مجتبى السادة
علامات الظهور:
إن أخبار و علامات الظهور(1) كثر ذكرها في كتب وآثار الإمامية ومصدرها روايات رسول الله (ص) وأهل البيت عليهم السلام ، وقد أوضحوها (ع) في مسار حديثهم عن الإمام المهدي (ع) ، وحظيت باهتمام خاص من قبلهم (ع) ، ويهدفون من وراء تكرار ذكرها إلى تثبيت العقيدة المهدوية وترسيخها في أذهان المسلمين على طول العصور ، حيث جعلوا من الانتظار الذي أعلنوا ثوابه مسبقاً قاعدة عظيمة يمكن على ضوئها تثبيت القضية المهدوية في المجتمع الإسلامي ، لذلك نجد أن العلائم موزعة الحدث على فترات زمنية متباعدة وعلى طول تاريخ الغيبة ، وتنقسم علامات ظهوره (ع) عند الإمامية إلى نوعين:
ألف- علامات عامة:
تصف حالة المجتمع من حيث شيوع بعض الظواهر المنافية للدين والأخلاق ، أو بعض الأحداث التي جاء ذكرها متناثراً هنا وهناك من حيث الزمان والمكان ، ومن دون إشعار بالارتباط بينها وبين العلامات الأخرى ، وليس هناك إرتباط زمني محدد أو قريب من عصر الظهور ، ولذا لا تُعطى تلك الأهمية من المتابعة والتأمل والتحليل .. ننتخب شذرة منها ، ونركز على بعض العلامات العامة الموجزة القريبة من الظهور:
1-خروج المهدي في وتر من السنين.
2-سنة الظهور سنة غيداقة (كثيرة المطر).
3-سنة الظهور كثيرة الزلازل والخوف والفتن.
4-يخرج في مكة المكرمة في العاشر من محرم في سنة مجهولة عند الناس.
5-خروج الخراساني (الرايات السود) من قبل المشرق.
6-ظهور صدر إنسان ووجهه في عين الشمس.
7-ظهور مجسم في السماء على شكل يد بشرية تشير.
8-ركود (توقف) الشمس عن الحركة لعدة ساعات في رجب.
9-كسوف الشمس وخسوف القمر في غير وقتهما في رمضان.
10-تقع معركة قرقيسيا في شمال سوريا يقتل فيها مائة ألف شخص.
11-ثلاث رآيات تخرج في الشام (الأصهب - الأبقع - السفياني) تتقاتل مع بعضها.
12-تقسم الشام إلى خمس كور (محافظات منفصلة).
13-خسف قرية من قرى الشام تسمى حرستا.
14-هدم السور الأيمن من مسجد دمشق الكبير (المسجد الأموي).
15-فراغ سياسي وعسكري في الحجاز واضطرابات أمنية شديدة في المنطقة.
علامات خاصة (المحتومة): وهي عبارة عن ظواهر وأحداث كونية أو حضارية أو عسكرية ، وقد وضحت الروايات تفاصيلها مما يجعلها من هذه الناحية هامة وملفتة .. وهي مرتبطة بعصر الظهور مباشرة ، ومرتبطة بعضها ببعض كنظام الخرز ، وفي الروايات حددت الأماكن والأزمنة فيها بشكل قاطع ودقيق ، ولكن من غير تحديد للسنة أو العام التي سيظهر بها الإمام ، أي يظل العام الذي به اليوم الموعود مجهول لدينا .. وهذه العلامات الخاصة تهدف إلى تنبيه المؤمن المنتظر أن يستعد لاستحقاقات اليوم الموعود ، ومن المهم متابعتها بدقة واهتمام لاستقراء ملامح يوم الظهور.
المحتومات الخمسة: هي علامات خاصة أُطلق عليها في الروايات المأثورة بالعلامات الحتمية والتي لابد من وقوعها ، عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: (للقائم خمس علامات: السفياني ، واليماني ، والصيحة من السماء ، وقتل النفس الزكية ، والخسف بالبيداء.)
الأولى - السفياني: خروج رجل يقال له السفياني: (عثمان بن عنبسة من آل أبي سفيان من نسل يزيد بن معاوية) من ناحية الشام من الوادي اليابس ، ويمثل رمزاً للحكام المسلمين الظالمين ومناهض للمهدي ، وهو مدعوم من قبل الروم ، يستولي على محافظات الشام الخمس ، يشارك في معركة قرقيسيا ، ثم يغزو العراق ويرتكب مجازر بشعة ضد الشعب العراقي ، ويغزو الحجاز ويكون خسف البيداء بجيشه ، يخرج في شهر رجب في سنة زوجية قبل عام الظهور ، ويفصل بينه وبين ظهور المهدي (ع) في مكة ستة أشهر فقط .. وهذا الحدث أو العلامة متفق عليه بين الشيعة والسنة.
الثانية - اليماني: خروج سيد حسيني من نسل زيد بن علي بن الحسين (ع) من ناحية اليمن ، ولذا أطلق عليه اليماني ، وتصف الأحاديث حركته بأنها راية هدى وهو يدعو للإمام ، يخرج في شهر رجب في نفس يوم خروج السفياني والخراساني وسوف يتوجه إلى العراق والشام ويشارك مع الخراساني في قتال السفياني ، وهو أحد أفراس الرهان في المنطقة.
الثالثة - الصيحة من السماء: حدث كوني غريب ، وهو حدث من عالم الملكوت ، وهو صوت ونداء من السماء (صوت جبرائيل) يسمعه أهل الأرض جميعاً ، كل قوم بلغتهم ، يحدث هذا الصوت في شهر رمضان ، ويخبر: ألا إن الحق مع المهدي وشيعته .. وهو دليل واضح من الله سبحانه وتعالى إلى كل الناس على قرب ظهور المهدي ، وهذه العلامة إعجاز إلهي وهامة جداً حيث لا يمكن التلاعب بها ، وهي أوضح وأصدق علامة لقرب ظهور الإمام ، وقد اشار لها القرآن الكريم في قوله تعالى:
{وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ(3)}.. ثم تعقبها عملية تكذيب عالمية واسعة (بقيادة ابليس اللعين) للتعمية على هذا الإعلان وتشويهه ، فيقال إن هذا الصوت من سحر الشيعة .. وبين الصيحة وبين اليوم الموعود ثلاثة أشهر ونصف الشهر.
الرابعة - قتل النفس الزكية: وهو الشاب الحسيني الذي يبعثه الإمام المهدي (ع) لأهل مكة لتهيئة الأجواء للحركة المباركة ، فينقل في يوم الخامس والعشرين من ذي الحجة ، أي قبل ظهور الإمام المهدي (ع) بخمس عشرة ليلة ، خطاب شفهي من الإمام إلى الحجاج في بيت الله الحرام ، وقبل أن يكمل كلامه ترتكب جريمة قتله في الحرم المكي بين الركن والمقام .. وهذا الحدث آخر العلامات ، ومتفق عليه بين الشيعة والسنة.
الخامسة – خسف البيداء: الخسف الذي يقع بجيش السفياني القادم من الشام إلى الحجاز ، والمتجه إلى مكة المكرمة للقضاء على حركة الإمام المهدي (ع) في بدايات ظهورها .. ومكان الخسف أرض البيداء الواقعة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة .. وهذا الخسف كمعجزة إلهية من الدلالات القوية على صدق وحقيقة ارتباط المهدوية الصادقة بالغيب.
إن هذه العلامات الخمس الخاصة والحتمية ، أخبر بها الرسول صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام قبل أن يولد الإمام المهدي (ع) بأكثر من قرنين .. وبدراسة هذه العلامات نستنتج عدة أمور:
أولاً - معالم الطريق: رسم منهج به تحذيرات وإنذارات مسبقة ، ومنارات هدى على الطريق ، بإيضاح صورة ومعالم رآيات الهدى ، وصورة ومعالم رآيات الضلال.
ثانياً – مناهج عمل: رؤى عملية ومناهج حركية نستهدي من خلالها للتمهيد لحركة الظهور ، وأن تأخذ هذه العلامات دورها الموجّه والراسم لمسار الحركة الرسالية في زمن الغيبة الكبرى.
إن علامات الظهور عبارة عن خارطة زمانية ومكانية للمنتظرين ، دالة للمؤمنين على إمام زمانهم كي لا يخدعوا بالمدعين للمهدوية ، وخير مثال على ذلك (الصيحة وخسف البيداء) ، وأن هذا البلاء والظلم قد أزف زواله لقرب ظهور الإمام المنتظر ، وخير مثال على ذلك (السفياني) .. فواحدة من مهمات علامات الظهور أنها تشخص ذلك الوقت الموعود (يوم الظهور) وتدلنا عليه ، وفي نفس الوقت تزرع الامل والتفاؤل في نفوس المؤمنين في مواجهة المصاعب والمحن ، وما علينا إلا أن نراقب هذه الخريطة.
الهوامش:
(1)من أراد التوسع في هذا الموضوع ، فليرجع لكتابنا (الفجر المقدس) ، الفصل الثالث: به أحداث سنة الظهور بالتفصيل والأدلة وحسب التسلسل الزمني.
(2) الإرشاد للمفيد ج2 ص379، كمال الدين ص590، غيبة النعماني ص169، غيبة الطوسي ص267، أعلام الورى ص426.
(3)سورة ق : آية 41 - 42.
المصدر: كتاب رؤى مهدوية