ومع اندلاع المعارك العنيفة بين التنظيمات المسلّحة منذ مطلع نيسان الحالي في الشّمال السوريّ، يزداد عدد القتلى في صفوف القادة بعد فتح باب الاغتيالات على مصراعيه بين الفصائل المتقاتلة فيما بينها، دون اعترافٍ علنيٍّ بعمليّات “القتل النخبويّ” التي تُدار عبر عناصر مجهولة في مناطق سيطرة كلّ منهم.
فبعد عمليّة قتلٍ منظّمة لقياديٍّ في شرطة الثورة بمنطقة الدانا الجمعة الماضية، تلتها محاولة اغتيال للقياديّ الشرعيّ المنشقّ عن “هيئة تحرير الشّام” عبدالله المحيسني في منطقة النيرب، عاود مسلحّون مجهولون إلى استهداف موكب لقياداتٍ في الهيئة بعمليّات قنصٍ خلال مرورهم وسط مدينة إدلب، كما تمّ قنص قيادي في “حركة أحرار الشّام” مساء السبت.
وخلال الشّهر الحاليّ، قُتِلَ نحو 13 قياديّاً وأكثر من 40 عنصراً بعمليّات اغتيالٍ لمْ تعترف بها الجهات المُنفِّذة لها، ليتّهم بعض الناشطين المعارضين الدولة السّوريّة بأنّها من يقف وراء هذه الاغتيالات، محذّرين من خلايا نائمةٍ تعمل لصالح السُّلطة السوريّة كانت قد تغلغلت فيما بينهم مع المُرحَّلين من مناطق ريف دمشق في عمليّات التسوية الأخيرة، بحسب قولهم.
وذكر ناشطون معارضون بأنَّ عمليّات الاغتيال والمعارك المُستعِرة بين الفصائل لمْ تحدث في تاريخ “الثورة السوريّة” على الإطلاق، بحسب تعبيرهم، ودعوا إلى الاتّحاد ومواجهة ما يُحاك لأكبر معاقل “الثوّار” على حدِّ تعبيرهم، لافتين إلى ضرورة التدقيق في من يتمّ إدخاله إلى المحافظة من المحافظات الأُخرى، في إشارة إلى عمليّات نقل المسلّحين من مناطق في الدّاخل السوريّ إلى إدلب.
ما استدعى إعلان كلّ من تنظيم “حرّاس الدّين” وفصيل “أنصار التوحيد”، يوم الأحد، تشكيل تحالف “نصرة الإسلام”، بهدف التعاون على البرّ والتقوى لإقامة دين الله، بحسب ما جاء في بيان صادر عن التحالف الجديد.
وذكرت مصادر في المعارضة بأنَّ السّاعات المُقبلة قد تشهد انضمام فصائل أُخرى للحلف، مشدِّدة على أنّها يجب أنْ تحتوي الجميع للإعلان عن قائدٍ واحد يُكمل “مسيرة الثوار”، بحسب المصادر.
من جهة ثانية، يقول مصدر ميدانيّ في القوّات السوريّة لـ”وكالة أنباء آسيا”: “إنَّ اقتتال الفصائل فيما بينها لا شكّ سيسهّل عمليّة استعادة المحافظة منهم في حال بدأت معركة كبرى في اتّجاهها، مبيّناً أنَّ الطريق إليها ستكون معبّدةً بتصفية بعضهم بعضاً خلال الفترة القادمة”.
وأكّد المصدرُ الميداني أنَّ أيّة عمليّةٍ عسكريّةٍ ينفّذها الجيش السوري لا شكّ ستكون مدروسةً، وخاصّةً معركة إدلب، مبيّناً أنّه سيتمُّ الإعلان عنها في حال اتُّخِذ القرار للتحرّك نحو تحرير المدينة.
وتضمّ إدلب أكبر عددٍ من المسلّحين في سورية، بعد أنْ باتت وجهة معظم من يُضمُّ منهم إلى عمليّات التسوية مع الدولة السوريّة، منذ حوالي عامين ونصف العام وحتّى اليوم، لتشهد تواجد نحو 43 فصيلاً مسلّحاً أشهرها اليوم “حرّاس الدِّين” الذي يُعدُّ أحد أفرع تنظيم “القاعدة”، بالإضافة لفصائل أُخرى تعمل في كلّ فترةٍ على تغيير أسمائها وفق توجّهاتٍ معيّنة وتغيير قيادات تشكيلاتها، ومنها: (هيئة تحرير الشّام، وحركة أحرار الشّام، وجبهة تحرير سورية، وأنصار التوحيد، وجيش العزة).
والتساؤل الذي يطرحه ناشطون سوريّون، هل تكون معركة إدلب هي الوجهة الجديدة للجيش السوريّ بعد استعادته لريف دمشق واقتراب إغلاق ملفّ جنوب العاصمة، ليبقى السؤال قيد رهن الميدان.. ويقولون: “متى يعود الاخضرار إلى إدلب وتُطفَأ نار المعارك فيها؟”.
عبير محمود / اسيا
27/101