الشيخ حسين كـوراني
تَعاظَم وعيُ الأمّة وأحرار العالم، للدور الصّهيو - استعماريّ، الذي نفّذه «آل سعود» طيلة حوالي ثلاثة قرون من الزمن.
الأملُ واعدٌ بأن يستقرّ في يقين الشعوب أنّ وجود الحاضنة السعوديّة في المنطقة كان المقوّم الأبرز لتنفيذ «وعد بلفور». والمقوّم المحليّ والإقليميّ الأبرز لتمكين الكيان المحتلّ.
مئويّة «وعد بلفور» سعوديّة بامتياز.
في جردة سريعة لمواقف «آل سعود» منذ حرب تمّوز ومشاريعهم السياسيّة – بتخطيطٍ وتحريضٍ أميركيّين - نجد التالي:
1) وصف مجاهدي حزب الله في المقاومة الإسلاميّة بـ«المغامرين». كان ذلك مع بدايات حرب تمّوز.
2) بذل قصارى الجهد عبر مختلف القنوات الدبلوماسيّة ومن بينها مواكبة «فؤاد السنيورة» رئيس الوزراء اللبنانيّ في حينه، لتحقيق نصرٍ صهيونيٍّ ساحقٍ على المقاومة.
3) رفع وتيرة استعداء إيران، واستنفاد أسلحة الترغيب للنظام السوريّ ليفصل حسابه عن محور المقاومة.
4) إطلاق أكذوبة «الربيع العربيّ»، ودحرجتها لتبلغ الغاية من اختلاقها، وهي إسقاط النظام السوريّ، لتحقيق القطع في قلب محور المقاومة.
5) استنساخ «داعشيّة» آل سعود في بدايات دولتهم الثالثة، وتهجينها و«تطويرها» لتحقيق هدفين:
الأوّل: تشويه الإسلام، الذي أرعبَتْهم صحوته الهادرة التي أعادت قوّة حضوره في جميع الميادين في العالمِين.
والثاني: إسقاط محور المقاومة بالضربة القاضية عبر الفتنة الطائفيّة الأخطر.
6) اختلاق وتجميع التحالف الهجين لبدء جسر غارات الطيران السعوديّ على اليمن مع تشديد الحصار البريّ والبحريّ لإحراق اليمن وتركيع أهله، أو إبادتهم. جاء ذلك في أوّل عمليات سعوديّة مماثلة - وآخرها. آمين - تجاوز عمرها المشؤوم للآن الألف يوم.
7) محاولة تثبيت «إسرائيل الثالثة» في المنطقة باسم «كردستان». ما تزال نارها تحت الرماد رغم خسارة هذه الجولة.
لم يحصد «آل سعود» ومشغِّلوهم الأميركيّون، والصهاينة، إلا الفشل الذريع.
تعدُّد المشاريع واستبدالها دليلٌ قاطعٌ على هذا الفشل.
أوضح الأدلة على جنون المجنون، غرابة تصرّفه وشدّة القبح والتخبّط والإسفاف.
هل يمكن تفسير الحشرجات السعوديّة القائمة الآن ضدّ لبنان إلا بعوارض الجنون المطبق البالغ حدّ التفلّت من كلّ حدود العقل ونصائح العقلاء والإصرار المتهالك على الانتحار؟
سواء، أَتَواصَل جنون «آل سعود» وشهد الرّاهن السياسيّ سقوط صنم الوهابيّة الأخطر من هُبل - والذي عُبِد حوالي ثلاثة قرون؟
أم، شارك الجهل بحقيقة «آل سعود» في إنقاذهم، وتلميعِ صورتهم الصهيونيّة الشيطانيّة؟ فإنّ واجب الأمة والعالمِين، أمران متّصلان حدّ التماهي:
الأول: المزيد من كسْر «حُرم معاداة آل سعود» الدّعيّ ابن الدعيّ «حُرْم معاداة الساميّة».
الثاني: تظهير أنّ الشيطان الأميركيّ هو المخطّط المحرّض والمشغّل لآل سعود، منذ دوّن «آيزنهاور» في مذكّراته أولويّة أميركا باعتماد «ابن سعود» لمواجهة «عبد الناصر»، وإلى ما بعد احتجاز رئيس الوزراء اللبنانيّ «سعد الحريري».
***
أوّل ما يجده المتتبّع في سجلّات آل سعود بما يرتبط بإعلان السعوديّين الحرب اليوم على لبنان، ما نُشر في جريدة «الهدف» اللبنانيّة في صفحتها الخامسة بتاريخ 28 شباط 1967م، بعنوان:
الإنذار السعوديّ للبنان، يُثير ردود فعل مختلفة
و ممّا جاء تحت هذا العنوان:
«أنذرت السعوديّة في الأسبوع الماضي، على لسان وزير خارجيّتها السيّد عمر السقّاف، لبنان بتغيير سياسته الحاليّة، وإلا اتّخذت بحقّه عدّة إجراءات تأديبيّة. ومن ضمن الإجراءات التي هدّدت السعوديّة باتّخاذها ضدّ لبنان: طرد اللّبنانيّين العاملين في السعوديّة، ومَنْع سفر الحجّاج اللبنانيّين إلى المدينة المنوّرة ومكّة المكرّمة، وسَحْب رؤوس الأموال السعوديّة الموجودة في لبنان»!!
كان ذلك بعد أشهر من حرب الأيّام الستّة. كانت المنطقة تغلي وكان لبنان جزءاً من النّبض الشعبيّ العارم في المنطقة، فلم يتحمّل آل سعود ما سمّوه «انحياز لبنان إلى عبد الناصر». (أنظر الصورة).
ما أشبه اللّيلة بالبارحة. آنَ أنْ نفهم عمقَ الموقف الوطنيّ الرّياديّ لفخامة رئيس الجمهوريّة: «وجع ساعة ولا كلّ ساعة».
***
واهمٌ مَن يظنّ أنّ نهاية الدواعش متاحة، دون زوال «آل سعود».
واهمٌ مَن يظنّ أنّ زوال «إسرائيل» ممكنٌ بدون زوال «آل سعود».
وغارقٌ في الوهم والتِّيه البعيد، من يظنّ أنّ زوال «آل سعود» أنفسهم، سيُنهي المشاريع الأميركيّة في المنطقة.
كما استبدلت أميركا كلّ مهامّ «إسرائيل» العلنيّة، بعد «حرب تمّوز» بحاضنتها السعوديّة، ستعمد أميركا إلى استبدال «آل سعود» بمن تتوفّر له «المقوّمات» والظرف المناسب.
لا خلاصَ إلا بتظهير حقيقة آل سعود ليتّضح أنّهم ليسوا سُنَّةً، ولا مسلمين. آل سعود وهّابيّون. الوهّابيّة أمويّة. الوهّابيّة مشروعٌ بريطانيّ استعماريّ داعشيّ لفصل الأمّة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، بذريعة نقاء التوحيد. الوهّابيّة هَدْمُ التوحيد بذريعة حفظِ التوحيد. الوهّابيّة مشروع نقضِ عُرى العروبة بتقمّصها، وتمزيقِ الأمّة باسم ولاية أمرها، وحمايةِ الحرمين الشريفين.
واجبنا العمل الدائب لتخليص البشريّة من الغدّة السرطانيّة بوجهَيها الصّهيو - ديّ، ودوام الحذر من البدائل التي تبحث عنها أميركا في هذه المرحلة ليلَ نهار.
إنْ تواصَلَ منسوبُ الوعي المتعاظم، فالمستقبلُ واعد.
المصدر: مجلة شعائر