اليوم بعد حالة «الهلع» التي أصابت هؤلاء بعد تصريحات الرئيس دونالد ترامب عن عزمه على سحب قوات بلاده، خرج وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ليعلن إجراء «نقاشات مع واشنطن حول نوعية القوات التي يجب أن تكون في شرقي سوريا، ومن أين ستأتي هذه القوات».
الآن، بعد هزيمة «داعش»، يريد رئيس دبلوماسيي «صاحب الجلالة» أن يقطف مقعداً بارزاً في صورة «مستقبل سوريا»، وأن يمنع التمدد السوري (الرسمي) ـ الإيراني ـ الروسي من سدّ فراغ الغياب الأميركي. التمنيات السعودية تشابهها تمنيات أخرى تكتسح أروقة «الإليزيه» هذه الأيام.
فالرئيس إيمانويل ماكرون لم يكتفِ بالاستعراض الكلامي عن دور بلاده في المنطقة ثم مشاركته الهامشية في العدوان الثلاثي قبل أيام، بل أكد أمس أن بلاده «تدخّلت (في الضربة) حفاظاً على شرف الأسرة الدولية». «ضمير المجتمع الحر» تبجّح رئيس أركانه أول من أمس بأن باريس «هي التي قادت العدوان الثلاثي». صاحب أدبيات مرحلة الاستعمار التي أضحت خلفنا والتي تواجه بلادها الفشل تلو الآخر، يسأل كيف «نبني سوريا الغد إن حوّلنا أنظارنا وتركناها لنظام (الرئيس) بشار الأسد وحلفائه».
هذه الحماسة الفرنسية ـ السعودية اشتدّت بعد نشر صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية تقريراً يؤكّد نية إدارة ترامب سحب قواته من الأراضي السورية «على أن تحلّ محلها قوات عربية… بهدف تأمين الشمال السوري».
جولة «علاقات عامة» خاضها مستشار ترامب للأمن القومي، جون بولتون، مع رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، وكل من السعودية وقطر والإمارات للمساهمة بمليارات الدولارات «للمساعدة في إعادة تأهيل الشمال السوري». وبحسب مسؤولين أميركيين، تريد الإدارة من هذه الدول أن ترسل قواتٍ أيضاً.
الجبير «التقط اللحظة» ليسارع، في خلال مؤتمر صحفي مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في الرياض، ليذكّر بالعروض الأميركية المتوالية حول هذا «المشروع»، قائلاً: «في ما يتعلق بأزمة إرسال القوات إلى سوريا، فقد قدمنا مقترحاً لإدارة الرئيس السابق باراك أوباما، إنه إذا كانت الولايات المتحدة سترسل قوات فإن السعودية ستفكر مع بعض الدول في إرسال قوات كجزء من هذا التحالف، لذلك الفكرة ليست جديدة».
وذكّر بمقترحات «لبعض دول التحالف الإسلامي» في «السنة الأخيرة تحت إدارة أوباما» التي «في النهاية لم تتخذ إجراءً بخصوص هذا المقترح».
لعلّه كان على ضيفه أن يذكّره بما كتبه آشتون كارتر في مذكراته بعد فشل «الطروحات السابقة». ففي محادثة بين الوزير الأميركي وبين أحد أعضاء الكونغرس «الذي كان قد وصل للتو من اجتماع مع دبلوماسي خليجي ادعى فيه الأخير أن هناك جيشاً من 70 ألف جندي مستعدين للعبور نحو العراق وسوريا وهزيمة داعش»، يقول كارتر «سألني عضو الكونغرس لمَ لم أقبل العرض؟ فأجبته: هل قال لك إن 60 ألفاً من هؤلاء هم سودانيون؟».
هذا عن الرياض التي تقفز من وهم إلى وهم، أمّا الرئيس الفرنسي فيبدو أنه انتبه لبعض تقارير وزارتي الدفاع والخارجية، ليقول بعد «الدرس الأخلاقي»، مخاطباً النواب الأوروبيين في ستراسبورغ، إن بلاده «ستواصل العمل من أجل حل سياسي في سوريا من خلال التحدث إلى جميع الأطراف، روسيا وتركيا وإيران والنظام وجميع قوى المعارضة، من أجل بناء سوريا الغد وإصلاح هذا البلد».
على المقلب الآخر، كان المندوب الروسي في الأمم المتحدة، فاسيلي نيببنزيا، يصوّب مرّة جديدة على «جثّة» العملية السياسية التي تصيبها الضربات المتتالية منذ عدوان فجر السبت.
نيببنزيا، أكد أنّ جهود الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا لبدء تحقيق جديد في الأسلحة الكيميائية وإنعاش محادثات السلام «تأتي في غير وقتها». وطرح «الحلفاء الثلاثة» يوم السبت مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى «فتح تحقيق جديد لتحديد مرتكبي الهجمات الكيميائية في سوريا والدفع من أجل تفكيك جميع أسلحة سوريا الكيميائية والدعوة الى وقف لإطلاق النار والمطالبة بدخول محادثات سلام». ورداً على سؤال عن هذا المشروع، قال نيببنزيا لـ«فرانس برس» إن «موسكو ليست مستعدة للتحاور مع الغرب حول سوريا بعد الضربات العسكرية».
الأدلة اختفت!
في السياق، قالت وزارة الخارجية الفرنسية، أمس، إنّ «من المرجح بشدة أن تكون أدلة اختفت من موقع هجوم يعتقد أنه كيميائي في دوما». ويأتي ذلك بعد وصول الخبراء إلى المدينة السورية وتأكيد التلفزيون الرسمي أنهم «دخلوا دوما». ثم في وقت متأخر أمس، صرّحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر ناورت، بأن بلادها تعتقد أن المفتشين «لم يتمكنوا بعد من دخول موقع الهجوم الكيميائي». وأضافت أنها سمعت بتقارير من سوريا تفيد بأن مفتشي المنظمة تمكنوا من رؤية الموقع، لكن «ما نعلمه أن الفريق لم يدخل دوما».
المصدر: الأخبار