في الوقائع، تؤكّد المصادر القريبة من مركز القرار في محور المقاومة، أن ما حصل هو «عملية عسكرية ضخمة» بكل المعايير، إن لجهة حجم الرد، أو لجهة عدد ونوعية الصواريخ التي استهدفت مواقع اسرائيلية في هضبة الجولان المحتلة، ومن بينها «صواريخ نوعية ذات مديات بعيدة» وصل عددها الى 60 صاروخاً.
وتوضح: «إذا سلمنا بالدعاية الإسرائيلية بأن هناك 20 صاروخاً تم إسقاط بعضها، فهذا يعني أن هناك أكثر من 40 أخرى أصابت أهدافها، مع الإشارة إلى ان المواقع العسكرية التي استهدفها القصف في الجولان هي مواقع ضخمة، وكبيرة المساحة، وتضم عديداً كبيراً من الجنود، وتجهيزات حديثة ومتطورة».
وتلفت المصادر الى جملة دلالات صاحبت الـ«ميني حرب» التي وقعت فجر أمس، من بينها:
أولاً، تعتبر هذه العملية أول رد كبير ونوعي في هضبة الجولان السورية منذ حرب تشرين الأول 1973، ما يحقق كسراً لهيبة "إسرائيل" وتآكلاً لقوة ردعها المفترضة. وهي تأتي ضمن مسار بدأ منذ ما قبل إسقاط الدفاعات السورية طائرة «أف 16» إسرائيلية في 10 شباط 2018، ويهدف إلى إرساء معادلة ردع جديدة في سوريا، تحول دون استمرار العدو في استهداف قدرات محور المقاومة فيها. وهذه المعادلة ربما تكون بحاجة إلى أكثر من جولة مواجهة قبل أن تتحقق.
ثانياً، تكمن أهمية ما حصل أن هناك «جهة ما» قرّرت ــــ أولاً ــــ أن ترد على الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة، وأعلنت ــــ ثانياً ــــ أنها ستردّ، وردّت ــــ ثالثاً ــــ رغم التهديدات الاسرائيلية بتدمير دمشق وبتوجيه ضربة استراتيجية الى الجيش السوري، وصولاً الى التهديد باغتيال الرئيس بشّار الأسد.
كشفت الجولة أن العدو مردوع عن المساس بالاستقرار اللبناني
ثالثاً، لم تكن هناك، قبل العملية، عناصر خافية على الجانب الإسرائيلي أو مفاجئة له؛ أولاً، لأن القرار بالرد كان معلناً بوضوح، وثانياً لأن الطيران الإسرائيلي وأجهزة الرصد التابعة له والمنظومة الأمنية كانت تعمل على مدار الساعة لكشف أي تحرك، مع التركيز على منطقة الجولان حيث كان متوقعاً أن يكون مسرح العمليات… ورغم ذلك، انطلقت الصواريخ في اتجاه هذه المنطقة بالذات، و«أصابت أهدافها» وفق ما تؤكّد المصادر نفسها.
رابعاً، على رغم استقدام العدو كل التشكيلات والمنظومات الدفاعية إلى منطقة الجولان لاسقاط الصواريخ، فإن ذلك لم يحل دون وصول «40 صاروخاً على الأقل» إلى أهدافها.
خامساً، على رغم أن نيّة الرد كانت قراراً معلناً، فقد بيّنت التطورات العسكرية الأخيرة أن الجبهة الاسرائيلية الداخلية لم تكن جاهزة على الإطلاق، ولهذا دلالاته، إذ يأتي عقب عشرات المناورات الاسرائيلية منذ انتهاء عدوان تموز 2006، وعقب ادعاءات العدو باستعداده لأي مواجهة مقبلة رغم تسليمه بأن جبهته الداخلية لن تكون في منأى عن الضربات. لكن ما بُثّ من صور للملاجئ وما نقل عن ألسنة زعماء المستوطنات يوحي بأن أمور هذه الجبهة أبعد ما تكون عن الجهوزية.
سادساً، رغم لهجة التهديدات العالية واجتماع مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغّر والتحريك الواسع للقوات في الجولان، فقد عمد قادة العدو الى إجراء اتصالات دولية على مستوى عال طلباً للتهدئة. وبعد أول اتصال روسي بالجانب الإيراني للقول إن "اسرائيل" تريد وقف العمليات، أُطلِق عدد إضافي من الصواريخ من سوريا باتجاه مواقع جيش الاحتلال في الجولان.
سابعاً، رغم الادعاءات الاسرائيلية بأن الغارات دمّرت كل القواعد الإيرانية في سوريا، فإن واقع الحال أن الضربات استهدفت مواقع تم إخلاؤها مسبقاً، باستثناء بعض المواقع التابعة لقوات الدفاع الجوي السوري الذي «سجّل إنجازاً كبيراً» في قدرته على اسقاط الصواريخ الاسرائيلية.
«ليلة الصواريخ»، بحسب المصادر، كرّست معادلة أن أي ضربة "اسرائيلية" لن تبقى من دون ردّ، وأن محور المقاومة لن يكون بعد الآن متلقّياً للصفعات من دون ردّها. ومن أهم ما كشفته هذه الجولة، كما سابقتها يوم إسقاط طائرة الـ«اف 16» الإسرائيلية، أن العدو مردوع عن المساس بلبنان. ومواجهة فجر أمس، في نظر مركز القرار في محور المقاومة، لن تؤثر على الاستقرار اللبناني، لا سياسياً، ولا أمنياً ولا عسكرياً.
بقلم: وفيق قانصوه
المصدر:الاخبار