وشنت القوات المسلحة المصرية فی الشهور الماضیة عددًا من الهجمات الجوية والبرية التي تستهدف مخازن سلاح وتمركز تابعة للجماعات المسلحة بشمال ووسط سيناء، فيما عرفت بـ"العملية الشاملة سيناء 2018"، إضافة إلى تشديد الإجراءات الأمنية لتأمين المناطق الحيوية.
وأعلنت وزارة الداخلية رفع درجة الاستعداد الأمني القصوى في جميع المحافظات وتعزيز تأمين المناطق المحيطة بالمنشآت الحيوية، وتشديد الإجراءات الأمنية وتكثيف الأكمنة داخل المحافظات وعلى الطرق، بخلاف شن عدد من الحملات الأمنية على بعض المناطق النائية.
"العملية الشاملة سيناء 2018" لم تكن الأولى التي قامت بها قوات الجيش المصري ضد الجماعات المسلحة سواء في سيناء أو خارجها، حيث شنت قبلها قرابة 5 عمليات متتالية على مدار الست سنوات الأخيرة منذ 2011 وحتى الآن.
وبدأت عملية نسر1.. في 12 من أغسطس 2011، عقب عدة تفجيرات استهدفت تصدير الغاز إلى "الکیان الصهیوني". وبحسب الخبراء هذه العملیة اثبتت بأن النظام المصري و بالأسف الشدید یرید ان یومن خطوط امداد الغاز للکیان الصهیوني الغاصب لفلسطین بدلا من مواجهة هذا الکیان الذي حاصر الشعب الفلسطیني المظلوم في غزة لمدة اکثر من عقد من الزمن. وقام النظام المصری سیما حکومة الرئیس عبدالفتاح السیسي بالتعاون مع الکیان الصهیوني بفرض الحصار الخانق علی اهل غزة من خلال اغلاق معبر رفح فی السنوات الماضیة بدلا من دعم نضال هذا الشعب ضد الکیان الصهیوني.
وخلال عملية نسر 2.. في 5 من أغسطس 2012، شن الجيش المصري حملة عسكرية لتطهير سيناء مما أسماه حينها بـ"البؤر الإرهابية"؛ ردًا على مقتل 16 جنديًا في هجوم مسلح بالقرب من معبر كرم أبوسالم بمحافظة شمال سيناء.
وفي سبتمبر 2015، أعلن الجيش عملية عسكرية باسم "حق الشهيد"، للقضاء على العناصر المسلحة في عدة مناطق بمحافظة شمال سيناء، واستمرت المرحلة الأولى منها 16 يومًا، أُعلن خلالها مقتل العشرات من المسلحين.
وخلال الضربة الجوية بليبيا 2.. في 26 من مايو 2017، وعقب مقتل 28 شخصًا وإصابة 25 في هجوم استهدف حافلات تقل أقباطًا، في الطريق المؤدية لدير الأنبا صموئيل المعترف بمدينة العدوة بالمنيا، أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة شن القوات الجوية ضربة جوية على أحد مراكز تدريب الجماعات المسلحة في ليبيا.
وخلال العمليات الخمسة، كان التحرك يأتي في إطار رد الفعل على العمليات التي تقوم بها الجماعات المسلحة، ومن ثم يكون الثأر والرد عليها، إلا أن العملية الجدیدة لم تكن كذلك، إذ كانت بإعلان مسبق من الجيش، وهو ما أثار بعض التساؤلات عن توقيتها الذي يأتي في سياق سياسي وأمني ذي طبيعة استثنائية.
أتت هذه العملية قبيل إجراء الانتخابات الرئاسية في مارس/آذار، وهي الانتخابات التي أثارت حالة من الجدل بسبب عدم وجود منافسين حقيقيين أمام السيسي بعد إجبار المرشحين المحتملين كافة على التراجع إما بالانسحاب كما حدث مع 3 منهم (أحمد شفيق - محمد أنور السادات - خالد علي) أو الاعتقال كما حدث مع (سامي عنان وأحمد قنصوة)، ولم يعد أمام السيسي سوى مرشح واحد فقط تم الدفع به في اللحظات الأخيرة في محاولة لإخراج المشهد بصورة أقل قتامة مما عليه، وحتى هذا الأخير باتت مشاركته محل شك بعد الطعن عليه بسبب بعض المخالفات.
دلالة التوقيت أيضًا تتضح بصورة كبيرة بالعودة إلى الوراء قليلاً، وبالتحديد نهاية نوفمبر الماضي، حيث أصدر السيسي تكليفًا لكل من رئيس الأركان الفريق محمد فريد حجازي ووزير الداخلية مجدي عبدالغفار، بالانتهاء من تأمين سيناء والقضاء على نفوذ الحركات المسلحة خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر وهو التكليف الذي أتى في أعقاب هجوم عناصر مسلحة على مسجد بلال بقرية الروضة خلال صلاة الجمعة، مما أسفر عن سقوط 300 قتيل على الأقل.
5 تساؤلات تبحث عن إجابة
أثارت العملية منذ انطلاقها ، عددًا من التساؤلات لدى رجل الشارع في محاولة للبحث عن إجابة لها، في ظل حالة التعتيم المفروضة عليها، تتمحور معظمها حول خمسة محاور رئيسية.
السؤال الأول: هل للعملية علاقة بصفقة ترامب؟ فرض هذا التساؤل نفسه مع الساعات الأولى لإعلان العملية الشاملة في سيناء، خاصة أنها كما ذكرنا سابقًا لم تكن ردة فعل على عملية مسلحة كما اعتاد المصريون خلال السنوات الأخيرة، البعض هنا تساءل عن العلاقة بينها وبين صفقة ترامب التي نوه عنها الرئيس الأمريكي، قبل عدة أشهر، وذكرها السيسي أكثر من مرة في خطابات له.
هذا التساؤل بات محل جدال لدى كثير من المصريين خاصة بعد إجراءات التهجير التي تقوم بها السلطات المصرية ضد أهالي سيناء، التي بدأت إرهاصاتها الأولى قبل ما يزيد على 3 أعوام حين تم إعلان الحرب ضد الجماعات المسلحة في سيناء، حيث تم تهجير عشرات الأسر من مناطق رفح والشيخ زويد على أمل العودة خلال أشهر قليلة، وها هي الحرب تدخل عامها الرابع دون عودة أي من المهجرين.
تأتي هذه التحركات بالتزامن مع ما يثار بشأن إخلاء بعض المناطق الواقعة بمحيط حرم مطار العريش وتهجير سكانها لمسافة ربما تقارب عشرات الكيلومترات في أعقاب استهداف إحدى الطائرات بالمطار في أثناء زيارة وزيري الداخلية والدفاع قبل أقل من شهر.
السؤال الثاني: هل تحمل هذه العملية استهدافًا للمعارضة الداخلية؟ القارئ للبيانات الثلاث الصادرة عن المتحدث الرسمي العسكري يلحظ أن جميعها تتحدث عن العمليات العسكرية، فيما عدا جملة في بيان رقم 1 أثارت قلق البعض نصت على: "بالتوازي مع مجابهة الجرائم الأخرى ذات التأثير على الأمن والاستقرار الداخلى"، وهو ما قد يفتح الباب نحو مزيد من تضييق الخناق على المعارضة والتصفية خارج القانون، خاصة أن العملية تزامنت مع بيان لوزارة الداخلية كشفت فيه مقتل 3 عناصر قالت إنهم تابعون لحركة "حسم" واعتقال 14 آخرين، هذا بخلاف مداهمة منزل نائب رئيس حزب مصر القوية واعتقاله.
السؤال الثالث: هل تهدف العملية حقًا إلى مداهمة البؤر الإرهابية؟ الإعلان المسبق عن العملية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وما سبقها من تسريب بشأن رفع درجة الاستعداد القصوى في مجال الخدمات الطبية والعسكرية كان محل تساؤل لدى البعض، إذ إن العملية كان يجب أن تكون في نطاق السرية حتى تحقق عنصر المفاجأة، أما وأنها قد سربت قبل موعدها وبصورة رسمية فإن في هذا رسالة واضحة للعناصر المسلحة باتخاذ الحيطة والاستعداد، مما دفع بعض المحللين إلى القول بأن هناك "شو إعلامي" من وراء هذا التضخيم أكثر منه رغبة حقيقية في المواجهة.
القارئ للبيانات الثلاث الصادرة عن المتحدث الرسمي العسكري يلحظ أن جميعها تتحدث عن العمليات العسكرية، فيما عدا جملة في بيان رقم 1 أثارت قلق البعض
السؤال الرابع: هل هناك علاقة بما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" بشأن تحالف سري مع "الکیان الصهیوني"؟ حيث نشرت الصحيفة الأمريكية مقالاً عن طريق مراسلها ديفيد كيركباتريك، كشف فيه قيام تل أبيب بتنفيذ نحو 100 هجمة جوية في سيناء خلال العامين الماضيين بموافقة السيسي، وهو ما دفع البعض إلى الربط بين العملية الشاملة وما أثير بشأن التعاون مع الكيان الصهيوني في محاولة لغسل سمعة الجيش من هذا الاتهام الذي نفته القاهرة رسميًا.
السؤال الخامس: ما مصير أهالي سيناء بعد هذه العملية؟ شهادات بعض أهالي سيناء عن فرض ما يشبه بالعزلة عليهم تزيد من حدة القلق، حيث تعليق الدراسة، ومنع قوات الجيش والشرطة المتمركزة على معديات قناة السويس ونفق الشهيد أحمد حمدي، من دخول أو خروج الأفراد من شمال وجنوب سيناء، كذلك إغلاق الطريق الدولي الساحلي لمحافظة شمال سيناء المار بجميع مدنها ومنع جميع المسافرين من المغادرة، هذا بخلاف غلق معبر رفح لأجل غير مسمى.
وایضا کي لاننسی بأن من الممکن أن یکون کل هذا غطاء علی موجة الغلاء و رفع الأسعار الذي سببها حکومة السیسي و هو حلیف للکیان الصهیوني و آل سعود اللذان یریدان إخماد شرارة نضال الشعب الفلسطیني بای شکل من الأشکال من خلال حلفائهم خاصة أن الحرب على الإرهاب تعد السلاح الأكثر فاعلية في يد السيسي للهروب من الأزمات التي يواجهها منذ توليه مقاليد الحکم وأیضا من أجل حرف الشعب المصري الذي ناضل الکیان الصهیوني فی العقود الماضیة من دعم مسیرات العودة فی قطاع غزة.
31