قرار اللجوء إلى الخيار العسكري اتخذ "مهما كان موقف مجلس الأمن"! حسبما أعلنت المندوبة الأميركية نيكي هايلي من على منبر مجلس الأمن الدولي.. وعليه، لم يكتف ترامب بالضربات الصاروخية التي أوكلها إلى تل ابيب لتنفيذها فجر الإثنين الفائت على قاعدة تيفور في ريف حمص والتي ردت عليها الدفاعات الجوية السورية بطبيعة الحال، مسقطة خمسة منها أطلقتها طائرات أف 15 من الأجواء اللبنانية، بل توعد بضربات وشيكة من المفروض أن تكون مشتركة أميركية – فرنسية – بريطانية ضد أهداف في سوريا لم تُحدد، على وقع استعراض المدمرات الأميركية في بحر المتوسط وتسريبات لحاق سفن حربية أطلسية بها "إيذانا باقتراب القصاص من سوريا وحلفائها"!
ووسط ارتفاع احتمال توجيه ضربة ضد قاعدة حميميم الجوية الروسية، بعد تقصد ترامب توجيه اتهام مباشر لشخص الرئيس فلاديمير بوتين بالضلوع إلى جانب الرئيس الأسد بالهجوم الكيميائي المزعوم في دوما، سيما أن البيت الأبيض سبق وحددها بـ" نقطة انطلاق عمليات القصف التي تُنفذها الطائرات الروسية في دمشق وغوطتها، رجح خبراء عسكريون أميركيون أن تطال الضربات المُتوقعة منشآت رئيسية في سوريا" وألا تكون شبيهة بواقعة قصف مطار الشعيرات في نيسان العام الماضي" ربطا بجنوح صقور فريق ترامب اليوم إلى دفعه باتجاه شن حرب أقسى بكثير ضد سوريا وحلفائها، فيما نقلت صحيفة "فورين بوليسي" الأميركية عن الخبير العسكري نيكولاس غيراس- من مركز الأمن الأميركي الجديد- قوله "إن ترامب سيستعرض طموحاته بشكل كاف هذه المرة، وعليه فإن الولايات المتحدة سوف تضطر لمهاجمة المزيد من الأهداف، بحيث يتم تقويض القدرات العسكرية للجيش السوري"، مرجحا أن تكون الأهداف العسكرية المتوقعة.. في شرق سوريا وغربها.
بالتزامن، أرجعت بعض المواقع الإخبارية "الإسرائيلية" القرار الأميركي بشن حرب ضد سوريا -وبالأخص داعميها- إلى شهور خلت، "وهذا ما دفع ترامب مؤخراً إلى تشكيل فريق من الصقور للدفع بهذا الإتجاه"-حسب إشارتها-، وصوبت على مباشرة واشنطن بتعزيز قواتها المنتشرة بالأردن كما القوات الأخرى التابعة لحلف الناتو، مُرفقة بنشر منظومات دفاع جوي هناك.
ويربط مركز فيريل الألماني للدراسات بين نشر تلك المنظومات مؤخراً على الأراضي الأردنية، وحرب قد تكون مُرتقبة بين العدو الاسرائيلي ومحور المقاومة، مُبيناً أن كل هذا الحراك العسكري هو لحماية سماء "إسرائيل" من الصواريخ "المعادية" بعد أن أثبتت قبتها الحديدية فشلها في أداء مهمتها.. ليذهب موقع "ديبكا" الإسرائيلي في تقرير نشره أول من أمس، إلى تأكيد عزم ترامب تسديد ضربات قاسية وشيكة "ليس ضد أهداف سورية وحسب"، كاشفاً أن الحديث لا يجري فقط عن ضربة عسكرية واحدة سوف تُنفذ وتنتهي، ولكن عن سلسلة من العمليات العسكرية التي يمكن أن تستمر طوال شهر نيسان الجاري.. وما بعده!!
بالطبع تأخذ دمشق كما موسكو وطهران كل الإحتمالات العسكرية المعادية في حُسبانها. وتزامنا مع وضع كل القواعد العسكرية والقوات المسلحة الروسية -كما السورية والإيرانية- في حال استنفار تام، حط الممثل الخاص للرئيس فلاديمير بوتين ألكسندر لافرنتييف سريعاً وبشكل مفاجئ في طهران الثلاثاء، للقاء أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني لمدة استغرقت أكثر من ساعة ونصف، تزامناً مع زيارة مفاجئة أيضاً قادت مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي إلى دمشق، حيث توعد من هناك "إسرائيل" بأن ضربتها لمطار تيفور "لن تبقى دون رد".. كلمات نارية لم ينثرها المسؤول الإيراني في الهواء دون قصد ما يقول، سيما أن استهداف المطار المذكور أودى بحياة 7 مستشارين عسكريين إيرانيين.
وعليه.. تكشف معلومات صحافية إيرانية، إستنادا إلى تقارير وصفتها بـ"الموثوقة"، إلى أن طهران سترد على رسالة قتل مستشاريها العسكريين بـ"أحسن منها ومن عُقر الدار الإسرائيلية"!، موضحة أيضاً أن الرد الروسي على أي استهداف لقواعدها العسكرية أو قواتها في سوريا سيعبر على متن نُخبة منظوماتها الصاروخية في البر والبحر والجو، ليس فقط لتدمير الصواريخ الأميركية التي ستُشن على هذه الأهداف، وإنما لحواملها من المدمرات البحرية التي دفعت بها واشنطن باتجاه المتوسط، وألمحت المعلومات إلى أن قراراً "غيرمتوقع" أفضى إليه اجتماع ألكسندر لافرنتييف وعلي شمخاني المطول، استدعى اتصالاً عاجلاً بالرئيس بوتين الذي أعطى موافقته السريعة عليه.
ووسط كل هذه الهجمة الدبلوماسية على روسيا في مجلس الأمن مُرفقة بتسعير التهديدات المعادية عبر التلويح بعصا الضربات الأميركية-الأطلسية ضد سوريا على متن الأساطيل الأميركية وملحقاتها في البحر، والتي قد لا يعدو كونها "استعراض عضلات" في وجه روسيا-بوتين كما إيران، رجحت تقارير صحافية إيرانية اتفاقاً روسيا- إيرانيا "لعله الأخطر" أفضى إليه لقاء موفد الرئيس بوتين لافرتينييف مع شمخاني في طهران، يتعلق بالقوات والقواعد العسكرية الأميركية شرق الفرات "في حال ترجم دونالد ترامب تهديداته ضد سوريا. وهذا ما حذر منه عدد من المسؤولين الأميركيين الذين لا يُغردون في فلك ترامب وصقور فريقه، كان آخرهم جنيفر كافاريلا- من معهد دراسات الحرب في واشنطن- والتي نبهت واشنطن بضرورة الحذر فيما إذا ألحقت الضربات الأميركية أي أضرار بأهداف روسية أو إيرانية في سوريا" لأن الأسد والإيرانيين والروس سيُصعدون حتما ضد القوات الأميركية هناك" –حسب قولها.
إلا أن الأهم يكمن في طيات معلومات نُقلت عن مصدر في غرفة عمليات حلفاء الجيش السوري- تعقيباً على السؤال المشروع" لماذا كان الرد الروسي "بارداً" على الضربات الإسرائيلية ضد مطار التيفور الإثنين الماضي"؟ ولماذا لم تبادر الدفاعات الجوية السورية إلى ملاحقة الطائرات الإسرائيلية هذه المرة كما فعلت سابقا"؟
يكتفي المصدر بوصف الرد على الضربات الصاروخية الإسرائيلية حينها بـ"التكتيك الذكي للغاية" بعدم إعطاء ترامب الفرصة الذهبية التي كان يريدها بالتوقيت الأميركي-الإسرائيلي، وإنما تجهيز هذا الرد وفقاً للتوقيت السوري الروسي-الإيراني.. ويرجح المصدر كمينا "مُحكما" بانتظار الصواريخ الأميركية والأخرى الأطلسية "ليس في سوريا وحسب"، مُلحقاً بـ"حدث جوي صادم" في السماء السورية يُسجل سابقة وهدفا مدويا في مرمى واشنطن والناتو وتل أبيب!
بقلم: ماجدة الحاج