وكان وزير الري المصري الأسبق، محمود أبوزيد، كشف قبل أيام في المؤتمر الدولي لجامعة الأزهر بعنوان "الزراعة والتحديات المستقبلية"، عن أن إثيويبا تعكف حاليا على إنشاء 33 سدا مختلفا، منها 11 لتوليد الكهرباء و22 للتنمية الزراعية، إضافة إلى وجود 4 سدود أساسية أمام سد النهضة.
وحذر "أبو زيد" من أن "سد النهضة سيقلل خصوبة الطمي، ما يؤثر على الزراعة ويقلل من جودة الأراضي، ويسبب في ندرة المياه، وبالتالي تهديد الأمن الغذائي لمصر، وكل تلك المؤشرات تؤكد أن مصر على حافة كارثة خطيرة".
مسألة حياة أو موت
وحمل الخبير الزراعي والمستشار السابق بوزارة التموين المصرية عبد التواب بركات، نظام عبد الفتاح السيسي مسؤولية تدهور الوضع المائي في مصر، قائلا إن "تماهي السيسي مع الحكومة الإثيوبية ودخوله في مفاوضات عبثية، والتسليم المطلق بحق إثيوبيا في إقامة سد النهضة، والتفريط في حق المصريين في مياه النيل شجع الإثيوبيين على بناء شبكة السدود".
مضيفا أن "تشغيل هذه السدود سوف يضاعف الآثار السلبية الاقتصادية، والجرائم الاجتماعية، وتفقد مصر أرضها الزراعية الخصبة بل والحياة المستقرة"، لافتا إلى أنه "عندما تنهي إثيوبيا بناء سد النهضة وتبدأ في ملء خزان السد فسوف تنخفض حصة مصر من مياه النيل بمعدل 25 مليار متر مكعب ما يعني أن بحيرة السد العالي ستفرغ تماما بعد 3 سنوات، وفي السنة الرابعة يبدأ تبوير 4 إلى 5 ملايين فدان".
وأضاف أنه "وفق تصريح وزير الري المصري الحالي أمام غرفة التجارة الأمريكية، فإن انخفاض مياه النيل بمعدل 2% يؤدي إلى تشريد 200 ألف أسرة، ما يعني أن 20 إلى 25 مليون مصري سوف يفقدون مصدر رزقهم"، داعيا السيسي إلى "الانسحاب من اتفاقية مبادئ الخرطوم التي وقعها في 2015 وتدويل القضية حفاظا على حقوق المصريين التاريخية في المياه".
ونوه إلى أن " الفجوة الغذائية التي وصلت إلى 70%، سوف تزداد وتتافقم؛ ما ينذر بحدوث اضطراب مجتمعي أو ما يمكن تسميته بـ"جرائم المياه"؛ بسب ندرة المياه والصراع عليها، علاوة على دفع كثير من أبناء الريف للهجرة إلى المدن والدول العربية والأجنبية ما يهدد السلم والأمن المصري".
البحث عن بدائل
وكشف الأمين العام لمجلس الوزراء الأسبق، ومستشار المجلس العربي للمياه، صفوت عبد الدايم، أن "أي سدود ستبنى في إثيوبيا على النيل الأزرق سوف تؤثر بشكل سلبي على تدفق المياه في مجرى نهر النيل، ولكن ليس كل هذا العدد مقام على النيل، فإثيوبيا لديها سبعة أنهار لا يصب منها في نهر النيل سوى النيل الأزرق، وفكرة إنشاء السدود مكلفة، وأديس أبابا ليست غنية بما فيه الكفاية".
وأكد أن "مصر قلقة من سد النهضة؛ لأنه سيؤثر على كميات المياه الواردة لها"، مشيرا إلى أن "سياسة إثيوبيا المائية تضر بمصر بشكل قاطع، وأي سد يقام على مجرى النيل يمنحها تحكما في سريانه ويؤثر على تدفقه، وإذا لم يتم دراسة أثار التحكم وأضراره بشكل عادل فسيلحق الضرر بالأطراف الأخرى".
وبشأن استعدادات الحكومة المصرية لمواجهة تداعيات تراجع حصة مصر في مياه النيل، قال إن "هناك بدائل يجب تطبيقها، مثل ترشيد استهلاك المياه بتغيير نمط الري، والتقليل من الزراعات شرهة المياه، والاتجاه نحو التحلية بإقامة محطات تحلية في المدن الساحلية بعد توفر الطاقة وحل مشكلتها؛ لتوفير مياه الشرب"، مشيرا إلى أن هذا سيجنب مصر حدوث أزمة مياه كارثية".
سياسة غير واضحة
وقال أستاذ الأراضي والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية، محمد نوفل، إن "مصر محرومة أصلا من طمي النيل منذ سنوات عديدة، وتم تعويضه بتعديل طرق التسميد، وأصبحنا نعتمد على الأسمدة العضوية".
وأشار إلى وجود "تخوفات لدى المتخصصين في ملف الري والمياه من سياسة بناء السدود على نهر النيل؛ لإننا نتوقع زيادة كمية المياه بمرور الوقت؛ بسبب زيادة عدد السكان الطبيعية، وليس نقصانها فإذا كانت اتفاقية 1959 تنص على أن حصة مصر 55 مليار متر مكعب فاليوم لا بد أن تكون أكثر من ذلك بكثير؛ لآنها في حجمها الحالي غير كافية أصلا".
وفي ما يتعلق بقدرة الحكومة على استيعاب حجم المشكلة، أكد "أن الأمر غير واضح، ولا نعرف المستجدات؛ فالمفاوض المصري ضعيف، وموضوع المياه هو مسألة حياة أو موت، ومسألة أمن قومي وليس أمنا غذائيا فحسب".
24-101
المصدر: عربي21