سيما بعدما رصدت الاستخبارات والأقمار الصناعية الروسية تجهيز حوالي 5 آلاف مسلّح في منطقة التنف الخاضعة للاحتلال الأميركي، للتوجُّه صوب أرياف دمشق والدخول إلى الغوطة الشرقية، بتغطية جوية مكثَّفة من طيران التحالف الأميركي، تدخُل على إثرها غارات جوية “إسرائيلية” ضد مواقع الجيش السوري بريف دمشق، تكون تمهيداً لهجوم عنيف يشنّه مسلحو “جيش الإسلام” المدعوم سعودياً من مواقعه في النشابية وأوتايا باتجاه القلمون الشرقي.
إلا أن الجيش السوري وحلفاءه سارعوا للالتفاف على هجوم مسلّحي السعودية في النشابية، وخلال بضع ساعات تلت إعلان مجلس الأمن الدولي قرار الهدنة في سورية، كان الجيش السوري قد أسقط البلدة من أيدي المسلحين، وبضع نقاط هامة محيطة، متوِّجاً عملياته بعملية نوعية شتتت غرفة عمليات استُحدثت مؤخراً يديرها ضباط غربيون وعرب، حيث كشف أحد المحللين البريطانيين، نقلاً عن مصدر في جهاز الاستخبارات البريطاني، عن أسر ضابطين سعوديين وآخر بريطاني خلال عملية نوعية نفّذتها قوة خاصة سورية ومن حزب الله، ليل 24 – 25 الفائت، دون التطرُّق إلى تفاصيل العملية التي أنيطت بكتمان إعلامي مطبق، حسب معلومات أحد محللي صحيفة “صنداي اكسبرس” البريطانية.
وفي حين كشفت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الأميركية، أن واشنطن طلبت من “إسرائيل” توجيه غارات ضد الجيش السوري حول الغوطة الشرقية، لمنعه من اقتحامها، مبيّنة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بادر إلى الاتصال برئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو، محذراً إياه من أي “مغامرة” جديدة باتجاه أهداف عسكرية سورية أو حليفة، لأن “الرد لن يقتصر حينئذ على إسقاط طائرة أف 16 إسرائيلية”، سيما بعدما أمّنت موسكو لدمشق مؤخراً منظومات دفاعية جديدة، ملمِّحاً إلى عدم استبعاد أن تشمل تلك المنظومات “أس 400″،أقرّ مصدر معارض على لسان رئيس ما يسمى”الشبكة السورية لحقوق الإنسان”؛ أحمد خازم، بأن عسكريين أميركيين يقومون بحشد مسلحين لإشراكهم في القتال ضد القوات السورية في الغوطة الشرقية، موضحاً أن الأميركيين يسحبون أعداداً من العناصر المسلَّحة من إدلب ومناطق أخرى إلى التنف ومنها إلى الغوطة الشرقية، فيما أكدت مصادر عسكرية سورية أن الهدف الأميركي “غير المعلَن” يقضي بإنشاء قاعدة عسكرية أميركية على تخوم دمشق، لإرساء تهديد دائم على العاصمة والقيادة السورية، ومن ورائها حلفائها إيران وحزب الله، عبر قطع الطريق الواصل إلى بيروت.. والأهم لمواجهة “أكثر من ندية” مع موسكو من بوابة دمشق.
لا شك أن جبهة الغوطة الشرقية لدمشق هي من أكثر الجبهات التي أولاها المحور المعادي أهمية، نظراً إلى التصاقها بالعاصمة، ولذلك سخَّرت لها واشنطن وتل أبيب والسعودية وقطر وفرنسا وبريطانيا كل الإمكانات اللوجستية والمالية والاستخبارية لجعلها بؤرة مسلَّحة تضم آلاف المرتزقة المحصَّنين بعشرات الأنفاق..
اليوم أضحت معركة الغوطة الشرقية حرباً إقليمية بامتياز بين المحورَين المتقابلَين.. تريد واشنطن ضرب أكثر من عصفور بطلقة واحدة، بينها التصويب على غريمها الروسي فلاديمير بوتين في هذا التوقيت تحديداً، الذي تراه “مناسباً جداً”، حيث بدأ فيه العد العكسي للانتخابات الرئاسية الروسية، عبر “ضربة ذهبية” تستطيع من خلالها “قلب الطاولة على رؤوس خصومها” من البوابة السورية.. غير أن موسكو التي تلقّفت سريعاً المخطط الأميركي، ردّت بإرسال نخبة ترسانتها الجوية إلى سورية؛ طائرات من الجيل الخامس باتت في قاعدة حميميم، متوَّجة بطائرات “سو 57″؛ العدو الأخطر لأحدث الطائرات الأميركية “أف 35″، وبناء عليه ستُخرج الإدارة الأميركية والدول الملحقة بها ما بقي في جعبتها من أوراق لعدم تحرير الغوطة الشرقية، كي لا تخسر أهم ورقة تُمسك بها عنق دمشق، مضافاً إليها الخوف من اعتقال ضباطهم – عرب وأجانب – الذين يسيّرون عمليات المسلحين ويؤمّنون لهم كافة وسائل الاتصال بأجهزة الاستخبارات المعادية، ولذلك بادرت واشنطن وتل أبيب منذ يومين إلى الإيعاز لميليشياتهم بإصدار بيانات تُوافق على خروج مسلحي “داعش” و”النصرة” من الغوطة الشرقية؛ في محاولة لإجلاء ضباط أميركيين و”إسرائيليين” وبريطانيين من ضمن المسلحين الخارجين، سيما بعد تأكّد جهاز الاستخبارات البريطاني من أسر ضابط بريطاني إلى جانب آخرين سعوديين.
وفيما أوضحت صحيفة “ريبورتيور” الروسية أن الرد على أي ضربة عسكرية أميركية تجاه سورية ستتكفل به طائرات “سو 57″، أفاد مصدر عسكري روسي لوكالة “سبوتنيك”، أن معركة الغوطة الشرقية ستشهد مفاجآت “مدوّية” في غضون ما تبقّى من هدنة الشهر الأممية “إذا لم تخرج كافة مجاميع المسلحين”.
وفي خضم السباق الإقليمي لكسب معركة الغوطة الشرقية، يكشف مصدر في غرفة عمليات حلفاء الجيش السوري، أن قرار القيادة العسكرية السورية تحرير الغوطة الشرقية “قريباً”، بدعم جوي روسي مركَّز، لا رجعة عنه، من دون نفي المعلومات التي تحدثت عن تجهُّز فرق نخبوية لتطهير الأنفاق، كما إدخال نخبة الأسلحة الروسية البرية على خط معاركها.
إلا أنه حريّ التوقُّف أمام الرسالة الروسية الأكثر وقعاً باتجاه “من يهمه الأمر”، والتي تمثّلت في تحليق طائرة”سو 57″ لأول مرة في الأجواء السورية، تزامناً مع وصول مبعوث الرئيس بوتين إلى دمشق قبل أيام، لنقل رسالة عاجلة إلى الرئيس بشار الأسد.. الرسالة أحيطت بكتمان شديد، إلا أن مصدراً عسكرياً روسياً اكتفى بترجيح أنها حملت تأييد بوتين لقرار عسكري غير مسبوق اقترحه الأسد، سيمثّل ضربة قاسمة في شباك المحور المعادي،”وعلى غفلة من الجميع”.
بقلم: ماجدة الحاج
المصدر: الثبات