إنها قصة التحالف بين الصهيونية المتجذرة في النيوليبرالية الاميركية والوهابية المعشعشة في عقول النجديين.. تحالف يقوم على:
السلطة لآل سعود أو أية قبيلة أخرى في سائر البلدان الخليجية.. مقابل التبعية المطلقة لأميركا والغرب والصهاينة الذين يحكمون تلك البلدان باموالهم وافكارهم وشخوصهم!
ومن هذا المنطلق وغيره من المعطيات الحسية والملموسة، لم تكن المشاركة الغربية وخاصة الأميركية والصهيونية في العدوان على الشعب اليماني خافيا منذ اللحظة الاولى.. لأن البيان رقم واحد لانطلاق العدوان جاء من واشنطن وان كان على لسان السفير السعودي حينها عادل الجبير.
وقد أثبتت معركة الحديدة أخيراً صحّت الوصف الذي اطلقه الاعلام المقاوم على المعركة بأنه عدوان أميركي ـ سعودي، لانه في الحقيقة لم يكن عيال سلمان وعيال زايد ومن معهم من المرتزقة من انظمة وجماعات سوى ادوات في التنفيذ، عليهم تقديم المال ورفع الشعارات وتقديم فطائس المعركة!
أما الريع والغنم فللصهاينة المدللين الذين سيسيطرون بدماء المرتزقة السودانيين والاردنيين والمغاربة والباكستانيين والمصريين والسنغاليين والكولومبيين... حتى آخر قائمة المرتزقة الذين جمعهم محمد بن سلمان ومحمد بن زايد، نعم للصهاينة فقط السيطرة على الساحل الغربي لليمن وجزيرة سقطرى الاستراتيجية وباب المندب وبالتالي كل القرن الافريقي!
لكن في بداية العدوان.. تصور الجنرال الصغير والقادم ـ تواً ـ الى بحر السياسة من رمال نجد ومراتع ضبابها، محمد بن سلمان، ان "غزوة اليمن" ستكون نزهة له ولجيشه ونظامه، علّها تجبر خواطر الفشل الذي حصدوه في العراق وسوريا ولبنان.. وتمهد له عرش المهلكة وهو في مطلع العقد الرابع من عمره، وبالتالي سيستمر حكمه أكثر من نصف قرن على عادة أعمامه الذين بقوا حتى العقد التاسع من عمرهم يمسكون بقوائم العرش ويقتتلون دونها!
ولماذا لا يحقق الجنرال الصغير الذي لا يعلم من الحرب والقتال واطلاق النار وسل السيوف الا ما مارسه في رقصة العرضات وسفاري قنص الضباب والطيور.. أجل لماذا لا يحقق نصرا سريعا وهو يرى من يضع خطط العدوان له، من كبار الجنرالات في الناتو وغرف البنتاغون ووزارة الحرب الصهيونية ومن معهم من خبراء استراتيجيين وعسكريين من مصر والاردن والمغرب وباكستان... بل جميع مرتزقة العالم من اثرياء وجياع!!
ولم تكن الحرب بالسلاح والعتاد والمعلومات الاستخبارية فقط، بل سخّر الصهاينة والسعوديون والاماراتيون كل شياطينهم ومرتزقتهم وزيفهم الاعلامي في هذه الحرب غير المتكافئة بكل موازينها المادية.. عشرات بل مئات القنوات الفضائية ووكالات الانباء والمواقع الرسمية وصفحات التواصل الاجتماعي موجهة لايصال خطاب العدوان والتعتيم على حقائق الميدان.. لكن نزهة الـ 7 ايام في اليمن مضى عليها 1183 يوما!!
ويمكن تلخيص استرتيجية العدوان اعلاميا في الموارد التالية:
اولاً: التعتيم على اي انجاز بطولي ميداني يحققه الجيش اليمني واللجان الشعبية انصار الله في دحر العدوان وتكبيده اية خسارة.. لذلك ترى الصواريخ البالستية اليمنية التي وصل الصراخ منها الى حنجرة الصهيونية نيكي هايلي، جميعها اسقطت بالباتريوت في اعلام العدوان!
ثانياً: التعتيم على المعاناة الانسانية التي فرضها حصار العدوان على اليمنيين والامراض التي تفتك بهم جراء ذلك.. وكذلك المجازر التي يرتكبها العدوان بحق النساء والاطفال والمدنيين عامة، والتي وصلت فضائحها الى اروقة المنظمة الدولية والبرلمانات الاوروبية.
ثالثا: التستر على خسائر العدوان والهزائم التي يمنون بها في الميدان وعلى خلافاتهم وبين مرتزقتهم والتي وصلت حدّ الاقتتال والتحارب.. واخرها الاعتراف بعد اسبوع بمقتل قائد القوات الاماراتية في غرب اليمن والذي كان ضمن غرفة قيادة العدوان على الحديدة.
رابعاً: تضخيم اي اختراق يحققونه في جبهات القتال مع اليمانيين، فيصنعون من الحبّة قبّة، كما يقال!
خامسا: وهذا مهم للغاية، وهو بث الشائعات والاخبار الكاذبة لاضعاف جبهة المقاومة وبث الخلافات بينها.. اخبار قد تتخذ احيانا شكل دراسات او مقالات مدافعة عن الشعب اليمني والحرص عليه وعلى وحدته وسلامته والتمجيد بالحكومات التي قادته سابقا.. ولعل أبرز مثال ما حاولوا استغلاله من مواقف ومصالح علي عبدالله صالح والفتنة التي تزعمها قبل ان يتم وأدها من قبل الشعب اليمني وقواه الثورية.
ومن هذا المنطلق جاءت دعوة سماحة الامين العام لحزب الله سيد المقاومة في وجه المشروع الصهيوتكفيري، السيد حسن نصر الله، في ضرورة الحضور الفاعل في مواقع التواصل الاجتماعي وان يكون للقوى والاقلام الخيّرة والنبيلة في العالم بأسره موقفها مما يجري اليوم من صراع وحرب ارادة بين المشروعين، المشروع المقاوم للارهاب التكفيري وتدمير البلدان باسم الربيع العربي، من جهة، والمشروع الصهيووهابي وادواته الاقليمية من جهة أخرى... لذلك فانه على جميع الاحرار والشرفاء التركيز على ما يجري في اليمن (وباقي مواقع المواجهة مع الصهاينة) ونقل صورة المقاومة هناك ولو بكلمة، علّها ترد بعضاً من الضيم.
بقلم: علاء الرضائي