اِمتدَّت يَد اللئيم ابن ملجم إلى الإمام علي ( عليه السلام ) ، إذْ ضَربَهُ بسَيفِه المسموم ، وهو يصلي في مسجد الكوفة .
وقال ابن الأثير : أُدخِل ابن ملجم على الإمام علي ( عليه السلام ) وهو مكتوف . فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( أيْ عَدوَّ الله ألَمْ أحسِن إليك ) . قال : بلى
فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( فَمَا حَملَكَ عَلى هَذَا ؟ ) .
قال ابن ملجم : شحذتُه أربعين صباحاً [ يقصد بذلك سيفه ] ، وسألت الله أنْ يقتُلَ به شَرَّ خلقه .
فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( لا أرَاكَ إلاَّ مَقتولاً به ، ولا أراكَ إلاَّ مِن شَرِّ خَلقِ الله ) .
ثم قال ( عليه السلام ) : ( النَّفسُ بالنَّفسِ ، إن هَلكْتُ فاقتلوه كما قتلني ، وإنْ بقيتُ رأيتُ فيه رأيي ، يا بني عبد المطلب ، لا ألفيَنَّكم تخوضون دماء المسلمين ، تقولون قتل أمير المؤمنين ، ألا لا يُقتَلَنَّ إلاَّ قاتلي . أُنظُر يا حسن ، إذا أنَا مُتُّ من ضربَتي هذه ، فاضربه ضربة بضربة ، ولا تمثِّلَنَّ بالرجل ، فإنِّي سَمعتُ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( إيَّاكم والمُثْلَة ، ولو بالكَلبِ العَقُور ) .
فبقي الإمام علي ( عليه السلام ) يعاني من ضربة المُجرم الأثيم ابن ملجم ثلاثة أيام ، عَهد خلالها بالإمامة إلى ابنه الإمام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) .
وطوال تلك الأيام الثلاثة كان الإمام ( عليه السلام ) يلهَجُ بذكر الله ، والرضا بقضائه ، والتسليم لأمره .
كما كان الإمام ( عليه السلام ) يُصدر الوصيَّة تُلوَ الوصيَّة ، داعياً إلى إقامة حُدودِ الله عزَّ وجلَّ ، محذِّراً من اتِّباع الهوى ، والتراجع عن حَمل الرسالة الإسلامية .
وفي الحادي والعشرين من شهر رمضان من عام ( 40 هـ ) ، كانت النهاية المؤلمة لهذا الإمام العظيم ( عليه السلام ) ، الذي ظُلِم خلال حياته ظُلامَتَين كبيرتين .
الأولى : إقصاؤُه عن الخلافة .
الثانية : اغتياله في شهر الله ، الذي هو أفضل الشهور ، ليَمضي إلى رَبِّه مقتولاً شهيداً .
حيث كانت مصيبة فقده ( عليه السلام ) من أشَدِّ المصائب التي تعرَّضت لها الأمة الإسلامية من بعد مصيبة فقدان النبي ( صلى الله عليه وآله ) .