الهدنة الروسية التي امر بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصيا كما اعلن وزير الدفاع الروسي الجنرال سيرغي شويغو، رفضت على الفور من قبل قائد جماعة “جيش الاسلام” المسلحة محمد علوش، الذي اكد ان “أهل البلد لن يخرجوا منها”.
الملفت في بيان قائد “جيش الاسلام” هو مطالبته بمفاوضات ترعاها الأمم المتحدة لتأمين خروج عناصر “هيئة تحرير الشام” (التي تضم مسلحي “جبهة النصرة”، فرع تنظيم “القاعدة” في سوريا) من الغوطة الشرقية، زاعما عدم وجود أحد منهم في القطاعات التي يسيطر عليها “جيش الإسلام”.
تتفق جميع المصادر على وجود نحو 300 الف مدني في منطقة الغوطة الشرقية، التي تؤكد امريكا ووحلفاؤها العرب وتركيا والجماعات المسلحة، على انها محاصرة من قبل الجيش السوري وحلفائه منذ سنوات، ولكن ليس هناك من يفسر كيف يمكن ان يعيش كل هذا العدد من البشر كل هذه الفترة الطويلة دون غذاء ودواء وماء وكهرباء وخدمات طبية، وفوق كل هذا وذاك كيف وصلت كل هذه الكميات من الاسلحة المتطورة الى الجماعات المسلحة فيها؟!!.
المعروف ان هناك مجموعات عديدة من المسلحين في الغوطة الشرقية ابرزها : “جبهة النصرة” (هيئة احرار الشام) و “جيش الاسلام” و “فيلق الرحمن” و “فجر الامة”، وهي مجموعات مسلحة تقاتل منذ سنوات في خندق واحد وبسلاح واحد ويتقاسمون الغذاء والماء والدواء، ويحملون نفس العقيدة الطائفية، الا ان امريكا وحلفاءها العرب وتركيا، يحاولون جاهدين ان يفرقوا بينهم لاسباب تكتيكية خدمة لمخططهم ضد سوريا والشعب السوري، فيما على الارض كثيرا ما تندمج هذه المجموعات وتنفصل عن بعضها البعض بتوصيات من مشغليهم.
اليوم يتحالف “فيلق الرحمن” وبشكل علني مع “جبهة النصرة” (القاعدة) في الغوطة الشرقية، بينما امريكا وحلفائها يدرجون “فيلق الرحمن” ضمن فصائل “الجيش السوري الحر”، بينما مازال تحالف “جيش الاسلام” مع القاعدة قويا في الميدان، حيث يتقاسم الجانبان كل شيء تقريبا بدءا بالعقيدة وانتهاء بالسلاح، حتى لا يمكن التفريق بين مسلحيهما.
يبدو ان المبادرة الروسية بفتح ممرات امنة للمدنيين للخروج من الغوطة الشرقية تهدف الى:
- القاء الكرة في ملعب الجماعات التكفيرية ومشغليهم من الامريكان والعرب والاتراك و”اسرائيل”، الذين اقاموا الدنيا ولم يقعدوها حول الخطر الذي يهدد المدنيين.
- التاكيد على ان الجانب الذي لا يعير اهمية للمدنيين هو الجماعات المسلحة ومشغليهم .
- التاكيد على ان الدموع التي تذرفها الجماعات المسلحة ومشغليهم على المدنيين ما هي الا دموع تماسيح.
- التاكيد على العلاقات الوثيقة من الجماعات المسلحة في الغوطة وبين القاعدة، من خلال عدم ضغط هذه الجماعات على “جبهة النصرة” (القاعدة) لتحرير المدنيين الذين يتخذونهم دروعا بشرية في المناطق التي يسيطرون عليها في الغوطة الشرقية.
- لا يمكن للحكومة السورية ولا حلفائها ان تقف مكتوفة الايدي وترى وقوع العاصمة دمشق تحت رحمة المجموعات المسلحة.
- التاكيد على ان قرار تحرير الغوطة الشرقية من المسلحين الذين يهددون دمشق قد اتخذ من قبل القيادة السورية وحلفائها، ولا رجعة فيه.
بالتزامن مع اعلان الهدنة الانسانية، اعلنت روسيا عن امتلاكها ادلة عن إن المجموعات المسلحة المتمركزة في غوطة دمشق الشرقية تخطط لهجوم استفزازي بالمواد السامة وذلك بهدف اتهام الجيش السوري باستخدام السلاح الكيميائي، وخلق ذريعة للتدخل الامريكي لصالح الجماعات المسلحة.
ليس هناك من عاقل يمكن ان يصدق رواية المسلحين حول اتهام الجيش السوري باستخدام الاسلحة الكيمياوية في الغوطة الشرقية، في الوقت الذي يحقق فيه الجيش انتصارات كبرى على الارض اذهلت مشغلي الجماعات التكفيري، من الامريكيين والعرب والاتراك و “الاسرائيليين”.
الامر الذي قد يدفع امريكا لاستخدام الكيمياوي كذريعة رغم تهافتها وسخفها، هو هزيمتها المدوية في سوريا في مقابل الانتصارات المدوية لسوريا وروسيا وايران وحزب الله وباقي فصائل المقاومة على الجماعات التكفيرية وفي مقدمتها “داعش” و “النصرة” و وأد المخطط الامريكي التفتيتي في سوريا والمنطقة والى الابد.
يبدو ان التحذير الروسي من استخدام المجموعات المسلحة للسلاح الكيمياوي في الغوطة لاتهام الجيش السوري باستخدامه، كان اجراء استباقيا لافشال الحركة الانتقامية لامريكا لهزيمة مخططها ومرتزقتتها في سوريا، ويؤكد ايضا على ان عملية تحرير الغوطة من العصابات التكفيرية، وتحرير دمشق من التهديد المتواصل، قد تنطلق في اي لحظة شاءت امريكا ام ابت.
* شفقنا