هل تعلم ...لماذا حرم الإسلام المصافحة بين المرأة و الرجل؟

السبت 9 يونيو 2018 - 11:55 بتوقيت مكة
هل تعلم ...لماذا حرم الإسلام المصافحة بين المرأة و الرجل؟

فالمصافحة - أو اللّمس بشكل عامّ- تعبير عن أوّل مراحل التواصل الجسديّ بين المرأة والرجل الأجنبيّين...

رسمت الشريعة الإسلاميّة حدوداً للعلاقة بين الرجل والمرأة، ولم تسمح بالتواصل العشوائيّ بينهما، الذي يفسح المجال لإثارة الشهوات وتحريك الغرائز. ومن هنا، فقد وُجدت حدود لمختلف أنواع التواصل، سواء منها التواصل البصريّ أو التواصل اللفظيّ أو التواصل الجسديّ، الذي تُعتبر المصافحة أحد أهمّ أشكاله.

فالمصافحة - أو اللّمس بشكل عامّ- تعبير عن أوّل مراحل التواصل الجسديّ بين المرأة والرجل الأجنبيّين، وقد حرّمها الإسلام حرصاً منه على عدم تحريك الغرائز والشهوات، حيث فصل بين الرجل والمرأة الأجنبيّين وحرَّم كلّ أنواع التواصل الجسديّ، بدءاً من أدنى هذه المراحل وهو اللّمس والمصافحة، مروراً بكلّ أشكال الملامسة الأخرى على درجاتها المختلفة، وانتهاءً بنهايتها وأقصاها وهو الزنا والعلاقة الجنسيّة المُحرّمة، وحصر علاقة الرجل بالمرأة في ذلك كلّه بدائرة الحياة الزوجيّة، سادّاً بذلك الباب أمام كلّ أشكال الإثارة التي يترتّب عليها وقوع مفاسد عديدة. قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ (المؤمنون: 5-7).
ولذا، ورد في الروايات النهي عن هذا الأمر، فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "من صافح امرأةً تحرُم عليه، فقد باء بسخطٍ من الله"(1).
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "مَن صافح امرأة حراماً جاء يوم القيامة مغلولاً ثمّ يُؤمر به إلى النار"(2).
وفي بعض الروايات أنّ "زنا اليدين اللّمس"(3).

* أضمن نفسي فهل يجوز؟
وقد يأتي من يقول: إنني أضمن من نفسي أن لا أتأثّر أو تتحرّك غرائزي عند الملامسة ، فهل هذا يسوّغ لي المصافحة؟ وقد يأتي من يقول: إنّ هذه مثل أختي وقد تربّينا معاً ، في محاولة لإيجاد مبرّر للمصافحة.
والجواب: إنّ هذا الأمر لا يرتبط بهذا الفرد أو ذلك، بل الأمر يتعلّق بطبيعة الغريزة التي تبدأ حركتها بوجود المثير الذي يقابله بحسب الطبيعة استجابة من الطرف الآخر، بما يجعل ضمانة الإنسان من نفسه عدم الاستجابة أمراً صعباً في مثل هذه الأمور، قد يصل إلى درجة يخرج عن سيطرته وإرادته.
ثمّ لو سلّمنا أنّ هذا الطرف أو ذاك استطاع أنْ يضبط نفسه كما يدّعي لحسن نيّته، فما الضمانة أن الطرف الآخر يمكنه ذلك، أو أنّه حَسَنَ النية؟
أضف إلى ذلك أنّ القوانين والتشريعات، سواء الإلهيّة أو غيرها، لو تُرك تشخيص المصلحة فيها أو في تطبيقها إلى الأفراد، لصار هناك فوضى في تطبيقها، ولأدّى ذلك إلى الوقوع في المفسدة لا محالة.

* احترام للآخر والتزام بحدود الشريعة
وقد يقارب بعضهم هذه المسألة من زاوية واحدة فيعتبر أنّ الإسلام حرّم على الرجل مصافحة المرأة، التي تُعدّ نوعاً من التحيّة والاحترام؛ ما يعني احتقاراً للمرأة وازدراءً لها ولمكانتها.
وفي هذا مغالطة كبيرة؛ لأنّ الإسلام حرَّم على الرجل مصافحة المرأة الأجنبيّة، كما حرَّم على المرأة مصافحة الرجل الأجنبيّ؛ فالأمر يتعلّق بالطرفين كليهما معاً بالدرجة نفسها. وإذا كان الأمر كذلك فالغاية من وراء هذا الأمر هو تنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة، واحترام المرأة وتقديرها، وعدم السماح لأيّ رجل بالاقتراب منها إلّا بالحدود التي رسمتها الشريعة المقدَّسة لكلٍّ منهما.

وأمّا التحيّة والسلام فلا يقفان على خصوص المصافحة واللّمس باليد، فيمكن التعبير عن ذلك من خلال إلقاء التحيّة والسلام بالقول، أو وضع اليد على الصدر كما يفعل بعض المسلمين في بعض البلدان، في إشارة إلى كونه لا يسلّم باليد، وليس في ذلك ما ينافي احترام المرأة للرجل أو الرجل للمرأة، بل على العكس هو تعبير عن غاية الاحترام الذي يحمله كلّ منهما للآخر، عندما يقف على حدود العلاقة بينهما ولا يتجاوزها.

الهوامش:

1-الأمالي، الصدوق، ص515.
2-ثواب الأعمال، الصدوق، ص283.

3- الكافي، الكليني، ج5، ص559.

المصدر: مجلة بقية الله

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

السبت 9 يونيو 2018 - 11:19 بتوقيت مكة