فمن منا لم يتمالك نفسه، وانهمرت دموعه عند لحظة نجاح أو فرح شديد، وكأن الحدث الذي يمر به انعكس سلباً على شعوره؟ ومن منا لم يجد من يحنو عليه في هذه اللحظات أو يربت على كتفه لمشاركته هذا الشعور؟
البكاء وقت الفرح، أمر طبيعي، يلازمنا في لحظات الزواج والإنجاب، أو التخرج من الجامعة وغيرها من اللحظات الإيجابية، ما فتح الباب واسعاً أمام الباحثين لسبر أغوار هذا الشعور المحير، وللإجابة على التساؤل: "لماذا نبكي عند الفرح، وهل هذا الشعور صحي؟".
مجموعة من علماء النفس، توصلوا عبر دراسات عدة، إلى أن بكاء الإنسان عند لحظات الفرح يعد شعوراً لا إرادياً يسهم في تحقيق نوع من التوازن العاطفي الذاتي. ووفقاً للعلماء، فإن تفاعل عقل الإنسان مع العواطف الجياشة التي يمر بها في هذه اللحظة، بأخرى سلبية، تجعله قادراً على إحداث التوازن مع الإنفعال الشديد الذي يراوده في حينها. وأشاروا إلى أن ردة الفعل هذه تعكس مدى الارتباط الوثيق ما بين الصحة النفسية للإنسان وعلاقته بالآخرين، لاسيما وإن كانوا قريبين منه.
وتقول اختصاصية الإرشاد النفسي دينا الزعويلي، إن الدموع التي يذرفها الإنسان ترتبط بشكل وثيق بجهازه العصبي اللا إرادي، الذي يلجأ إلى بعض الدفاعات الذاتية، ممثلة في الدموع أو التعرق، للتعبير عن شعور ما يراوده، سواء الحزن أو الفرح، ومن ثم العمل على إعادة التوازن إلى حالته النفسية.
وتضيف الزعويلي، أن الدموع التي يذرفها الإنسان في حالات الإحباط أو الحزن، تعد متنفساً للطاقات السلبية التي تثقل كاهله، ما يساعده على مواجهة الحياة، أما الدموع التي تنهمر منه في لحظات الفرح، فهي بمنزلة التعبير اللا إرادي عن فرحة تحقق حلماً ما طال انتظاره، ولاسيما بعد مروره بمجموعة من الضغوطات أو الاحباطات الحياتية.
وتشير إلى أن التعبير عن الشعور بالبكاء يلازم الإنسان منذ الصغر، فالطفل يلجأ إليه للفت الانتباه، ومع التقدم في العمر تغلبه هذه الدموع، ما يدل على شعوره بلحظات حزن وانكسار، أو للتعبير عن فرحة جاءت بعد تعب ومثابرة.