وجاء في مقال نشره ظريف في وسائل الاعلام المحلية، أن الإتفاق النووي الإيراني مع (5+1) (برنامج العمل المشترك الشامل حول المشروع النووي الإيراني) يعَدّ ثالث إتفاقية دولية انسحبت الحكومة الأمريكية منها بعد انسحابها من إتفاقية شراكة المحيط الهادئ وإتفاقية باريس للمناخ. كما أنها من خلال سلوكها قد عرّضت للخطر عددا آخر من الإتفاقيات، كإتفاقية نافتا ونظام التجارة الحرة وأجزاء من نظام الأمم المتحدة، وألحقت خسارة كبيرة بنظام التعددية وآفاق حل الخلافات بالطرق الدبلوماسية.
وقال، لقد جاء القرار الأمريكي بالانسحاب من الإتفاق النووي الإيراني وإعادة فرض العقوبات النووية على إيران في 8 مايو 2018 بشكل أحادي الجانب وبطريقة غير قانونية، بل وعلى خلاف رأي الشعب الأمريكي، ليشكل ذروة حالات نكث العهد والانتهاك المتكرر لهذا الإتفاق من قبل الحكومة الأمريكية. بينما الوكالة الدولية للطاقة، بصفتها المؤسسة الوحيدة الدولية التخصصية المؤهلة، قد أكدت مرارا وتكرارا التزام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتعهداتها وفق الإتفاق النووي. وقد واجه هذا القرار الأميركي إحتجاج المجتمع الدولي وحتى شركاء أمريكا القريبين منها كالاتحاد الأوروبي وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.
واضاف، كما أن وزير الخارجية الأمريكي الجديد، أدلي في 21مايو 2018 بتصريحات واهية مسيئة ذات طابع تدخلي، أثار خلالها بعض المطالب ووجه تهديدات ضد إيران، مما يتعارض تعارضا سافرا مع الأعراف الدولية المعترف بها، كما يتعارض تماما مع أحكام القانون الدولي والسلوك الحضاري. إن هذه التصريحات، قبل أي شيء، تمثل رد فعل مرتبك من قبل الحكومة الأمريكية تجاه الموقف الدولي الموحد والمعارض للجهود الأمريكية الرامية الى القضاء على الإتفاق النووي، وتجاه العزلة الناتجة عنها. والواقع أن السيد بومبيو حاول خلال هذه التصريحات تبرير الانسحاب الأمريكي من الإتفاق النووي المتعدد الأطراف، وحرف الرأي العام الدولي عن هذا العمل غيرالقانوني وانتهاك قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 الذي كانت الحكومة الأمريكية قد اقترحت نصه وتم إقراره بالإجماع. فقد كانت الشروط الـ 12 المطروحة في كلمة الوزير الأمريكي مضحكة لأن أميركا نفسها هي التي قد أصبحت في عزلة بسبب تفردها ومحاولتها لإضعاف مسار التعددية. فليس بلا سبب يلاحَظ أن هذه الكلمة وكلمة الرئيس الأمريكي قد واجهتا موقفا سلبيا وعدم اهتمام من المجتمع الدولي وحتى من قبل أصدقاء أميركا، ولم يدعمهما إلا عدد قليل من السائرين في الفلك الأمريكي في منطقتنا.
وتابع، إنني أشك في أن وزير الخارجية الأميركي كان يدلي بمثل هذه التصريحات لو كان لديه قليل من المعلومات عن تاريخ إيران وحضارتها وعن النضال التاريخي للشعب الإيراني من أجل الاستقلال والحرية، أو علم أن النظام السياسي القائم في إيران، على خلاف أنظمة بعض حلفاء أميركا في المنطقة، هو نظام منبعث من ثورة شعبية ويقوم على إرادة الشعب، عليه أن يدرك بأن أحد التطلعات الكبرى للشعب الإيراني كان يتمثل في وضع نهاية للتدخل الأجنبي في إيران، هذا التدخّل الذي قد بلغ حده الأقصي خلال فترة الـ 25 سنة بعد الانقلاب العسكري الذي وقع عام 1953م. عليه أن يعلم أنه خلال العقود الأربعة المنصرمة قد وقف الشعب الإيراني شامخا مرفوع الرأس بوجه مختلف أنواع الاعتداءات والضغوط الأمريكية، بما فيها محاولاتها لتمرير الانقلاب والتدخل العسكري، ودعمها للمعتدي خلال الحرب المفروضة على إيران، وفرضها عقوبات أحادية الجانب وتعميمها على خارج حدودها، وحتى قيامها بإسقاط طائرة ركاب مدنية إيرانية وما إليها... فلن ينسي الشعب الإيراني هذه الوقائع أبدا.
واضاف، إن أكبر سند للنظام السياسي الإيراني هو الشعب الإيراني المتحرر المسالم، الذي يقبل التعامل البنّاء مع العالم على أساس الاحترام المتبادل، وفي نفس الوقت مستعد في صف واحد وبصوت واحد للمقاومة والتصدي للبلطجة والابتزاز، والدفاع عن استقلاله وعزّته. ويشهد التأريخ أن كل الغزاة الذين هاجموا هذه الأرض العريقة المتحضرة، كأمثال صدام وحماته، كان مصيرهم الذل والهوان، وبقيت إيران تواصل طريقها شامخة مرفوعة الرأس مستبشرة بمستقبلها المشرق.
وقال، المؤسف أن السياسة الخارجية الأمريكية ـ إن كانت هناك سياسة فعلا ـ بما فيها سياستها تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بُنيت أسسها، خلال فترة السنة والنصف المنصرمة،على تصورات واهية وأوهام فارغة، وإنني إذ أرفض التهم الواهية الموجّهة باستمرار من قبل كل من الرئيس الأمريكي ووزير الخارجية الأمريكي، والتي تعتبر تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية الإيرانية وتهديدا بلا مسوغ قانوني ضد أحد أعضاء الأمم المتحدة، وتتعارض بوضوح مع تعهدات أميركا الدولية بموجب ميثاق الأمم المتحدة ومعاهدة عام 1955م وبيان الجزائر لعام 1980م، أود لفت انتباه قادة الولايات المتحدة الىبعض جوانب السياسة الخارجية المتبعة من قبل هذه الحكومة والتي تلحق الخسارة بالمجتمع العالمي كافة:
1 . نمط سلوك الرئيس الأمريكي وقراراته الفجائية البعيدة عن المنطق، ومحاولات حاشيته لإيجاد مبررات وأعذار لغرض إقناع المخاطبين في الداخل والخارج، قد تحول مع الأسف الىسمة بارزة لمسار اتخاذ القرارات في واشنطن خلال الـ 17 شهراً الماضية. إن اتخاذ مثل هذه القرارات وإطلاق التصريحات غير المدروسة المرتبكة لتبريرها، يؤدي عادة إلى التناقض في الأقوال والأفعال. فعلى سبيل المثال، نرى أن السيد بومبيو، مرة في جلسة استماع الكونغرس بصفته رئيسا للسي آي أي، وفي معرض الإجابة على سؤال النواب، يؤكد قائلا بأن: إيران لم تخرق بنود الإتفاق النووي، لكنه بعد قرار الرئيس الأمريكي بالانسحاب من الإتفاق المذكور، صرّح خلال كلمته في 21مايو 2018م بأن إيران قد خرقت بنود الإتفاق النووي، وذلك خلافا لكلامه السابق وخلافا للآراء التخصصية الصادرة بهذا الشأن من الوكالة الدولية للطاقة النووية!
2. ليس من قبيل المبالغة إذا قيل أن بعض جوانب السياسة الخارجية الأمريكية قد تم عرضها للمزاد العلني خلال هذه الفترة، وذلك يعني أن الأمر يتجاوز كثيرا حدود عمليات اللوبي المعتادة. على سبيل المثال، لم يسبق لرئيس أمريكي حتى اليوم، أن يكرر خلال فترة حملته الانتخابية وصف دولة بأنها (دولة متحجرة داعمة للإرهاب)، ثم يختار هذه الدولة مقصدا لأول رحلة خارجية له، أو يجعل علنا بعض جوانب السياسة الخارجية الأمريكية مشروطة ومتوقفة على شراء الأسلحة أو سلع أخري من قبل هذه الدولة أو تلك. حتى إن هناك تقارير تشير إلى حالات أصبحت مصالح مادية بحتة معظمها لاشرعية تشكل منطلق العمل في السياسة الخارجية الأمريكية.
3. إهمال القوانين والأنظمة الدولية والعمل على تدمير أي شرعية في النظام الدولي، من الوجوه البارزة الأخرى للسياسة الخارجية المتبعة من قبل الإدارة الأمريكية الحالية، إلى درجة أنه بموجب التقارير الخبرية، كان مندوبو الولايات المتحدة قد عارضوا إدراج تعابير تؤكد ضرورة رفع مستوي (النظام الدولي المبني على القانون) خلال مناقشة بيان اجتماع مجموعة الـ 7 في كندا. وبدأت إدارة ترامب نهجها المدمر هذا من خلال رفضها لمبدأ (الوفاء بالعهد) الأساسي. إن انسحاب أميركا من عدد من الإتفاقيات الدولية وتعريضها لعدد آخر منها للخطر، سيما الإجراءات التي هي بصدد تنفيذها ضد المنظمات الدولية، كل ذلك نماذج عن الإجراءات التدميرية التي قامت بها هذه الإدارة حتى الآن، مما جعل ـ للأسف آفاق النظام الدولي مظلمة، ومن البديهي أن الاستمرار في مثل هذه السياسات من شأنه أن يعرض استقرار المجتمع الدولي للخطر ويجعل الحكومة الأمريكية في موقع (متمرد دولي خارج على القانون).
4. الاستغراق في الأحلام والاعتماد على الأوهام، يشكل وجها آخر من السياسة الخارجية للحكومة الأمريكية، وهذا النمط من التعامل الأمريكي ظهر جليا في السياسة الخارجية بخاصة فيما يرتبط بمنطقة غرب آسيا. إن الإجراءات الأمريكية اللاشرعية الخطرة فيما يخص القدس الشريف، والدعم الأعمي للإجراءات الوحشية التي يقوم بها الكيان الصهيوني في غزة، والقيام بحملات جوية وصاروخية على بعض المناطق في سوريا،... كلها من الوجوه البارزة لهذه السياسة غير المبدئية.
وتابع وزير الخارجية الايراني، إن تصريحات السيد بومبيو في يوم 21 مايو تمثل ذروة التوهم الذي يعتري المسؤولين في الإدارة الأمريكية الحالية حول منطقتنا. ففي الوقت الذي أصبح المجتمع الدولي يتردد بشكل جدي في إمكانية إجراء الحوار والتفاهم مع الإدارة الأمريكية الحالية حول أي موضوع، يأتي وزير خارجية الولايات المتحدة ليضع شروطا لإجراء المباحثات والتفاهم مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. إن الحكومة التي انتهكت الإتفاق النووي الذي جاء نتيجة لمئات الساعات من المباحثات الثنائية ومتعددة الأطراف بحضور مسؤولين أميركيين على أعلى المستويات، والذي تحول الىتعهد دولي بموجب المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة من خلال قرار تبنته الحكومة الأمريكية نفسها في مجلس الأمن الدولي وأقره كل أعضاء هذا المجلس الذي تكون أمريكا من أعضائه الدائمين، نعم، كيف يمكن لمثل هذه الحكومة أن تتوقع إجراء مباحثات جديدة معها؟ حتى إن التبرير المضحك المتمثل في جواز الانسحاب من الإتفاق النووي لكونه نتيجة مباحثات أجرته الإدارة الأمريكية السابقة، يبقي تبريرا باطلا مرفوضا بعد الأعمال والتصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي الذي أثبت أنه سينقض إتفاق شخص رئيس الجمهورية في غضون ساعات. فمبادرة الرئيس الأمريكي الىالانسحاب من إعلان مجموعة الـ 7 يعدّ نموذجا بارزا على هذا النهج السلوكي المناقض للقانون. كما أن تصريحات الرئيس الأميركي خلال مقابلة صحفية أجراها بعد لقائه مع زعيم كوريا الشمالية على الفور، يشكل نموذجا آخر من تعامل حكومة خطرة وغير عقلانية. تري هل يتوقع وزير الخارجية الأميركي من الجمهورية الإسلامية أن تدخل في مفاوضات مع حكومة يعلن رئيسها: إذا أدركت بعد ستة أشهر أنني قد أخطأت، فإنني سأجد ذريعة ما؟ وهل لمثل هذه الحكومة أن تضع الشروط لإيران في محاولة لوضع الشاكي مكان المتشاكي؟ لقد نسي هذا الوزير أن الحكومة الأميركية الحالية هي التي يجب عليها إثبات مصداقية كلامها وتوقيعها، لا ذلك الطرف الذي التزم بوعوده وتعهداته الدولية. الواقع أن الإدارات الأمريكية المتلاحقة عبر سبعة عقود منصرمة هي التي يجب عليها أن تخضع للمساءلة بسبب إهمالها للقوانين الدولية ونقضها الصارخ للإتفاقيات الثنائية ومتعددة الأطراف مع إيران. إن قائمة وجيزة بمطالبات الشعب الإيراني والحكومة الإيرانية لحكومة الولايات المتحدة، من شأنها أن تتضمن، على أقل تقدير ـ مايلي:
1. على الحكومة الأميركية أن تحترم استقلال إيران وسيادتها الوطنية، وتعطي ضمانا بأنها ستنهي تدخلاتها في إيران بموجب ما تعهدت به عبر معاهدة الجزائر لعام 1980م.
2. على الحكومة الأميركية أن تتخلي رسميا عن أسلوب التهديد واستخدام القوة كأداة للسياسة الخارجية ضد الجمهورية الأسلامية الإيرانية وغيرها من الدول، مما يتناقض مع المبادئ الآمرة في القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وقد ألحق خسائر جمة بشعوب العالم وشعوب منطقتنا والشعب الأميركي.
3. على الحكومة الأميركية أن تحترم حصانة حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأمر الذي يعتبر من المبادئ الأساسية للقانون الدولي، وأن تلغي ما أصدرته من أحكام تعسفية غير قانونية وتكفّ عن تطبيقها سواء داخل الولايات المتحدة أو في سائر الدول.
4. على الحكومة الأميركية أن تعترف بالأعمال غير القانونية التالية التي قامت بها طوال العقود المنصرمة ضد الشعب الإيراني، كما عليها أن تقوم بالتعويض عن الخسائر التي لحقت بالشعب الإيراني من جراء ذلك وتقدم ضمانا يمكن اختبار مصداقيته بأنها ستكف عن الاستمرار فيها والعودة إليها:
- دورها في الانقلاب العسكري الذي أدي في 19 آب 1953م الى إسقاط الحكومة الوطنية الشرعية في إيران، وألحق خسائر وأضرارا كبيرة بالشعب الإيراني من جراء استمرار الحكومة الانقلابية المستبدة في إيران طوال مدة 25 سنة.
- قيامها بحجز ومصادرة عشرات المليارات من الدولارات من أموال وممتلكات الشعب الإيراني بلا مسوغ قانوني، سواء ما تم تجميده منها في أميركا بعد انتصار الثورة الإسلامية عام 1979م، أو ما تمت مصادرته خلال الأعوام الماضية تحت ذرائع واهية وبغير مسوغ قانوني.
- اعتداؤها العسكري على الأراضي الإيرانية عام 1980م وانتهاكها الصارخ والسافر لسيادة إيران ووحدة أراضيها.
- مساعداتها العسكرية والتسليحية والاستخباراتية السخية للدكتاتور العراقي المقبور صدام حسين خلال فترة 8 سنوات من الحرب المفروضة على الشعب الإيراني.
- دورها المباشر في معاناة عدد كبير من الإيرانيين المصابين بالأسلحة الكيمياوية العراقية التي تم تزويد صدام بأجزائها من قبل أمريكا وحلفائها الغربيين.
- إسقاط طائرة الركاب المدنية الإيرانية بواسطة فرقاطة وينسنس الأميركية في 3 يوليو 1988م مما أودي بحياة ما يزيد على 290 مدنياً بريئاً من الركاب والطاقم، ثم منح نوط الشجاعة لقائد تلك الفرقاطة.
- قيامها بضرب المنصات النفطية الأيرانية عبر هجمات متكررة خلال ربيع عام 1988م.
- توجيه تهم وإساءات واهية الى الشعب الإيراني الابي باستمرار؛ كتسميتها الشعب الإيراني بـ (الشعب المتمرد المجرم) أو (الشعب الإرهابي) أو (محور الشر).
- إدراج المسلمين بمن فيهم المواطنون الإيرانيون في قائمة الممنوعين من دخول الأراضي الأميركية وذلك بأسلوب غيرقانوني وعنصري وغيرمبرر. إن الإيرانيين في أمريكا هم من أكثر الجاليات نجاحا وثقافة والتزاما بالقانون، كما أنهم قدموا خدمات كبيرة لمجتمعهم. وها هم اليوم محرومون من اللقاء بأقربائهم حتى الجدّ والجدة.
- قيامها بإيواء أشخاص من دعاة ممارسة العنف ضد إيران في أميركا وحماية الجماعات الشريرة من الميليشيات والمنظمات الإرهابية التي كانت بعضها طوال سنوات ضمن قائمة الجماعات الإرهابية لدي الحكومة الأميركية نفسها ثم تم شطبها من هذه القائمة قبل عدة سنوات بفعل محاولات لوبي مؤججي الحروب ومن يتقاضون الرواتب من هذه المنظمات ممن أصبح بعضهم اليوم في عداد المسؤولين من الطراز الأول في الإدارة الأميركية الحالية.
- دعمها للمنظمة الاستخباراتية التابعة للكيان الصهيوني (موساد) لغرض القيام بأعمال إرهابية أسفرت عن استشهاد علماء نوويين إيرانيين.
- قيامها بعمليات التخريب في المشروع النووي الإيراني من خلال الحروب السايبرية.
- العمل على تزوير المستندات وخداع المجتمع الدولي والترويج للأزمة المفتعلة.
5. على الحكومة الأميركية أن تتخلي عن سياساتها العدوانية وعدوانها الاقتصادي المستمر طوال أربعة عقود ماضية ضد الشعب الإيراني، وأن تلغي العقوبات الظالمة الواسعة النطاق والمباشرة والتي تتعدي حدود أمريكا، وتوقف فورا مئات من اللوائح والأوامر التنفيذية الصادرة بهدف عرقلة المسار الطبيعي للتنمية في إيران، مما يشكل انتهاكا سافرا للقانون الدولي والمعاهدات النافذة، وتم إدانته من قبل الجميع، وتقوم بالتعويض عن الخسائر الجسيمة التي لحقت بشعب إيران واقتصادها من جراء ذلك.
6. على الحكومة الأميركية أن توقف فورا أسلوبها في الغدر ونقض للعهد ونقضها السافر للإتفاق النووي مما ألحق بإيران خسائر مباشرة وغير مباشرة تبلغ مئات المليارات من الدولارات بسبب فرض الحظر على التجارة مع إيران والاستثمار فيها، وأن تعوّض عن الخسائر التي ألحقت بالشعب الإيراني، وتتعهد بطريقة يمكن اختبار مصداقيتها بأنها تنفذ دون قيد أو شرط كل ما تعهدت به في الإتفاق النووي، وأنها بموجب ما نص عليه الإتفاق النووي ستمتنع عن أي عمل يعرقل طريق تطبيع العلاقات الاقتصادية الإيرانية.
7. على الحكومة الأميركية أن تبادر فورا الى إطلاق سراح جميع المواطنين الإيرانيين وغير الإيرانيين ممن وُجّهت إليهم تهم مفتعلة بخرق العقوبات المفروضة على إيران فأودعوا السجون الأميركية أو تم اعتقالهم في سائر الدول بفعل الضغوط اللاقانونية من قبل الحكومة الأميركية لغرض تسليمهم الى أميركا وهم يعانون أقسي الظروف تحت الاعتقال اللاقانوني، كما يجب أن تقوم بالتعويض عن الخسائر التي لحقت بهؤلاء وذويهم، حيث يوجد بينهم نساء حوامل وشيوخ طاعنين في السن ومرضي، وقد لقي البعض منهم حتفه في السجن.
8. على الحكومة الأميركية أن تعترف بتداعيات غزوها العدواني التدخلي لهذه المنطقة، بما فيها العراق وأفغانستان وكذلك الخليج الفارسي، وتسحب قواتها من المنطقة وتضع نهاية لتدخلها في شؤون المنطقة.
9. على الحكومة الأميركية أن تضع نهاية للسياسات والإجراءات التي أدت الى إيجاد جماعة داعش الإرهابية اللاإنسانية وغيرها من الجماعات المتطرفة، وترغم حلفاءها في المنطقة على إيقاف الدعم المالى والتسليحي والسياسي للجماعات المتطرفة في هذه المنطقة وفي العالم وذلك بطريقة يمكن اختبار مدي مصداقيتها.
10. على الحكومة الأميركية أن تتخلي عن توفير السلاح للطرف المعتدي في اليمن والمشاركة في الهجمات المتكررة على الشعب اليمني المظلوم وقتل الآلاف من أبنائه وتدمير بلده، وأن ترغم حلفاءها على إنهاء العدوان على الشعب اليمني والتعويض عن الخسائر الناجمة عنه.
11. على الحكومة الأميركية أن تحترم القوانين والأنظمة الدولية وتبادر الى وقف دعمها اللامحدود للكيان الصهيوني وتدين سياسة الأبارتهايد والانتهاك المستمر لحقوق الإنسان من قبل هذا الكيان، وتدعم بشكل فعلى حقوق الشعب الفلسطيني وبوجه خاص حقه في تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف.
12. على الحكومة الأميركية أن تبادر الى وقف بيع الأسلحة الفتاكة ـ وليست الجميلة ـ بقيمة مئات المليارات من الدولارات الى المناطق المتأزمة في العالم وبخاصة منطقة غرب آسيا. فبدلا من أن تحول المناطق المتأزمة الى مستودع بارود، يجب أن تدع هذه المبالغ الباهظة توظّف لتنمية الدول ومكافحة الفقر في العالم. حيث أن جزءاً من نفقات شراء الأسلحة من قبل زبائن أميركا من شأنه أن يكون عاملا لإزالة الجوع والفقر المدقع، وتوفير المياه الصالحة للشرب، ومكافحة الأمراض و... في كل أرجاء العالم.
13. على الحكومة الأميركية أن تتخلي عن معارضتها لموقف المجتمع الدولي المطالب منذ خمسة عقود باخلاء منطقة الشرق الاوسط من أسلحة الدمار الشامل ، وأن ترغم الكيان الصهيوني المحتل المعتدي على نزع سلاحه النووي، وتعمل على إزالة أكبر خطر يهدد فعلا السلام والأمن الإقليميين والعالميين أي وجود أفتك انواع الأسلحة بيد كيان هو أكبر معتد ومؤجج للحروب على مر التأريخ المعاصر.
14. على الحكومة الأميركية التخلي عن اعتمادها المتزايد على الأسلحة النووية ومنهج التهديد باستخدام هذه الأسلحة اللاإنسانية أمام الأخطار غيرالنووية، مما يعتبر انتهاكا سافرا لما تعهدت به تلك الحكومة بموجب المادة 6 من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، والقرار الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية، والبيان الصادر عن اجتماع مراجعة وتجديد معاهدة حظر الأسلحة النووية عام 1995م، وقرار مجلس الأمن رقم 984؛ وأن تعمل بواجبها الأخلاقي والقانوني والأمني في نزع السلاح النووي بشكل كامل، الأمر الذي يشكل مطلب الأغلبية الساحقة من أعضاء الأمم المتحدة وحتى وزراء خارجية أميركا السابقين، كما أنه مطلب كل أبناء البشر الموجودين على وجه الأرض بالتأكيد. فإن الحكومة الأميركية ـ باعتبارها الدولة الوحيدة التي سجلت في التأريخ باسمها عار استخدام السلاح النووي، عليها أن تخلـّص البشرية من كابوس المحرقة النووية العالمية المشؤوم والأمن الوهمي الذي أرسي بنيانه على أساس الزوال الحتمي للطرفين.
15. على الحكومة الأمريكية أن تتعهد لجميع الأطراف المتعاقدة معها وللمجتمع الدولي بأنها تحترم مبدأ الوفاء بالعهد الذي يعدّ أهم قاعدة في القانون الدولي ويمثل أساسا للعلاقات الإنسانية المتحضرة، وأن تتخلي رسميا، بل وأهم من ذلك عمليا، عن المنهج الخطر المتمثل في استغلال القانون الدولي والمنظمات الدولية كـ إحدي الأدوات المتواجدة في جعبة أدوات الولايات المتحدة.
واضاف ظريف، أن ما سبقت الإشارة إليه من سياسات حكومة الولايات المتحدة، تعدّ نموذجا من أسباب عدم ثقة الشعب الإيراني في حكومة الولايات المتحدة، ليس هذا فحسب، وإنما هي أحد الأسباب المهمة الرئيسية لانعدام العدالة وانتشار العنف والإرهاب والحرب وانعدام الأمن في العالم وعلى وجه الخصوص في منطقة غرب آسيا. ولم تؤت هذه السياسات ثمارا للشعب الأمريكي النبيل المتحضر سوي العبء الثقيل المالى والروحي وعزلة حقيقية لدي الرأي العام في الأغلبية الساحقة لدول العالم. فلم يجنِ ثمارها إلا عدد محدود من منتجي الأسلحة الفتاكة. وإذا امتلكت حكومة الولايات المتحدة شجاعة تمكنها من التخلي عن هذه السياسات رسميا وفعليا من أجل أمن ورفاهية شعبها، فإن عزلة أميركا الدولية في هذه الحالة تنتهي وتبرز صورة جديدة عن أميركا في إيران والعالم، وتتهيأ الظروف الملائمة لحركة مشتركة باتجاه الأمن والاستقرار والتنمية الشاملة والمستدامة.
وقال، يجب أن نعترف بأن التطلع الى تغيير سلوك الولايات المتحدة، مع الأسف، لا يبدو واقعيا على ضوء الظروف الراهنة، ولذلك بذلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية جهودها دوما على المستوي العالمي في سبيل الترويج التعددية والحوار واحترام سيادة القانون ونزع السلاح النووي، وذلك من خلال تقديم مبادرات من قبيل (حوار الحضارات) و(العالم ضد العنف والتطرف) والمشاركة الفعالة في المساعي العالمية الرامية الى تحقيق نزع سلاح نووي ونظام دولي مبني على القانون. كما أننا قدمنا حلولا عملية لحل الأزمة في كل من سوريا واليمن سلميا؛ وذلك منذ أوائل أيام هاتين الأزمتين، وشاركنا بفعالية في المبادرات السياسية الجادة، إلا أنه في كل هذه الأزمات قامت الولايات المتحدة، ومع الأسف، بحماية المعتدين والإرهابيين. كما أننا على أثر انسحاب أميركا من الإتفاق النووي بذلنا جهودا صادقة مع سائر أعضاء الإتفاقية المتبقين من أجل الحفاظ على هذا الإنجاز الدبلوماسي العالمي المهم ولانزال نواصل هذا المسار.
واضاف، انه وعلى الصعيد الوطني، عكفنا خلال العقود الأربعة الماضية على توفير الضمان لأمننا واستقرارنا من خلال الاستعانة بقدراتنا الذاتية الداخلية، وبالاعتماد على الشعب الإيراني الباسل العظيم، وليس بالإتكال على حماية الدول الأجنبية أو التبعية لها، فأصبحت إيران تزداد قوة وثباتا وتقدما يوما بعد يوم رغم كل الضغوط الخارجية ومع أقل قدر ممكن من النفقات التسليحية على مستوي المنطقة.
وتابع، أما على الصعيد الإقليمي، فإن إيران خلافا لأميركا وسياستها الخارجية، تعارض ـ بموجب أحكام دستورها ـ أي نوع من فرض الهيمنة أو الخصوع لها. وهي على قناعة بأن عهد الهيمنة العالمية والإقليمية قد ولّي. وأن السعي للسير في هذا الاتجاه يبقي بلا جدوي. إننا كدول هذه المنطقة يجب أن نحاول إيجاد منطقة أقوي وأكثر تقدما واستقرارا، بدلا من الرضوخ للهيمنة الأجنبية أو محاولة فرض الهيمنة على الجيران. إننا في إيران نري أمننا وتقدمنا في أمن واستقرار جيراننا ومنطقتنا. إننا وجيراننا يجمعنا تأريخ مشترك وثقافة مشتركة وتحديات وفرص متلازمة لا تنفصل عن بعضها البعض. ولا يمكننا أن نذيق حلاوة الأمن والاستقرار والتنمية لمواطنينا إلا في ظل تحقيق الأمن والاستقرار داخليا ودوليا لبعضنا البعض. ونأمل من سائر دول المنطقة أن يكون لديها توجه مماثل، وأن تركز على الحوار والفهم المشترك وبناء الثقة وتضافر الجهود والتعاون مع الجيران، بدلا من تبنّي المنهج الذي سبق اختباره وفشله والمتمثل في شراء الأمن وإناطته بالخارج.
واكد قائلا، إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تري أن أفضل طريق لحلحلة الأزمات الإقليمية وتحقيق منطقة أقوي يتمثل في تشكيل (مجمع الحوار الإقليمي في الخليج الفارسي)، لكي يبدأ في اتخاذ الإجراءات التي تبني الثقة بهدف التقريب بين دول المنطقة على أساس مبادئ مشتركة مثل تكافؤ حق السيادة الوطنية بين الدول، وتجنّب التهديد واللجوء الى القوة، وحل النزاعات بالطرق السلمية، واحترام وحدة أراضي الدول، وحظر المساس بالحدود الدولية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام حق الدول في تقرير المصير؛ وأن يتوصل الى معاهدة لعدم التعرض وإيجاد الآليات المشتركة للتعاون الإقليمي من خلال إيجاد فهم مشترك حول التهديدات والفرص الإقليمية والعالمية. إننا نؤمن بجد أن منطقتنا ـ باعتبارها وريثة أثري حضارة شهدها العالم، يجب أن تعالج مسائلها بنفسها بشكل مقتدر ودون تدخل من الأجانب أو تبعية لهم. لأن ذلك لا يؤدي إلا الى فرض تكاليف باهظة على عزتنا المشتركة وتنميتنا المستقبلية. عسى أن نرسم مستقبلا أفضل لابنائنا.
101/23