الملف النووي الاسرائيلي بحماية واشنطن وازدواجيتها الدولية

الخميس 21 يونيو 2018 - 20:54 بتوقيت مكة
 الملف النووي الاسرائيلي بحماية واشنطن وازدواجيتها الدولية

فلسطين المحتلة_الكوثر: بينما تسعى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتضييق على إيران اقتصادياً بذريعة قدراتها الدفاعية الصاروخية وملفها النووي الذي شهد العالم بأسره على سلميّته، تبرم واشنطن من جهة أخرى اتفاقيات سرية مع الكيان الإسرائيلي تتعهد بموجبها حماية برنامجه النووي العسكري، في فضيحة جديدة تظهر حجم الازدواجية الأمريكية بأوضح صورها.

الجديد هذه المرة ما فضحته وسائل الإعلام الأمريكية عن قيام الرئيس ترامب وبعد فترة قصيرة من توليه منصبه في البيت الأبيض بالتوقيع على رسالة سرية يتعهد فيها بعدم الضغط على الكيان الإسرائيلي للتخلي عن أسلحته النووية بعد لقاء مثير للجدل بالبيت الأبيض مع السفير الإسرائيلي في أمريكا رون ديرمر، وبحضور مستشار الأمن القومي آنذاك مايكل فلين الذي خرج عن طاعة سيده بعد أشهر من إبرام هذا الاتفاق السري.

ديرمر الذي له كلمة عليا في صناعة القرار الأمريكي، تقدّم في فبراير 2017 إبان تسلم الرئيس الأمريكي مقاليد السلطة في واشنطن بطلب بشأن الترسانة النووية الإسرائيلية غير المعلنة والتفّ بشكل صارخ على مساعدي ترامب الذين كانوا غير مطلعين على الطلب الإسرائيلي، وهم على ما يبدو غير مدركين أن خطابات مماثلة قد تمت في الماضي من قبل الرئيسين بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك أوباما.

"إسرائيل" الحريصة كل الحرص على إخفاء برنامجها النووي وعدم التطرّق إليه لا من قريب أو بعيد في جميع محافلها السياسية والإعلامية، اعترفت بشكل رسمي من خلال سلسلة وثائق سرية تم إبرامها مع زعماء أمريكا خلال السنوات الماضية بأنها تملك ترسانة ضخمة من الأسلحة النووية، ولكن هذا الاعتراف بقي حبيس الغرف الضيقة لدائرة صنع القرار داخل أروقة البيت الأبيض من خلال اختيار نخبة من المسؤولين الأمريكيين في الإدارات الثلاث السابقة (جورج دبليو بوس وبارك أوباما وحالياً دونالد ترامب) للحديث عن حجم هذه الترسانة العسكرية والطلب من تلك الإدارات الأمريكية التعهد بحمايتها أو على الأقل عدم السماح بإثارتها سياساً أو إعلامياً في المطبخ الأمريكي.

رغبة "إسرائيل" في تقليل عدد المسؤولين المشاركين بالمحادثات حول الرسالة السرية أثار غضب المسؤولين الأمريكيين، الذين شعروا بأن سفير الكيان الاسرائيلي في أمريكا يتصرف كما لو كان هو المسؤول، ومع ذلك فإن ترامب سرعان ما أزال هذه التوترات في البداية، ثم وقّع لاحقاً على الرسالة التي تعدّ فضيحة جديدة تضاف لسلسة فضائح واشنطن في زمن ترامب.

البدعة الأمريكية للتغطية على النووي "الإسرائيلي"

وبينما يجري حالياً تحضيرات لمؤتمر منع انتشار الأسلحة النووية (NPT) والذي سيعقد في العام 2020، (يعقد كل 5 سنوات) تصرّ واشنطن على منع طرح أي ملف يتعلق بـ "إسرائيل" في المؤتمر وتصرّ على ضرورة اعتراف كل دول الشرق الأوسط بحق تل أبيب في الوجود قبل طرح هذا الملف الذي نعتقد سلفاً أنه لن يطرح للنقاش نهائياً، ولن تُجرّد "إسرائيل" من أسلحتها النووية طالما أنّ واشنطن تهيمن على القرار الدولي حتى لو افتتحت في القدس وليس في تل أبيب سفارات كل دول المنطقة.

إيران التي تعتبر المتأثر الأكبر من هذه الازدواجية الأمريكية طالبت على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف من المجتمع الدولي التحرك لمواجهة هذا الخطر العالمي، وكشفت طهران أن هناك ما لا يقل عن 80 رأساً نووياً في الشرق الأوسط، لا يوجد أي منها في إيران، بل هي تحت سيطرة أيدٍ مثيرة للحروب ولا تتوقف عن ادعاءاتها المزيفة حول "طموحات إيران"، مطالبة ببحث هذا الخطر الحقيقي على المنطقة، رغم تأخر الوقت، ووقف هذه الازدواجية الأمريكية.

أضف إلى ذلك فإن طرح واشنطن المتكرر لملف إيران النووي السلمي حتى بعد عقد الاتفاق معها عام 2015 في فيينا وانسحاب ترامب منه الشهر الماضي لتحقيق بعض المكاسب الجديدة، ليس له مسوغ نهائياً فمن جهة إن واشنطن تعترف بأنها تملك أضخم ترسانة نووية، ومن جهة أخرى تداري على ترسانة حليفتها "إسرائيل"، وكلا الملفين الإسرائيلي والأمريكي له طابع عسكري مباشر، في حين تمنع إيران من أبسط حقوقها في استغلال الطاقة النووية لأغراض سلمية بحته، وهو حق طبيعي يكفله القانون الدولي لطهران، ولكن منذ متى وواشنطن وتل أبيب تراعي أو تحترم هذا القانون؟.

والآن وبعد انكشاف هذا التواطؤ الأمريكي للتغطية على الترسانة النووية الإسرائيلية فإن مصداقية الأمم والمنظمة الدولية للطاقة النووية على المحك، وهي مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بالتركيز على هذه القضية كحد أدنى كما تركّز مع الملفات المشابهة سواء في الملف الكوري الشمالي أم حتى الملف الإيراني الذي اعترفت أكثر من مرة بسلميّته حيث فتحت طهران أبواب منشآتها النووية على مصراعيها للتحقق من ذلك، فالكيان الإسرائيلي أكثر من يشنّ الحروب في المنطقة منذ عام 1948، وهو أيضاً الأكثر تحريضاً على إشعال نيران الحروب بشكل مباشر أو غير مباشر، ولكن "إسرائيل" تحت الغطاء الأمريكي وهي بالتالي بعيدة عن أي حساب وعقاب و(على عينك يا تاجر)؟ّ!.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الخميس 21 يونيو 2018 - 20:16 بتوقيت مكة