سامر الصائغ
شهر رمضان هذا الشهر الذي اختاره الله عن باقي الشهور واختصه بأشرف العبادات عنده وجعله وقتا لأشرف ليلة ارادها ولينزل فيه كتابه العظيم ودستوره الذي شرعه الى يوم القيامة.. روي عن هذا الشهر انه كان يسمّى في عهد رسول الله بالمرزوق وذكرت بعض الروايات انه شُرع في بدايات هجرة النبي(ص) كما روي عن أبي سعيد الخدري قال: نزل فرض شهر رمضان بعد ما صرفت القبلة إلى الكعبة بشهر في شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وآله، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله، في هذه السنة بزكاة الفطر قبل أن يفرض الزكاة في الأموال.. لذا جعلت الروايات فيه مميزات وواجبات نسرد بعضها .
المميزات :
نسبته الى إسم من اسمائه
فقد ورد بسنده عن عن الإمام أبي جعفر عليه السلام قال: نحن عنده ثمانية رجال فذكرنا رمضان فقال: لا تقولوا هذا رمضان، ولا ذهب رمضان، ولا جاء رمضان، فإن رمضان اسم من أسماء الله لا يجئ ولا يذهب، وإنما يجئ ويذهب الزائل ولكن قولوا: شهر رمضان فالشهر المضاف إلى الإسم، والإسم اسم الله وهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن، جعله الله مثلا وعيدا.. وقد اختص هذا الشهر الفضيل بالصوم: كما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وآله، أنه قال: قال الله تعالى: الصوم لي وأنا أجزي به، وللصائم فرحتان: حين يفطر وحين يلقى ربه عز وجل، والذي نفس محمد بيده لخلوق فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك.. وقال الصادق عليه السلام: نوم الصائم عبادة، وصمته تسبيح، وعمله متقبل، ودعاؤه مستجاب..
أول السنة
وورد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض فغرة الشهور شهر الله شهر رمضان، وقلب شهر رمضان ليلة القدر، ونزل القرآن في أول ليلة من شهر رمضان، فاستقبل الشهر بالقرآن..
نزول جميع الكتب السماوية فيه:
جاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزلت التوراة في ست مضت من شهر رمضان، ونزل الإنجيل في اثنتي عشرة ليلة مضت من شهر رمضان، و نزل الزبور في ليلة ثماني عشرة مضت من شهر رمضان، ونزل القرآن في ليلة القدر.
تشريفه بليلة القدر
جاء في كتاب الفصول المهمة للحر العاملي عن حمران، أنه سأل الإمام أبا جعفر “عليه السلام” عن قوله عز وجل: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة)؟ قال: نعم، ليلة القدر وهي في كل سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر، فلم ينزل القرآن إلا في ليلة القدر قال الله عز وجل: (فيها يفرق كل أمر حكيم)، قال: يقدر في ليلة القدر كل شيء يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل، خير وشر وطاعة ومعصية ومولود وأجل ورزق، فما قدر في تلك الليلة وقضى فهو المحتوم، ولله فيه المشية.
مضاعفة الدرجات والحسنات
نقل الشيخ المفيد في كتابه (المقنعة) خطبة لرسول الله(ص)في شهر رمضان جاء فيها: من تطوع بصلاة ليلة فيه كان كمن تطوع بسبعين ليلة فيما سواه من الشهور، وجعل لمن تطوع فيه بخصلة من خصال الخير والبر كأجر من أدى فريضة من فرائض الله تعالى، ومن أدى فيه فريضة من فرائض الله تعالى كان كمن أدى سبعين فريضة من فرائض الله تعالى فيما سواه من الشهور.
وعن الإمام ابي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: شهر رمضان شهر الله عز وجل، وهو شهر يضاعف الله فيه الحسنات، ويمحو فيه السيئات.
وعن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن شهر رمضان شهر عظيم يضاعف الله فيه الحسنات، ويمحو فيه السيئات، ويرفع فيه الدرجات.
الأعمال :
أما الأعمال على الصائم ليحظى ان يكون من الفائزين في هذا الشهر ذكرت الروايات الكثير منها نذكر بعضها :
قراءة القرآن: فقد ورد ان هذا الشهر ربيع القرآن ؛جاء عن الباقر عليه السلام: أنه قال : لكل شيء ربيع، وربيع القرآن شهر رمضان. وعن الامام علي عليه السلام قال: ومن تلا فيه آية من القرآن كان له أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور.
كذلك عن رسول الله(ص) في شهر رمضان قال: وأكثروا فيه من تلاوة القرآن، وسلوا فيه حوائجكم.
إفطار الصائمين: فقد حث الائمة كثيرا على هذا الفعل وله جنبة اجتماعية مهمة كما لا يخفى . روى الشيخ المفيد في كتابة (المقنعة) عدة احاديث في ذلك ، منها عن الصادق عليه السلام قال: إفطارك في منزل أخيك المسلم أفضل من صيامك سبعين ضعفا أو تسعين ضعفا. وقال الباقر عليه السلام: أيما مؤمن فطر مؤمنا ليلة من شهر رمضان كتب الله له بذلك مثل أجر من أعتق نسمة مؤمنة. قال ومن فطره شهر رمضان كله كتب الله تعالى له بذلك أجر من أعتق ثلاثين نسمة مؤمنة، وكان له بذلك عند الله دعوة مستجابة.
الإكثار من النوافل والادعية: نُقل ان علي بن الحسين عليهما السلام إذا دخل شهر رمضان لم يتكلم إلا بالدعاء والتسبيح والاستغفار والتكبير.. وعن الإمام جعفر بن محمد عليهما السلام أنه كان يقول لبنيه إذا دخل شهر رمضان: فاجهدوا أنفسكم فيه..
وعن امير المؤمنين(ع) قال : خطب رسول الله(ص)في شهر رمضان قال: وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم، فإنها أفضل الساعات ينظر الله عز وجل فيها بالرحمة إلى عباده، يجيبهم إذا ناجوه، ويلبيهم إذا نادوه ويستجيب لهم إذا دعوه. أيها الناس إن أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكوها باستغفاركم، وظهور كم ثقيلة من أوزار كم فخففوا عنها بطول سجودكم، واعلموا أن الله تعالى ذكره أقسم بعزته أن لا يعذب المصلين والساجدين، وأن لا يروعهم بالنار يوم يقوم الناس لرب العالمين… الى آخر الخطبة.
الورع عن المحارم: وهو أفضل الاعمال في هذا الشهر.. فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ” من دخل عليه شهر رمضان، فصام نهاره، وأقام وردا في ليله، وحفظ فرجه ولسانه، وغض بصره، وكف أذاه، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ” فقيل له: ما أحسن هذا من حديث! فقال: ما أصعب هذا من شرط.
المصدر: موقع الولاية