ويبدو أن الأردن اقتنع أخيرا بأنه لا بديل عن وجود القوات السورية الشرعية على حدوده من اجل ضمان استقرار النظام الأردني المهدد في الداخل بسبب أزمته الاقتصادية التي قد تكون مدخلا لتخريب الأمن بالتنسيق مع مقاتلي ما يسمى المعارضة السورية التي احتضنها الأردن في يوم من الأيام.
إذن فالأردن يعلم أن عودة المعابر مع سوريا إلى حضن الشرعية فيه درء للخطر عن الأردن أيضا. وفي هذا الإطار أتت جولة رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز على الحدود الأردنية السورية حيث كان لافتا تصريحه خلال جولته بأن هناك مجموعات مسلحة تختبئ في مخيمات النازحين السوريين قرب الأردن، والتي اعتبرها مراقبون بمثابة مباركة أردنية علنية للعملية العسكرية التي يقوم بها الجيش العربي السوري من اجل استعادة الحدود، وتأكيداً على هذا الأمر اتخذت السلطات الأردنية قرارها بإغلاق الحدود البرية مع سوريا خلال فترة المواجهات العسكرية في الجنوب السوري الأمر الذي فسره المراقبون نوعاً من الضغط على المسلحين من اجل القبول بأي تسوية تعرض عليهم في ظل الحصار المفروض.
أما في المقلب الآخر فتقف قيادة الكيان الصهيوني شبه عاجزة أمام تطور الأحداث وسرعة وتيرة انتصارات الجيش العربي السوري في الجنوب فبدأت تشعر بأن أمرا ما دبر بليل سحب البساط من تحت أقدامها، وبالتالي هي خسرت نقطة ارتكاز مهمة وورقة ضغط على الحكومة السورية من خلال خسارتها السريعة لبعض مواقع ما يسمى المعارضة السورية، لتجد نفسها فجأة على بعد كيلومترات قليلة وجها لوجه مع جنود الجيش العربي السوري الذي تعتبرهم قيادة العدو مختلفين لناحية التدريب والخبرة العسكرية التي كسبوها خلال سنوات الأزمة السورية مع دور إيجابي كبير للجيش الروسي بفتح حوارات مع بعض المسلحين ونجاحه في استمالتهم لتشكيل تحالف منهم لمحاربة التطرف والمتطرفين والإرهاب والإرهابيين.
العدو الصهيوني يذهب في خوفه مما جرى بأنه كفيل بالمساهمة بإسقاط صفقة القرن التي قطعت أشواطا هامة وباتت قاب قوسين او أدنى من إعلانها، ولكن انتصار الجيش العربي السوري من شأنه أن يعزز محور المعارضين لهذه الصفقة أو يعطي الفرصة للمترددين للتعبير عن رأيهم بصراحة، وهناك من يقول بأن ما يجري في الجنوب السوري متفق عليه بين الأميركي والروسي، لكن الامتعاض الصهيوني ظهر عبر القنوات الدبلوماسية حين اعلن نتنياهو أن هذا الاتفاق لم يراع المصالح الصهيونية وهو لم يبعد حزب الله وإيران عن الحدود السورية الفلسطينية، يؤكد بأن ما جرى هو عبارة عن اجندة سورية صرفة في تحرير المناطق وفق مصلحة الدولة السورية العليا ووفق أولويات.
أما على صعيد لبنان فإن لهذا الأمر تداعيات إيجابية، لا شك على الاقتصاد اللبناني لناحية تصريف منتجاته الزراعية ولكن تبقى الكرة في ملعب الحكومة المقبلة فهل ستستمر بسياسة النعامة وتبقي على رأسها مطمورا في الرمال؟ أم ستبادر إلى الاتصال والتنسيق مع الحكومة السورية من اجل مصلحة لبنان الاقتصادية التي أقر الجميع بأنه يعاني وضعا اقتصاديا صعبا وهو يحتاج لكل مساعدة؟.
خالد المعلم/ الثبات