عند محمّد ابن الفضل وغيرهم من شيعتنا، وأحضر جاثليق النصارى، ورأس الجالوت، ومر القوم أن يسألوا عمّـا بدا لهم. فجمعهم كلّهم والزيدية والمعتزلة، وهم لا يعلمون لماذا يدعوهم الحسن بن محمّد، فلمّـا تكاملوا، ثني للرضا عليه السلام وسادة، فجلس عليها، ثمّ قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل تدرون لِمَ بدأتكم بالسلام؟ قالوا: لا. قال: لتطمئنّ أنفسكم.
قالوا: من أنت يرحمك الله؟
قال عليه السلام: أنا عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب عليه السلام وابن رسول الله صلى الله عليه وآله. صلّيت اليوم صلاة الفجر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله مع والي المدينة، وأقرأني - بعد أن صلّينا - كتاب صاحبه إليه، واستشارني في كثير من أموره، فأشرت عليه بما فيه الحظّ له، ووعدته أن يصير إليّ بالعشيّ بعد العصر من هذا اليوم، ليكتب عندي جواب كتاب صاحبه، وأنا واف له بما وعدته، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله، الحديث.
2- وفي الحديث المتقدّم، قال محمّد بن الفضل: فلم يزل الرضا عليه السلام معهم في ذلك إلى وقت الزوال، فقال لهم حين حضر وقت الزوال: أنا اُصلّي وأصير إلى المدينة للوعد الذي وعدت به والي المدينة ليكتب جواب كتابه، وأعود إليكم بكرةً إن شاء الله.
قال: فأذّن عبد الله بن سليمان وأقام، وتقدّم الرضا عليه السلام فصلّى بالناس، وخفّف القراءة، وركع تمام السنة وانصرف، فلمّـا كان من الغد عاد إلى مجلسه ذلك...
المصدر: موقع السبطين
إقرأ أيضا: من قصص كرامات الإمام الرضا(ع)...الإستشفاء و العلم باللغات