ويعد الجمل والمكنى "ابو رقية الانصاري" واحداً من قيادات الصف الأول في تنظيم داعش، ظهر في العديد من الإصدارات المصورة للتنظيم وهو ينفذ القتل في الأبرياء.
وقاد الأنصاري أولى الفصائل المسلحة في البو كمال السورية ومن ثم انتمى لما يعرف بـ"الجيش الحر" وعين قائدا للجبهة الشرقية في هيئة أركان الجيش الحر قبل ان ينتهي به المطاف اسماً مهماً في تنظيم "داعش" الارهابي بعدما شغل منصب "امني ولاية الفرات".
الجمل كشف إلى "القضاء" أسرارا عديدة عن التنظيم وعن التخبط والانقسامات الداخلية التي شهدها وعن خلافات التنظيم مع جبهة النصرة ومصادر التمويل ومن كان يدير شؤونه، كما روى لقاءه بزعيم تنظيم داعش ابو بكر البغدادي في سوريا وتلقيه هدية منه.
انتماؤه للفصائل المسلحة
يروي صدام عمر حسين الجمل والبالغ 40 عاماً وهو سوري الجنسية في معرض اعترافاته امام محكمة التحقيق المركزية المختصة بنظر قضايا الارهاب كيفية انتمائه لداعش وكيفية تعيينه قائداً للجبهة الشرقية في ما يعرف بـ"الجيش الحر" وماذا كان يعمل ولماذا كانت تخشاه جميع الفصائل المسلحة في دير الزور.
يقول الجمل "كنت اسكن في البوكمال السورية وعملت في تهريب السكائر من العراق وسوريا حيث كنت اجني مالاً كثيراً من هذا العمل منذ العام 1998 ولغاية 2010 وقد تركت الدراسة في مراحلها المتوسطة".
"وعند اندلاع التظاهرات في المدن السورية ضد النظام اشتركت بها حتى أصبحنا ملاحقين وتم اعتقالي لاكثر من مرة وبعد ذلك اتجهنا للعمل المسلح وقد أنشأت كتيبة (الله اكبر) والتي تم الإعلان عن تأسيسها في منطقة القورية السورية مطلع العام 2011".
ويذكر ابو رقية الانصاري ان "كتائب كثيرة قد انشأت في هذه الاثناء حتى تم تأسيس لواء الله اكبر في البو كمال السورية وخضنا العديد من العمليات العسكرية ضد الجيش السوري حتى تمت السيطرة على البوكمال بالكامل".
"تم ابلاغي عن طريق احد الاشخاص بضرورة الانتقال الى احدى الدول المجاورة لسوريا للقاء باحدى الشخصيات وبالفعل انتقلت عن طريق التهريب الى هذه الدولة وبقيت لمدة يومين حتى حضرت اجتماعا ضمن 600 قائد كتيبة ولواء وتم انذاك الاعلان عن تشكيل هيئة اركان الجيش الحر" بحسب ما يفيد الانصاري.
ويقول الإرهابي "تم تعييني قائداً للجبهة الشرقية وعضوا في هيئة اركان الجيش الحر وقد كنت قبل ذلك قائداً لتشكيل احفاد الرسول وهو تشكيل مسلح يضم العديد من الكتائب والألوية".
خلافات النصرة وداعش
وعن ظهور جبهة النصرة في المناطق التي كانت تحت سيطرته يذكر ابو رقية ان "اول ظهور لجبهة النصرة قبل انشقاقها عن تنظيم داعش كان في مناطق معينة من الحسكة ودير الزور وكان يقودهم شخص يدعى ابو ماريا الهراري ومعه عدد من القيادات وكان ابو محمد الجولاني امير الشام لجبهة النصرة انذاك".
ويشير الى ان "جبهة النصرة بدأت تنشط بالخفاء في البوكمال التي كانت تحت سيطرتي ونفوذي وان جميع التشكيلات او المجاميع المسلحة كانت تخشاني في تلك المناطق لما اتمتع به من نفوذ وكثرة في الاتباع حتى انشأوا محكمة شرعية وقمت بإغلاقها في وقت لاحق".
ويوضح الارهابي ابرز الخلافات والتي ادت الى انشقاق جبهة النصرة عن داعش حيث يقول "ان السبب الرئيس هو بروز الجولاني اذ اصبح اسما كبيرا وعلم بان هناك مخططا لتصفيته من قبل تنظيم داعش وصارت شعبيته كبيرة وان القوة والسلاح كانت بيده في ذلك الوقت ولم يكن للخليفة البغدادي ثقل كونه كان في العراق وقد بعث بقياداته من العراق الى الشام".
يذكر ان بين اولئك القادة "ابو علي الانباري وعبد الناصر ابو اسامة العراقي وحجي بكر والبيلاوي جاؤوا لإقناع الجولاني بالتوجه للعراق واللقاء بالخليفة لكنه رفض وكان الانشقاق سريا في بداية الامر حتى تحول الى علني".
استهدافه من جبهة النصرة
يؤكد الانصاري "بعد ان اصبحت جبهة النصرة تنشط واخذت بالسيطرة على عدة مناطق عملوا على استهدافي كوني كنت صاحب النفوذ وامتلك السلاح ويتبعني اشخاص كثيرون حتى أن تنظيم داعش كان يستهدفني".
وزاد صدام الجمل ان "جبهة النصرة قامت باستهدافي لاكثر من مرة ومن خلال الانتحاريين وتمكنوا من قتل اثنين من اشقائي وخطف احدهم وتم تفجير منزلي وقمت باخلاء عائلتي الى خارج البوكمال حتى اعلنت الحرب على النصرة".
انضمامه لداعش
وعن قصة انتمائه لداعش يروي "طلبت من احد اقاربي ان يجمعني بقيادات داعش الذي كان على تواصل معهم وبالفعل التقيت (عامر رفدان) الذي يشغل منصب والي ولاية "، مضيفاً بانه "اعلن البيعة لأبي بكر البغدادي امام الوالي واصبحت واحدا من عناصر التنظيم".
ويفيد الجمل ان "جبهة النصرة قامت بشن هجوم واسع على تنظيم داعش وبمشاركة عدد من الفصائل المسلحة وتمكنوا من قتل الكثير من عناصر التنظيم والسيطرة على اراضيه حتى اخذ بالانحسار في مناطق عدة وتم قتل عدد من المهاجرين الذين كان التنظيم يقوى بهم".
السيطرة على الموصل والانبار
وعن كيفية دخول التنظيم للعراق واعلان سيطرته على الموصل والانبار وكيف ساهم ذلك باستعادة قواه يقول ان "داعش جهز عناصره واستعد لشن هجوم على الموصل وعند دخولهم والسيطرة عليها استعاد التنظيم قواه وسيطر على الانبار بعدها واخذ بالتوسع والانتشار في سوريا ايضاً".
واشار الى ان "التنظيم كان يقوى بكتيبة الشيشانيين والتي كان يقودها ابو عمر الشيشاني حيث خاضت العديد من المعارك الشرسة في العراق وسوريا".
ويؤكد الجمل ان "العراق بالنسبة لتنظيم داعش كان يشكل أهمية كبيرة اكثر من سوريا كونه يعد مركزا لثقله فضلاً عن تواجد اغلب القيادات فيه بالاضافة الى انتقال الخليفة ابو بكر الى الموصل".
وزاد ابو رقية "التقيت بالخليفة ابو بكر البغدادي في احدى المرات في سوريا وكان داخل عجلة ترافقها عدد من العجلات ذات الدفع الرباعي ذات الزجاج المضلل".
ويستطرد ان "القيادات كانت تحاول ابعادي عن الخليفة خشية من ان اشغل مناصب مهمة كونه كان مهتما بي ويسأل ويستفسر عني لاكثر من مرة" ، مؤكداً ان "التنظيم قام بشن هجوم واسع على جبهة النصرة وقام بالقضاء على اغلب عناصره في سوريا".
ويكشف الجمل انه "بعد سيطرة التنظيم على اراض واسعة في العراق وسوريا قسمت الى ولايات منها ولاية نينوى وتضم ولايتي الجزيرة ودجلة وولاية الفرات وولاية دير الزور وولاية الرقة وولاية الخير وغيرها من الولايات وعين وال للشام واخر للعراق فضلا عن تشكيل لجنتين تدعى اللجنة المفوضة واحدة في العراق ومقرها الموصل واخرى في سوريا".
إدارة شؤون داعش
ويذكر الجمل ان " هذه اللجنة تتكون من اربعة اعضاء ويتولاهم امير، كل عضو منهم يشغل منصب نائب الخليفة ابو بكر وتتولى هذه اللجان ادارة شؤون تنظيم داعش وكل القرارات التي تتعلق بالحرب والامور المالية والاصدارات وغيرها من الامور وكانوا يتغيرون بين فترة واخرى".
تعيينه امنياً لولاية الفرات
يقول الارهابي صدام الجمل "تم إرسالي الى ولاية الفرات في العراق من قبل والي الشام كي اشرف على عملهم وقد عينت بمنصب امني للولاية، وحصلت بيني وبين والي الفرات ابو انس السامرائي عدة خلافات كوني كنت اكتب تقارير عنهم وابعثها الى اللجنة المفوضة وهذه التقارير كانت تتعلق بممارسة ابو انس للواط مع جنود في ولايته فضلا عن السرقة والاعتقالات العشوائية".
هدية البغدادي
ويؤكد الجمل ان " ابو بكر البغدادي بعث لي بهدية خاصة وهي رسالة تتضمن تسميتي من قبله بابو رقية الانصاري فضلاً عن مبلغ مالي".
وظهر الارهابي صدام الجمل في العديد من الاصدارات المصورة للتنظيم الارهابي حيث ظهر في احداها وهو يعلن مبايعته للتنظيم وظهر في آخر وهو يتوعد الفصائل المسلحة التي لم تنتم للتنظيم فضلاً عن ظهوره في اصدار ومعه عدد من الجثث والرؤوس المقطوعة.
مصادر تمويل التنظيم
ويكشف الجمل عن مصادر تمويل تنظيم داعش حيث افاد بان هناك "مصادر خارجية اي اموال تأتي من عدة دول ومصادر داخلية مثل بيع النفط لتجار ومهربين وجباية الضرائب وخصوصا من المزارعين واصحاب الاموال والتجار فضلا عن المتاجرة بالزئبق والاثار التي تم تهريبها".
انقسامات وتخبط
ويقول الجمل ان " التنظيم تلقى الضربات الموجعة وفقد السيطرة على جميع مناطقه باستثناء مناطق صغيرة في سوريا وهي الهجين وابو الحسن والشعفة والسوسة وان اغلب من تبقى من عناصر التنظيم متواجدة هناك".
ويؤكد الجمل ان " عناصر التنظيم فقدت الإرادة على القتال وهم يعيشون حالة من التخبط والانقسامات والصراعات الداخلية لذلك فقد هرب الكثير منهم ".