هل خان جبرائيل في تبليغه الرّسالة؟!

السبت 30 يونيو 2018 - 08:06 بتوقيت مكة
هل خان جبرائيل في تبليغه الرّسالة؟!

هناك من يدّعي ظلماً أن الشيعة الإمامية يقولون بأنّ جبرائيل خان رسالة ربّه، وبدلاً من أن ينزلها على عليّ(ع)، أنزلها على رسول الله(ص)!...

محمد عبد الله فضل الله

جبرائيل(ع) هو من الملائكة المكرَّمين عند الله تعالى، وقد أوكله بأمر الوحي ونزل به على سيّدنا محمّد(ص) {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ}[الشّعراء: 193- 194]، وقد نفذ ما عليه من مهمة تبليغ الوحي بكلّ أمانة وطاعة لله تعالى.

ولكنّ هناك من يدّعي ظلماً أن الشيعة الإمامية يقولون بأنّ جبرائيل خان رسالة ربّه، وبدلاً من أن ينزلها على عليّ(ع)، أنزلها على رسول الله(ص)! وهذا خطأ جسيم، وغلوّ مستنكر، لأنّ الشيعة لا يقولون بذلك نهائيّاً، ويرون أنّ الرّسول(ص) مقدَّم على الناس أجمعين، وهو سيد الخلق والرسل، ورسول من ربّ العالمين، نصر دين الله، وجاهد في سبيله، وصبر وتحمّل الأذى الكثير.

إنّ ما يُرمَى به الشّيعة بهذه الدعوة هو محض افتراء، بغية تشويه عقيدتهم، وضرب تاريخهم الطويل من العطاء والتّضحيات، وهم الّذين يعرفون منزلة جبريل أمين الوحي، ويجلّونه كملك مقرَّب من الله تعالى، ويعدون أيّ افتراء على مكانة هذا الملك، هو نقيض لنصّ القرآن الواضح الذي وبّخ اليهود في افترائهم على جبريل(ع). قال الله عَزَّ وجَلَّ: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ* مَنْ كَانَ عَدُوًّا لله وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ}.

وفي هذا السّياق، نذكر ما أوضحه سماحة العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض) في هذه المسألة وما يتعلق بها، حيث قال:

"أمَّا الحديث عن أنّ جبرائيل خان الأمانة، فهو حديثٌ سخيفٌ أقربُ إلى الخرافة منه إلى الحقيقة. نحن نعتقد أنَّ الله سبحانه وتعالى أرسل رسوله بالهدى ودين الحقّ، وأن الله سبحانه وتعالى أرسل جبرائيل الأمين ليحمل الرسالة إلى رسول الله محمّد(ص)، وكلّ من يعتقد غير ذلك هو منحرف عن الإسلام كلّه. ولعلّ ما يشبه ذلك، ما كنا نسمعه مما يُروى في بعض أوساط المسلمين السنّة عن النبي(ص)، وهو حديث لا يصل إلى الثّقة، "ما أبطأ الوحي عني حتى ظننت أنه نـزل في آل الخطّاب". إننا نعتقد أنّ الحديث عن خيانة جبرائيل هو حديث عن خطِّ من خطوط الكفر، وهو إساءة إلى الله تعالى، لأنَّ الله لا يمكن أن يأتمن على وحيه شخصاً خائناً، وخصوصاً أنَّ الملائكة معصومون {لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}(الأنبياء: 27). لذلك، فإنّ هذه المقولة ليس لها أيّ أساس، لا في أحاديث الشّيعة، ولا في اعتقاداتهم من قريب أو بعيد.

أمّا مسألة الغلوّ في عليّ(ع)، فإنّنا نعتبر أنّ الغلوّ في عليّ، واعتقاد ألوهيّته، أو ما يقرب من الألوهيّة، هو كفر، ويعتبر معتقده كافراً كبقيّة الكفّار الآخرين، لأنّه لا فرق بين أن نشرك بالله تعالى غيره، أو أن نشرك بالله تعالى عليّاً أو غير عليّ. ولكن عليّاً(ع) كان عبد الله، وكان تلميذ رسول الله(ص)، وهو الذي قال: "علَّمني رسول الله ألف باب من العلم، فُتَح لي من كلِّ باب ألف باب"، فهو تلميذ رسول الله وربيبه، وقد كان علمه من علم الرسول(ص). ونحن نعتقد أنّ رسول الله هو أفضل من عليّ، وهو أستاذه، وهو الرسول الذي يؤمن به عليّ(ع)، حتى ورد عندنا في حديث عن أحد أئمة أهل البيت(ع) يقول: "والله ما شيعتنا إلا من اتَّقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون إلاّ بالتواضع والتخشّع والأمانة وكثرة ذكر الله والصّلاة والصّوم، وبرّ الوالدين، وتعاهد الجيران والفقراء والمساكين والغارمين والأيتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكفّ الألسن عن النّاس إلّا من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء" ـ ثم قال ـ "أحسب الرّجل أن يقول أحبُّ عليّاً وأتولّاه، ثمّ لا يكون فعّالاً، فلو قال: أحبّ رسول الله، ورسول الله خير من علي، ثمَّ لا يتبع سيرته، ولا يعمل بسنّته، ما نفعه حبّه إيّاه شيئاً" ـ ثم قال ـ "من كان مطيعاً لله فهو لنا وليّ، ومن كان عاصياً لله فهو لنا عدوّ. والله ما تُنال ولايتنا إلا بالورع".

ولذلك، فنحن نعتقد أنّ رسول الله(ص) هو سيّد ولد آدم، وهو أستاذ علي، وعلي تلميذه وربيبه.

المصدر: موقع بينات

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

السبت 30 يونيو 2018 - 07:12 بتوقيت مكة