لماذا أمهات أكثر الأئمة عليهم السلام من الجواري؟!

الأربعاء 28 مارس 2018 - 13:37 بتوقيت مكة
لماذا أمهات أكثر الأئمة عليهم السلام من الجواري؟!

ما هو السر في اختيار الأئمة عليهم السلام للجواري من دون الحرائر العربيات من البيوتات الرفيعة ذات المنزلة الاجتماعية؟

خديجة أحمد موسى

مما يثير التساؤل أن أكثر أمهات الأئمة جوارٍ من غير العرب، فأم كل من السجاد، والكاظم، والرضا، والجواد، والهادي، والعسكري، والحجة المنتظر عليهم السلام أمهات أولاد، وقعْنَ في الأسر، واقترن بهنَّ الأئمة عليهم السلام، ولا يغيب عن بالنا أن مسألة الإمامة ليست من المسائل العادية حيث تستوجب الحيطة في كل ما يرتبط بولادة الإمام المعصوم وتربيته ونشأته، وكما أن الأب ينبغي أن يكون في أعلى درجات الكمال الممكن، فكذلك الأم وعلى ذلك قامت الأدلة، فما هو السر في اختيار الأئمة عليهم السلام للجواري من دون الحرائر العربيات من البيوتات الرفيعة ذات المنزلة الاجتماعية؟

والذي يظهر من خلال دراسة بعض المفاهيم العامة والقواعد الأساسية أن وراء اختيار الأئمة عليهم السلام، الجواري أسباباً.. أهمها ثلاثة:

1-مما لا شك فيه أن أئمة أهل البيت عليهم السلام قد أوتوا العلم بحقائق الأمور، ومنها العلم بأحوال الناس وخصوصياتهم،، ولما كان الأمر يتعلق بالإمامة فلا بد من اختيار الوعاء الطاهر، والأصل الزاكي، والحجر العفيف الذي سيكون حاملاً وحاضناً لولي الله، والحجة على الخلق، وإنما وقع اختيار الأئمة عليهم السلام على هؤلاء الجواري من دون سائر النساء لعلمهم عليهم السلام بأنهنَّ قد جمعنَ شرائط الاقتران بالمعصوم عليه السلام وصلاحيتهنَّ لإنجاب الإمام المعصوم، ومما يؤيد هذا الوجه أن الإمام عليه السلام قد يختار واحدة بعينها من دون سائر الجواري اللاتي عرضْنَ للبيع، وقد تكون غير صالحة - بحسب المعايير المادية - للبيع والشراء إلا أن الإمام عليه السلام لا يختار غيرها، الأمر الذي يؤكد على أن هناك تخطيطاً إلهياً متقناً لأن تكون هذه المرأة أماً للمعصوم عليه السلام، علماً بأن المرأة التي يقع اختيار الإمام عليه السلام عليها ليست من عامة الناس، بل من أشرف النساء، وذات مكانة في قومها بالرغم من كونها جارية.

2-إن من أعظم الركائز التي قام عليها الإسلام هو إلغاء الفوارق الطبقية بين أبنائه، وقد أكّد القرآن الكريم في آياته، والرسول العظيم صلى الله عليه وآله وسلم في سيرته على ذلك، وكانت نظرة الدين إلى جميع الناس على أساس من التساوي ونبذ الفوارق العرقية والنسبية، وأن المعيار في التفاضل بين الناس هو ما يتحلى به الإنسان من الإيمان والتقوى، ومكتسباته الشخصية، قال تعالى: ( (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)) (الحجرات ـ 13)؛ وعلى هذا، فليس للعنصر العربي فضل على سواه، ولكن هذا المنهج القويم الذي سار عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد انحرف، وجاء بعده من أحدث الطبقية بين المسلمين، وأحيا النعرات الجاهلية، فميّز العرب على غيرهم، والقرشيين على سائر القبائل، والمهاجرين على الأنصار، والأحرار على الموالي، واستحكمت هذه الظاهرة بين المسلمين إلى حد كبير، وتربت عليها النفوس، وأصبح الذين يرون أنفسهم من سادة القوم يعدون الاقتران بالجواري عاراً لا يليق بالأشراف، ولما كان أهل البيت عليهم السلام هم ائمة الدين أرادوا إظهار فساد هذه السياسة بإجراء عملي؛ لذلك اختاروا أمهات الأولاد الجواري؛ ليثبتوا أن لا فرق بين المسلمين، وربَّ جارية أحاطتها العناية الإلهية لتكون قرينة للعصمة وأمّاً للمعصوم، ففاقت في الفضل أي امرأة أخرى ممن لم تحظَ بهذا الشرف العظيم، وإن كانت من أرقى البيوتات العربية بحسب الظاهر.

3-إن مما لا شك فيه أن رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي الرسالة الخاتمة، وبعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قد أوكلت مهمة حفظ الدين إلى ذريته، وكما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بُعِث للأبيض والأسود على السواء، فكذلك إمامة الأئمة عليهم السلام لكافة الناس، ومن هنا يتضح لنا وجه آخر في اقتران بعض الأئمة عليهم السلام بنساء غير عربيات، بل من قوميات أخرى كالفارسية أو الرومية أو غيرهما؛ ليكون ذلك علامة بارزة على عالمية إمامتهم، وشمولها لجميع أهل الأرض، وأن لكل من السلالات البشرية طرفاً يوصلها بهذا الدين الإلهي العظيم، وتلك حكمة بالغة ولطف عام لكل البشر.

المصدر: العتبة الحسينية المقدسة        

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأربعاء 28 مارس 2018 - 13:37 بتوقيت مكة