هذا ما عبّر عنه جوزيف ناي المتخصص في الشؤون العسكرية ووكيل وزارة الدفاع الأمريكية السابق الذي تحدث عن الحرب الناعمة بقوله: "استخدام كل الوسائل المتاحة للتأثير في الآخرين باستثناء الاستخدام المباشر للقوة العسكرية"، ومن هذا المنطلق ذكرت صحيفة "ايرفورس تايمز" الأمريكية أن القوة الجوية تعمل على لعبة فيديو على الإنترنت تأمل من خلالها اكتشاف وتوظيف أطفال للعمل معها.
وقال الجنرال ستيفن كاست، رئيس قيادة التعليم الجوي في الجيش الأمريكي، خلال مأدبة فطور مع الصحفيين في واشنطن صباح يوم أمس الاثنين، أنه يأمل أن تكون اللعبة جاهزة هذا الصيف، وعندما سئل عما إذا كانت هذه اللعبة ستكون محاكاة طيران أم إنها تتضمن أنواعاً أخرى من التحديات التجريبية، قال الجنرال الأمريكي: "نعم إنها تشمل كل ذلك".
وحول سرية المعلومات قال كاست إن قيادة سلاح الجو لا يمكنها رؤية أسماء اللاعبين، ولكن إذا عرض طفل ما مهارات ومميزات ممتازة خلال الاختبارات الموجودة ضمن اللعبة، يمكن للقوات الجوية أن ترسل رسالة مفادها أن شخصاً ما سيتحدث مع والديه بشأن تولي وظيفة في القوات الجوية، وأضاف كاست إنه "عندما يقول طفل ما في المدرسة أو الكلية أريد أن أكون طياراً في سلاح الجو يمكنني اختباره من خلال هذه اللعبة التي ستعطيني فكرة مهمة عن مهاراته ومميزاته وطرق تفكيره في حال وقوعه في المشكلات".
وتابع كاست إن القيادة الجوية ليست بحاجة إلى معرفة أسماء الأطفال، لكننا نعرفهم من خلال عنوان الـ IP الذي تحمله أجهزتهم ومن خلال اللعبة يتم تصنيف اللاعبين فإذا كانت لديه مهارات فريدة لطيار طائرة هليكوبتر نضعهم في هذه المجموعة، أو في مجموعة مقاتلات من طراز F-35، أو أي شيء آخر قد يكون، ومن ثم تبدأ عملية جذب ذلك الشخص، وأضاف إن هذه اللعبة تذكرنا بفيلم "game over" أو فيلم "The Last Starfighter" فمن خلال أحد الألعاب يدخل عدد من الشباب عالم الخيال ويحصلون على امتيازات عالية من خلال قيادة المركبات الفضائية.
وقال كاست إنه قد تم إخراج هذا الفيلم لتبيان آثار هكذا أفلام على شخصية الأطفال في المستقبل، وقد نجح غافن هود، مخرج الفيلم بذلك عن طريق استبدال قصة مأخوذة من كتاب يحمل اسم لأورسون سكوت كارد إلى عالم الواقع ولاقت إعجاب الجميع في ذلك الوقت، وقال كاست: "على مرّ التاريخ، لقد تمكن رواة القصص والمستقبليون من رؤية عمق الطبيعة والتكنولوجيا البشرية إلى أبعاد لا يمكن أن تدركها عقول البشر"، ولهذا السبب أثارت هذه الأفلام الاهتمام لدينا ودفعتنا إلى مشاهدتها مراراً وتكراراً.
وقال كاست أيضاً إن القوات الجوية عملت مع فريق من علماء الاجتماع وعلماء النفس وعلماء الأنثروبولوجيا الثقافية لبناء اللعبة، ووفقاً له، فإن اللعبة تستخدم بيانات مشتقة من لعبة تدعى Future Pilot Training، والتي عرضت في أسواق البيع في شهر شباط / فبراير الماضي، وتستخدم تقنيات متقدمة للذكاء الحيوي، والذكاء الاصطناعي، وأنظمة الواقع الافتراضي لإيجاد طرق جديدة لتدريب طياري القوات الجوية.
وقال كاست: يمكن لهذه اللعبة أن تساعد في اكتشاف مميزات اللعب وخاصة قدرته على التنسيق بين جميع حواسه مثل يديه وعينيه، كما يمكن لها أيضاً قياس قدرة التفكير النقدي للاعبين فضلاً عن جوانب شخصية أخرى للاعب، وحول تجربته لهذه اللعبة قال كاست "أستطيع أن أقول لكم أنني من خلالها أنكم أشخاص تصلحون لمهنة طيار في سلاح الجو الأمريكي أو أنكم لا تصلحون أبداً لهذه المهمة، أيضاً أستطيع أن أقول إن كنت شجاعاً أخلاقياً أو منقذًاً عندما تكون تحت الضغط، أستطيع أن أفهم كل أنواع الميول والميزات والمعرفة والمهارات، هذا ما نفعله، لأننا نريد شخصاً يتمتع بدرجة عالية من النزاهة، والذكاء.
وأضاف إن القوة الجوية يمكنها تصفية نتائج اللاعبين المختلفين بميزات محددة تتعلق بعمل معين، ومن ثم معرفة أي اللاعبين لديهم أفضل الميزات وتتم بعدها عملية جذبهم، وشدد على أن هناك نقطة ضعف في هذه اللعبة إذ إنّ القوة الجوية لا يمكنها معرفة من يلعب بها، فربما يستخدمها أطفال قاصرون دون إذن والديهم، ولتجنب هذا الأمر نقوم بإرسال رسالة نصية إلى والديهم وعندما تتم الموافقة يسمح للطفل باللعب، وإذا كان الطفل البالغ من العمر 15 سنة مناسباً ذهنياً ومعرفياً لطيار المقاتلة، فلا يحق لي أن أعرف من هو، خصوصياتهم، استقلالهم، حرياتهم المدنية كلها محفوظة ضمن القوانين، ولكن إذا وجدت اللاعب البالغ من العمر 15 عاماً عبقرياً، فربما أرسل رسالة إلى عنوان IP قائلاً:" أخبر والدتك ووالدك بأنك مميز، وسأعطيك مكافأة قدرها 100000 دولار، وإذا كنت تريد أخبر والديك لإحضارك إلى جامعة هارفارد كمحطة أولى ومن بعدها سننقلك إلى إحدى المطارات لمقابلة شخص اتصلت به مجاناً لمدة أربع سنوات.
102/23