محمد عبد الله فضل الله
كثيرون ممن يهاجرون، أو يسافرون، أو ينتقلون من مكان إلى آخر، تراهم يستعدون لكلّ ذلك بتهيئة الأمور الأساسية والضرورية التي يحتاجونها، وتعينهم على أمرهم، وتحقّق سعادتهم وراحة بالهم.
ونحن على مقربة من بداية شهر رمضان المبارك، فإننا بحاجة ماسة إلى الاستعداد الكامل والكافي للإقبال عليه، والاستفادة منه، بما يريحنا ويسكّن من مشاعرنا، ويرفع عنا أثقالنا وأوزارنا والآثام التي ارتكبناها ونرتكبها.
من الضروريات التي نحتاجها، أن نتأمّل أحوالنا أوّلاً وما نحن عليه من أخلاقيات وسلوكيات، وكيف هي علاقاتنا مع بعضنا البعض داخل أسرنا ومع محيطنا وجيراننا، فنبادر إلى الإقلاع عن كلّ ما يفسد شعورنا، ويلوّث نفوسنا من أفكار سلبية وشريرة، ومن مشاعر حقد، ومن غلّ وحسد وضغينة، ونبدأ بتعويد أنفسنا على التفكير في كلّ خير ورحمة ومحبة، والتزام بالحقّ، والسير في الفضيلة، والمبادرة إلى التخفيف من الاحتقان فيما بيننا، ومعالجة ذلك بإحلال لغة التقارب بين الأزواج، وبين الأهل وأبنائهم، وفهم بعضهم البعض، والتروي في التعامل، ووعي الأساليب التي تقوي الترابط الأسري والعائلي، وتحقق السلام بين الناس بوجه عام.
الأهل مسؤولون عن تهيئة الظروف الملائمة لأولادهم، كي يتربوا على ما يفيدهم في هذا الشهر الكريم. ومن ذلك، حسن رعايتهم وتأديبهم، وتعليمهم الأمور الدينية والشرعية، بالمستوى الذي يفهمونه ويقدر على التّأثير في مشاعرهم وعواطفهم، ويجعلهم أكثر طمأنينة وسكينة وانفتاحاً على كلّ جوّ روحيّ يزكّيهم ويطهّرهم.
كما أنّ الأهل مسؤولون في هذه الأوقات على وجه الخصوص، أن يصحبوا أولادهم إلى المساجد للصّلاة وتلاوة القرآن الكريم، ولقراءة الدعاء، والاستماع إلى المواعظ، إذ إنّ أجواء المساجد تترك أثرها الطيّب على نفوسهم الطريّة.
الزوج والزوجة عليهما وعي المسؤوليّة الملقاة على عاتقهما، وحماية وضع العلاقة الزوجيّة والأسرة من أيّ اهتزاز، والمبادرة فوراً إلى معالجة كلّ سوء تفاهم، والتفكير برضا الله تعالى، فلا يعقل قدوم الشهر الكريم، وبعض الأزواج يؤجّجون الخلافات والعداوات فيما بينهم، ويحرمون الجوّ العائلي من فضائل الشّهر المبارك التي تحثّ على المودّة والرّحمة، وتأكيدها بالقول والسلوك والموقف.
الشباب أيضاً عليهم التوقف عند معاني هذا الشّهر، والمبادرة إلى استغلال طاقاتهم في سبيل التزوّد منه، بما يحصن أخلاقهم، ويسمو بهم، بحيث يتلمسون من هذا الشّهر كلّ ما ينفعهم ويجعلهم أكثر انفتاحاً على الله وعلى مسوؤليّاتهم تجاه أنفسهم والحياة التي يقبلون عليها، بأن يصنعوا لحظاتهم التي تليق بهم وبكراماتهم، وتحفظ أنفسهم من كلّ المغريات التي تسيء إليهم. فالشهر الكريم يدعو الشباب إليه، حتى يكونوا ممن يحيون أوقاته بكلّ همّة وإخلاص وتوجه إلى الله، بما يزيدهم عزّةً وعنفواناً، فلا يريد الله تعالى شباباً خانعين كسولين خاضعين لنزواتهم المنحرفة.
على أبواب الشهر الكريم، فلنكن كرام النفوس، ولنعكف على تحسين أخلاقياتنا، ونتأدّب بآداب الله تعالى، حتى نكون بحقّ من أهل هذا الشّهر الذين كتب عليهم الصّيام فعلاً لا قولاً.