رصد تقرير أعدته هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، على يد باحث أثري يدعى بول كوبر، ما وصفته بـ”الجريمة الأخطر”، التي ارتكبها صدام حسين بحق العراق.
وقال كاتب التقرير: “وقفت من شرفة غرفة نوم صدام حسين، وشاهدت السهول الممتدة أمامي، ولاحظت أطراف الجدران المتحطمة والمعمار القديم، الذي يرجع 2500 عام إلى الوراء، حيث كانت مدينة بابل القديمة، تحكم العالم”.
وتابع “لكن لم يكن يتخيل أي شخص يقف يشاهد أطلال بابل، أنه يقف أيضا على أطلال نظام زائل آخر، ارتكب جريمة لا تقل بشاعة عن الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي في العراق”.
وأوضح بقوله “دمر داعش عدد كبير من المواقع التاريخية في تدمر، لكن يبدو أن التاريخ يغفل أن صدام حسين دمر أيضا عدد هائل من التراث والتاريخ العراقي القديم، بدعوى أنها لا تتناسب مع رسالة الدولة العراقية حينها”.
واستطرد “رغم أن التراث العراقي تم نهبه من قبل القوى الاستعمارية على مدار السنوات، لكن ما فعله صدام حسين، أنه شوه هذا التاريخ، بحيث يخدم أغراضه الخاصة لبناء التفوق العراقي، وفق وجهة نظره الشخصية”.
نبوخذ نصر
ونقل الكاتب عن حضوره أول اجتماع أجراه صدام حسين مع علماء الآثار عام 1968، عندما قال: “الآثار هي أعظم ما يمتلكه العراقيون، وينبغي أن تظهر كيف أن العراقيين هم أصل كل الحضارات السابقة، وهي من ساهمت بشكل كبير في تطور الجنس البشري، وما دون ذلك يمكن أن نتخلص منه”.
وأشار إلى أنه عقب ذلك الاجتماع، بدأ صدام حسين عمليات إعادة إعمار واسعة ومكثفة لمناطق أثرية في نينوى وحرضا ونمرود وآور وسامراء وطيسيفون، لكي يصب الاهتمام فقط على ما أطلق عليها “جوهرة العراق” ألا وهي “بابل”، التي كان يرغب فقط في تصدرها المشهد الأثري العراقي.
بالنسبة لصدام حسين، وفقا للتقرير، كانت تتمتع بابل بسحر خاص، حيث أنفق ملايين الدولارات، في خضم الحرب العراقية الإيرانية، على إعادة بناء جدرانها، حتى أنه أصر على كتابة اسمه على الطوب الحديث المستخدم في إعادة إعمار بابل، تيمنا بالملك نبوخذ نصر، أحد أبرز ملوك بابل، كان يختم اسمه على الطوب الخاص بالمدينة.
ووصف قائد التحالف حينها، بول بريمر، الذي عمل مبعوثا للحكومة العراقية في أعقاب سقوط صدام عام 2003: “ما فعله صدام حسين كان تحريفا يحتوي على فظائع مرعبة بحق التاريخ”.
وكان صدام حسين مهووسا بالملك نبوخذ نصر، حتى أنه في إحد المسرحيات استخدم فيها شعار “صدام حسين… نبوخذ نصر العصر الحديث”.