وأصبحت حكاية حمزة الخطيب مجرد أسطورة هدفت إلى تحويل مراهق إرهابي شبق لطفل مظلوم، خلعت زينب الحصني ثوب عفتها المزيف، والتفت العرعور إلى تلميع طناجره وحيداً في أقبية سعودية، لم تعد تغريدات فيصل القاسم سوى تهم أخرى تنزله إلى درك العمالة وتخلده فيه، عبارات بيروت والتابوت تم استبدالها بالوحدة الوطنية، لقد ترك هؤلاء حريتهم المزعومة كما تُترك مومس على قارعة طريق.
تحررت بعض بلدات الغوطة الشرقية بدايةً لتلحق بها بلدات أخرى، حرستا باتت بعينين خضراوتين، بعد إذعان إرهابييها، وبعد تقدم الجيش وتحريره لوادي عين ترما، شعر الوهابيون بأن مقصلة عزرائيل قد لاحت لهم في الأفق، فقرروا أن يوفروا على أنفسهم ذلك المصير، لقد أعلنت كل من عين ترما وعربين وجوبر بأنها ستسلم لجيش الآلهة مقابل الترحيل إلى ادلب، أما دوما فهي بالتأكيد على موعد مع تسوية لأنها بقيت وحيدة ومحاصرة تماماً.
ادلب التي تحولت إلى مكب نفايات يحوي كل قاذورات ثورتهم من جبهة نصرة وفيلق رحمن وميليشيا الحر وأحرار الشام وجيش الأمة ستكون على موعد ليس ببعيد عن مشهد التحرير عبر التسليم، فكيف سيحدث ذلك؟ وما هي العلامات التي ستسبق هذا التحرير المنتظر؟.
في ادلب هناك جماعات إرهابية قوية على رأسها جبهة النصرة التي تملك تاريخاً في قتال أخوة “الجهاد” من أجل فرض سيطرتها على المناطق التي تتواجد بها، سيكون على النصرة فرض بيعتها على باقي المتواجدين، الأمر الذي لن يقبله الآخرون بعد أن ذاق كل من فيلق الرحمن وغيره طعم السيطرة في المناطق التي تواجدوا بها سابقاً.
سُيسمع أصوات الرصاص عالياً في ادلب وريفها، وستكثر عمليات الاغتيال والتصفيات التي تستهدف قادات الجماعات الإرهابية بالمفخخات وغيرها، ستكون تركيا أمام مشهد معقد، فهي ترى في تلك المناطق السورية رقعة سيطرة لها عبر عملائها، والأخيرون سيكونون في مواجهة بعضهم البعض، أنقرة ترغب حالياً في التفرغ لمعركتها مع الأكراد، ومعارك اقتتال بين الجماعات المحسوبة عليها ستشكل خطراً على أجندتها، يتزامن ذلك مع خسائر تركية في العتاد والأرواح عبر حرب استنزاف أعلنها المقاتلون الأكراد، لقد أصبح الوضع جنونياً في عفرين والشمال عموماً، وسيكون كذلك في ادلب وريفها، والهدف الذي تسعى إليه أنقرة من جعل ادلب منطقة آمنة تُجمع فيها كل الفصائل وعائلاتهم لن تتحقق، الأمر الذي سيجبرها على التوجه نحو الروسي لتوقيع اتفاق وتفاهم معه، مقابل التخلص من الكابوس الكردي في إقامة كيان خاص به بحسب تفكير التركي.
ذلك المشهد سيجعل ادلب أقرب لتحريرها دون إطلاق رصاصة واحدة من الجيش السوري وذلك عبر تسوية يراعاها الروسي كوسيط، لتبقى المعركة الأهم في درعا، حيث سترقص هذه المنطقة على أصوات النيران ضمن معركة يخوضها الجيش السوري لتأمين كامل الجبهة الجنوبية، وقطع الطريق على غرفة الموك في الأردن وعلى الكيان الصهيوني، فضلاً عن حصر الإرهابيين هناك وتخييرهم ما بين الموت أو تسوية الأوضاع أو الذهاب إلى ادلب، سيناريو تحرير درعا بالنسبة لكل من الأمريكي والإسرائيلي ومن معهما سيكون مرعباً، لأنه وبحسب المخاوف الأمريكية والصهيونية فإنهم يروجون لخطورة التواجد الإيراني وتواجد المقاومة اللبنانية بالقرب من الأراضي المحتلة والأردن، وهذا ما يزيد في الفكرة القائلة بالأهمية القصوى لمعركة درعا وأنها فعلياً الوجهة التالية بعد الغوطة للجيش السوري.
بقلم: علي مخلوف