السيد محمد تقي المدرسي
الحديث عن الإمام الحجة بن الحسن المهدي هو حديث عن مستقبل الاسلام وعن أمل الإنسانية في الخلاص من مشاكل العصر. فالإمام المهدي هو منقذ البشرية كلها من الظلم والدجل السياسي والنفاق. انه أعظم مصلح يظهر في تاريخ البشرية ليقضي على صروح الكفر وليكشف زيف الباطل ويزيل القناع عن وجه الاستبداد والديكتاتورية وليظهر الحق ويدحض الباطل: (قل جاء الحق وزهق الباطل).
الرسول (ص) يبشر بالمهدي
الامام المهدي هو الموعود لإقامة صرح الاسلام الشامخ، الموعود بالنصر على الأعداء، الموعود بإقامة العدل ونشر المساواة، الموعود بالرخاء واليسر حيث تخرج الأرض كنوزها، الموعود بالرفاه وبإقامة المجتمع العالمي الواحد، المجتمع الذي لا يعرف الطبقات ولا يعرف طبقة الأغنياء والفقراء، المجتمع الذي فيه المساواة بين القوي والضعيف، بين الأبيض والأسود، المجتمع الذي تنتظره البشرية كلها منذ آلاف السنين: وان المسيح عيسى بن مريم سوف ينزل من السماء ويصلي خلف الإمام المهدي ويكسر الصليب وينادي بلغة العصر أهل العالم أجمع بأن المهدي هو الإمام الذي بشر به القرآن الكريم قال تعالى: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الأرض يرثها عبادي الصالحون) [الأنبياء: 105].
وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:
(زويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها، وقال عليه الصلاة و السلام:
(لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا صالحا من أهل بيتي، يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا).
ومن الإشارات القرآنية المبشرة بالمهدي: قوله تعالى:
(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) [التوبة: 33].
قال ابو جعفر الباقر (ع): ان ذلك يكون عند خروج المهدي من آل محمد، فلا يبقى أحد الا أقر بمحمد (ص).
الإمام مالك بن أنس، امام المالكية فسر الآية الكريمة (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم الوارثين) [القصص: 5].فسرها بأن مصداقها لم يتحقق وان الأمة مازالت تنتظر من تتحقق على يديه هذه الآية وهو المصلح المهدي الذي شاء الله ان يكون من أهل البيت، من ولد فاطمة الزهراء (ع) الذي تتحقق على يديه وراثة الصالحين، وانتصار الحق وقيام دولة القرآن العالمية.
وقال رسول الله (ص): أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلازل، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، يرضى عن ساكن السماء وساكن الأرض، يقسم المال صحاحا، فقال رجل: وما صحاحا؟ قال: بالسوية بين الناس.
والرسول الأكرم (ص) تنبأ بما يحدث في آخر الزمان وذكر أمورا غيبية تدل على ما يكون من حروب وفساد وزلازل وكوارث ثم ظهور الإمام فقال عليه السلام:
(والذي بعثني بالحق نبيا لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد، لأطال الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي، فينزل عيسى بن مريم (ع) فيصلي خلفه، وتشرق الأرض بنور ربها، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب).
غيبة الإمام المهدي
كانت للإمام المهدي (ع) غيبتان:
1-الغيبة الصغرى: امتدت من ولادته سنة (255) هـ في حياة أبيه الذي عايشه مدة خمس سنوات، حيث كان الإمام الحسن العسكري لا يريد ان يتعرف الناس على الإمام من بعده خشية عليه، وبعد وفاة ابيه سنة (260) هـ وحتى سنة (328 او 329) هـ خلال حكم المعتمد والمعتضد والمكتفي بالله والمقتدر بالله والقاهر بالله وكان خلالها يتصل باتباعه من خلال سفرائه الأربعة وهم:
أ- عثمان بن سعيد العمري الأسدي.
ب- محمد بن عثمان بن سعيد العمري الأسدي أي ابن السفير الأول المتوفى سنة (305) او (304)هـ.
ج- الحسين بن روح النوبختي، المتوفى سنة (320)هـ.
د- علي بن محمد السمري، المتوفى سنة (328) أو (329)هـ.
2-الغيبة الكبرى: بدأت بموت السفير الرابع فانقطع اتصال الإمام المهدي بأتباعه وقواعده ووكلائه وحتى يجيء وقت الظهور والنهوض بالمهمة الكبرى.
وبعد ظهور الإمام المهدي يتحقق الرخاء الاقتصادي ويعيش الناس في سعادة، وروي عن الإمام الصادق (ع):
(ان المؤمن في زمان القائم -المهدي- هو بالشرق يرى اخاه الذي في المغرب وكذا الذي في المغرب يرى أخاه الذي بالمشرق).
اننا اليوم نعيش فترة الغيبة الكبرى، فترة انتظار، وهذه الفترة ليست فترة الكسل والدخول في غرفة الانعاش او غرفة الإنتظار انما المطلوب منا ان نكون في موقع المسؤولية وان نعمل بكل جذم واخلاص لتطبيق الاسلام. والدعوة اليه بالموعظة الحسنة وبالأسلوب المناسب لواقع الحال.
ان ظهور المصلح المهدي واحد من أعظم حوادث التاريخ البشرى الكبرى. والإمام المهدي يحقق النصر على أعداء الاسلام والعالم كله ينقاد لأمره. وفي كل بقاع الأرض ترتفع راية الاسلام.
ان الإمام المهدي يحذو حذو الرسل والأنبياء في الدعوة إلى الله سبحانه وانه مشحون بفكرة إقامة الدولة العالمية الواحدة، ومشحون بتفاهة الدول والأنظمة الاستكبارية التي تدعي السلام وتدعي حقوق الإنسان وهي تمارس قتل الإنسان نهارا وجهارا امام سمع العالم و بصره.
وما أحداث البوسنة والشيشان واحداث كشمير وفلسطين وبورما وسيلان الا شواهد تدل على ما جاء في وصف آخر الزمان من الفتن والحروب وما ظهور الإمام المهدي الا انبلاج فجر جديد للإنسان وشروق شمس الحرية وتحقيق أمل الإنسانية في قائدها العظيم، القائد الذي ادخرته السماء ليكون مصلحا وهاديا ومعلما ومنقذا لكل أهل الأرض وناشر راية العدل في كل أرجاء الأرض.
المصدر: موقع الكاتب