فاجعة إماراتية!
وسط صمت رسمي، تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أنباء شبه مؤكدة عن إغلاق 1000 شركة في دبي، ونسبوا النبأ إلى صحيفة البيان الرسمية وتداولوا صورة تُثْبِت الفاجعة الإماراتية.
وقال المغرد والمدوِّن تركي الشلهوب :”صحيفة البيان الإماراتية: إغلاق أكثر من 1000 شركة في #دبي خلال يوم واحد فقط ! مَن يُحاصر مَن؟!”، وعلق حساب “kama ” مرفقًا صورًا لإعلان غلق الشركات قائلًا: “إغلاق أكثر من 1000 شركة في #دبي في يوم واحد فقط الانهيار الاقتصادي يعصف بإمارات الشر”.
واهتم الكاتب المصري المعارض سليم عزوز، بما يتداوله النشطاء، وقال: “على أحد الحسابات بتويتر قرأتُ خبر إغلاق ألف شركة في الإمارات في يوم واحد، مَن يمكنه الوصول لعدد بي دي إف الخاص بجريدة البيان صفحة الإعلانات المبوبة يطلع عليه، ويتأكد من صحة المنشور وله الأجر والثواب عند الله”. وأرفق عدد من النشطاء في تعليقات لديه إعلان الإغلاق المتداول، وأوضح المدون هاشم أبو النجا أنَّ “الإعلانات في جريدة البيان لا تنزل بروابط فقط فى النسخة المطبوعة الورقية”.
ولأنه لا دخان بلا نار، فما يتداوله النشطاء يتوازى مع تقارير كثيرة في الفترة الماضية تحدثت عن أزمات اقتصادية عنيفة تضرب الإمارات، وتهدد استقرارها، والمثير أن صحفًا رسمية تتحدث عن الانهيار ومنها (الإمارات اليوم)، التي نشرت السبت 7 يوليو تقريرًا عن بطء في الطلب على شراء المشغولات الذهبية والمجوهرات، وأرجع التجار الأمر إلى انخفاض مبيعات السائحين والعطلة الصيفية.
الملفت للانتباه أنَّ نفس الصحيفة تحدثت في تقرير حكومي آخر عن تحذيرات للمستثمرين من هيئة الأوراق المالية، التي أكدت بحسب نص تحذيرها أن “المستثمر العقلاني يجب أن يدرك أن هناك أخطارًا مرتبطة بالاستثمار”!! .
يأتي هذا متوازيًا في واقعة تؤكد تراجع مكانة دبي العالمية بسبب سياسات ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد؛ حيث هبط عدد المسافرين عبر مطار دبي الدولي 3.8% في مايو، ليسجل تراجعًا للشهر الثاني على التوالي، وقالت مؤسسة مطارات دبي التي تتولى تشغيل المطار: إنَّ أكثر مطارات العالم ازدحامًا بالمسافرين على الرحلات الدولية استقبل 6.6 ملايين مسافر، انخفاضًا من 6.9 ملايين في الشهر نفسه من العام الماضي.
وكانت شركة فيرجين أتلانتيك البريطانية للطيران أعلنت في وقت سابق أنها سوف توقف رحلاتها بين مطار هيثرو في لندن ومدينة دبي الإماراتية بدءًا من مارس 2019 بسبب أن “هذه الرحلات لم تعد ذات جدوى اقتصادية”.
مؤشرات الخطر!
وبحسب موقع “الإمارات ليكس ” تشهد الإمارات أزمة اقتصادية متصاعدة تهدّد بتكرار مضاعف التداعيات لسيناريو الأزمة المالية العالمية في العام 2008، في وقت استلهم فيه ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد أسلوب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في جمع التبرعات الشعبية، ولوحظ مؤخرًا موجة إغلاق وإفلاس تجتاح المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الإمارات، وسط انتشار فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي توثّق مئات المحلات في مناطق متفرقة من الدولة، ووجّهت أصابع الاتهام نحو الدوائر المحلية والاتحادية وأخرى تتهم المكاتب العقارية وترجع السبب إلى طمع وجشع صغار المسؤولين برفع الرسوم الضريبية ورفع رسوم الإيجار سنويًا إلى حدها الأقصى.
وفي مايو الماضي، سُجّل انهيار في مؤشر السيولة المالية في سوق دبي المالي، حيث سُجّل انخفاض بنسبة 44% من حجم السيولة المالية في شهر أبريل الماضي مقارنة بنفس الشهر للعام 2017، كما أن أكثر من 12 شركة في سوق أسهم دبي انحدرت قيمتها لما هو دون النصف درهم، وسط تراجعات حادة تزيد عن نسبة 10%، في هذه الأثناء أعلنت شركة ماركة إفلاسها بعد صفقات مشبوهة في مجموعة ريم البوادي الإماراتية.
والخطر يتجاوز سوق الأسهم بكثير؛ إذ إن حكومة دبي أعلنت إلغاء مهرجان دبي السينمائي في نسخته رقم 15 بهدف توفير جوائزه المالية، يأتي ذلك فيما يعاني سوق العقارات في الإمارات من ركود حادّ يظهر انهيارًا صادمًا في أسعار الشقق بالتزامن مع استمرار معاناة الإمارات من ارتفاع معدلات التضخم منذ بدء الدولة في فرض ضرائب القيمة المضافة مطلع العام الجاري، وسط دراسة حكومية لفرض ضرائب شاملة على الشركات والمؤسسات.
وفي هذا السياق أعلن محللون من وكالة «ستاندرد آند بورز»، منذ فبراير الماضي أنَّ أسعار العقارات في إمارة دبي قد تتراجع إلى ما بين 10 و15، في العامين القادمين، بفعل المعروض الجديد وفرض ضريبة القيمة المضافة في الإمارات واستمرار الأزمة الخليجية، حيث هبطت أسعار السكن في دبي إلى ما بين 5 و10% في العام 2017، كما أضرّ ضعف السوق العقارية أيضًا بكبار المطورين العقاريين في الإمارة، الذين تعرّضوا لخسائر مالية فادحة قد تدفعهم إلى التعثر المالي، في تذكير بهبوط أسعار المنازل في دبي عامي 2009 و2010 إلى أكثر من 50% من مستويات ذروة بلغتها، حتى كادت الإمارة تتعثر في سداد ديون خارجية ومحلية لولا تدخل بعض الإمارات الأخرى، وأرجع البعض ذلك إلى الاستهداف الحوثي للإمارات.
وكان صندوق النقد الدولي، خفض توقعاته للنمو في الإمارات في العام 2018، حيث سينخفض معدل النمو إلى 1.5% فيما رصدت وكالة الأنباء الفرنسية “فرانس 24” استغناء الإمارات في العام 2016 عن الآلاف من العمال، وكانت شركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” التي يعمل بها نحو 55 ألفًا أبرز الشركات التي خفضت عدد عمالها؛ حيث ألغت مئات الوظائف وقلصت أعداد العاملين بها بواقع خمسة آلاف على الأقل بنهاية 2016.
الأرقام تتحدث
وجاء إعلان الحكومة الإماراتية في مايو الماضي عن رفع نسبة تملك المستثمرين الأجانب العاملين في الشركات لتصل إلى 100%، ومنحهم تأشيرات عمل تصل إلى 10 سنوات، ليؤكد حقائق تهاوي الاقتصاد الإماراتي، منذ فرض الحصار على قطر، ومستنقع حرب اليمن، الذي يستنزف مليارات الدولارات من الاقتصاد الإماراتي.
وخلال الأعوام السابقة زاد الدين العام، داخليًّا وخارجيًّا، وحسب تقرير صدر، في يناير 2017، عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، فإن حجم الديون الخارجية كنسبة بالناتج المحلي للإمارات يصل لـ59%، وكان صندوق النقد الدولي توقع أن تتراجع نسبة النمو الاقتصادي في الإمارات من 3% في 2016، إلى 1.3 % في 2017، منوهًا باستمرار ذلك التراجع في 2019.
وفي ظل هذه الضربات لجأت الإمارات للصندوق السيادي للدولة لتغطية عجز الموازنة، وقد خفضت الإمارات حيازتها من سندات الخزانة الأمريكية بنحو 200 مليون دولار إلى 66 مليار دولار، حتى نهاية يوليو 2017، كما لجأت الحكومة الإماراتية لزيادة الرسوم والجبايات الحكومية على المقيمين والمواطنين في “المشتقات النفطية”، و”رسوم الكهرباء والمياه”، و”المعاملات الحكومية”، والقوانين التي تُفَعل الضرائب والمدفوعات، إلى جانب إيرادات جديدة، كرسوم البلديات.
وفي السياق الصعب، ومع دور الإمارات في حصار قطر، كان التحذير قويًا من مدير مؤسسة “ستاندرد تشارترد” المصرفية من تداعيات حصار قطر على مكانة مدينة دبي على الصعيد المالي.
ونقلت وكالة “رويترز” عن رئيس المؤسسة بيل وينترز، أن “دبي تخاطر بمكانتها كمركز مالي نتيجة حصار قطر”، وقالت مجلة «إيكونومست» البريطانية، في تقرير حول حصار قطر: “إن إمارة دبي تبقى أكبر الخاسرين من هذا الحصار واستمراريته”.
المصدر: العدسة
27