سؤالان تمّ طرحهما اليوم الاثنين من قبل المُستشرقة الإسرائيليّة، سمدار بيري، في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّ، ضمن "تحليلٍ" نشرته حول الأزمة المُستعرّة بين قطر والسعوديّة فيما يتعلّق بعلاقة كلّ دولةٍ منهما مع كيان الاحتلال، وتبادل الاتهامات بينهما.
بيري، المعروفة بصلاتها الوطيدة مع صنّاع القرار في تل أبيب، وتحديدًا أولئك المسؤولين عن العلاقات مع الدول العربيّة، مصر والأردن، والدول المُصنفّة وفق المُعجم الصهيونيّ بالدول العربيّة السُنيّة المُعتدلة، كشفت النقاب عن أنّه لا يُستبعد بالمرّة أنّ نتنياهو يُحاول بصورةٍ حثيثةٍ إقناع الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، بالضغط على وليّ العهد السعوديّ، الأمير محمد بن سلمان، لكي يُوافق الأخير على زيارة نتنياهو بشكلٍ علنيٍّ إلى الرياض، دون التوقيع على اتفاقية سلامٍ بين الدولتين.
وتابعت قائلةً إنّ بن سلمان يُريد أنْ يبقى نتنياهو في منصبه كرئيسٍ لوزراء "إسرائيل"، وأنْ يتمكّن من اجتياز محنة التحقيقات التي تدور معه حول قضايا الفساد وخيانة الأمانة وتلقّي الرشاوى والاحتيال، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّه إذا فشل نتنياهو في ذلك، فإنّ الزيارة التاريخيّة للسعوديّة ستكون من نصيب خليفة نتنياهو في منصب رئيس الحكومة، مُضيفةً أنّ قصّة الغرام السعوديّة-الإسرائيليّة بدأت بعد أنْ تبنّت السعوديّة موقف الدولة العبريّة بأنّ إيران هي العدّو، وأيضًا على وقع الـ"تمدّد الشيعيّ" في منطقة الشرق الأوسط، والذي يُخيف الرياض كثيرًا.
وشدّدّت المُستشرقة على أنّ ابن سلمان لا يهتّم بالتحقيقات الجارية ضدّ نتنياهو، لأنّها برأيه تتمحور حول مبلغ ضئيلٍ من الأموال، مقارنةً مع الأموال والشركات التي يملكها وليّ العهد السعوديّ، مُشيرةً إلى أنّه يعتبر قضية الفساد المُشتبه بها نتنياهو قضيةً صغيرةً وعابرةً، على حدّ تعبيرها.
وأوضحت بيري أيضًا أنّ لا أحد يعلم ماذا يدور وراء الكواليس بين تل أبيب والرياض، ولكنّ نتنياهو يُلمّح، أضافت، إلى تقدّمٍ في التواصل ومُباحثات بين الطرفين، فيما يلتزم المُقربون منه الصمت المُطبق حول هذه القضايا الحساسّة، مُشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ “إخفاء” التواصل بين الطرفين نابعٌ من الرغبة السعوديّة في وضع جدارٍ من فولاذ حول الاتصالات الثنائيّة، على حدّ وصفها.
مع ذلك، أوضحت المُستشرقة الإسرائيليّة أنّ شيئًا ما "يُطبخ" وراء الكواليس بين الطرفين وعلى نارٍ هادئةٍ جدًا، ولفتت في هذا السياق إلى أنّ نتنياهو تعهّد بمرور الطائرات الهنديّة المُتوجهة من وإلى تل أبيب، وفعلاً حدث الأمر، والسعوديّة التزمت الصمت، خلافًا للمرّة السابقة، عندما سارعت إلى نفي الخبر الذي نشرته وسائل الإعلام العبريّة، وأكّدت أنّها لن تسمح للطائرات الهنديّة بالعبور في أجوائها خلال رحلاتها من وإلى إسرائيل.
المُستشرقة الإسرائيليّة تناولت أيضًا قضية اللقاءات التي جرت، وفق التقارير في الأسبوع الماضي بالعاصمة المصريّة، القاهرة، حيث قام وفد إسرائيليّ رفيع المُستوى بزيارةٍ سريّةٍ إلى بلاد الكنانة، ولكنّها لم تُشر لا من قريب ولا من بعيد إلى مدى صحّة هذه التقارير، بناءً على مصادر سياسيّةٍ رسميّةٍ في تل أبيب.
وتابعت قائلةً إنّ هناك إثباتات أخرى تؤكّد على أنّ المفاوضات أوْ المباحثات بين السعوديّة والكيان الإسرائيليّ مُستمرّةً، مُشيرةً إلى أنّه قبل يومٍ واحدٍ من وصول وليّ العهد السعوديّ إلى القاهرة في أوّل زيارةٍ رسميّةٍ له بعد توليه منصبه الجديد، قام الرئيس المصريّ، المُشير عبد الفتّاح السيسي، بتنقية جميع المشاكل القضائيّة العالقة، والتي حالت دون نقل ملكية جزيرتي تيران وصنافير لملكية السعوديّة، وتابعت قائلةً إنّ رئيس الوزراء نتنياهو لم يتمكّن من الحفاظ على رباطة جأشه، ووجّه تلميحًا حادًا كالموس، بأنّه حصل على تعهداتٍ من السعوديين فيما يتعلّق بحرية التنقل والإبحار في البحر الأحمر.
ولفتت المُستشرقة أيضًا إلى أنّ "إسرائيل" موجودة في مركز الرؤية الاقتصاديّة لوليّ العهد السعوديّ والمُسّماة رؤية 2030، والتي بموجبها سيتّم ضمّ مدينة إيلات (أم الرشراش) إلى الخطّة الاقتصاديّة السعوديّة، وقالت إنّه إذا تحقق هذا الأمر فالسماء ستكون بالنسبة "لإسرائيل" هي الحدود، مؤكّدةً على أنّ هذه الأمور ستحدث دون التوقيع على اتفاق سلامٍ بين السعوديّة و"إسرائيل"، وخلُصت إلى القول إنّ اتفاقيتي السلام مع كلٍّ من مصر والأردن لم تؤديا إلى تطبيع العلاقات بين شعوب هذه الدول مع الإسرائيليين، على الرغم من جهود الحكّام فيهما، بينما قامت السلطات السعوديّة مؤخرًا باعتقال ناشطةٍ سياسيّةٍ واجتماعيّةٍ لأنّها تجرأت على القول إنّها تُعارض التقارب مع "إسرائيل"، حيث وُجهت لها تهمة المسّ في مصالح المملكة السعوديّة، كما أكّدت المُستشرقة الإسرائيليّة.
رأي اليوم- زهير أندراوس