وخلال الـ48 ساعة الماضية، دشن يمنيون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، تطالب برحيل الإمارات، تحت وسم #رحيل_الإمارات_مطلبنا، الذي صعد مساء الخميس الماضي، بين الأكثر تداولاً، وقد ركزت التدوينات، إجمالاً، على ممارسات الإمارات، فيما يتعلق بـ"تقويض الشرعية" ودعم المجموعات الانفصالية والسيطرة على الموانئ، ودعمت تأسيس قوات خارج الأطر الرسمية لقوات الجيش اليمني، وصولاً إلى النفوذ الإماراتي، في جزيرة سقطرى، التي تعد محافظة في التقسيم الإداري، وتحتل موقعاً استراتيجياً في ملتقى المحيط الهندي والبحر العربي.
من زاوية أخرى، لم تكن مطالبات اليمنيين التي ارتفعت ضد أبوظبي في اليومين الأخيرين، بمعزل، عن القرار الذي اتخذته جيبوتي، بإنهاء عقد مع موانئ دبي العالمية لتشغيل محطة "دوراليه" للحاويات، بما أنها دولة حدودية بحرية مع اليمن، إذ أن اسم "موانئ دبي"، يرتبط بتاريخ مرير في اليمن، حيث تُوصف الشركة، بأنها الذراع التي سعت من خلالها الإمارات، للتوسع والسيطرة على موانئ اليمن والقرن الأفريقي، إلى حد يدفع العديد من اليمنيين، لربط ممارسات أبوظبي في جنوبي اليمن، وسعيها للتحكم بالموانئ اليمنية.
وحتى العام 2012، كانت شركة "موانئ دبي"، هي الشركة المشغلة لميناء عدن باتفاق مع النظام السابق منذ عام 2008، وخلال تلك السنوات، تحول تأجير "ميناء عدن" للشركة، إلى قضية رأي عام، حيث تصاعدت موجة المعارضة والرفض محلياً، لتخلي الحكومة عن الميناء للشركة، ويتلخص الانطباع السائد يمنياً منذ سنوات طويلة، بأن الإمارات، ترى في انتعاش الموانئ اليمنية، وميناء عدن، على نحو خاص، تهديداً لمكانة دبي التجارية، وبالتالي، سعت للسيطرة على الميناء وغيره من الموانئ الأخرى وموانئ القرن الأفريقي، على نحو يؤدي إلى تعطيلها وإفقاد أهميتها تدريجاً.
وفي يونيو/ حزيران 2012، أقرت "الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد"، في اليمن، مخاطبة الحكومة بـ"شأن فسخ العقد مع شركة موانئ دبي العالمية الخاص بتشغيل ميناء عدن"، وقالت الهيئة في بيان آنذاك، إن "قرارها جاء بعد استعراض أعمال التحري من قبل لجان من الخبراء والمختصين في كافة النواحي الفنية والمالية والقانونية حول الاختلالات في تنفيذ الالتزامات التعاقدية من قبل شركة موانئ دبي لتشغيل محطتي عدن والمعلا للحاويات"، وأكدت ثبوت تعمد المشغل وكيل الشركة، عدم "تنفيذ خطة الاستثمار الخاصة بالمرحلة الأولى من عملية التطوير خلال الفترة الزمنية المحددة لها"، ودعت لـ"اتخاذ كافة الإجراءات القانونية للمطالبة بالتعويض العادل جراء الأضرار الفادحة التي تعرض لها ميناء عدن للحاويات نتيجة للإدارة والتشغيل السيئ من المشغل".
وفي أغسطس/آب 2012، نجحت الضغوط الشعبية وبعد الأزمة بين الحكومة اليمنية وأبوظبي، إلى اتخاذ اليمن رسمياً وعبر مؤسسة خليج عدن، قراراً بإلغاء اتفاق تأجير الميناء لـ"شركة موانئ دبي"، وكانت الخطوة، بمثابة انتصار لحكومة الوفاق الوطني، واجه أصداء ترحيبية شعبية، بسبب سمعة الشركة، التي أدانتها الجهات الرسمية بالإضرار بالميناء.
وفي السياق، كان لافتاً، في القرار التي اتخذته جيبوتي، بإنهاء عقد الامتياز الممنوح لشركة موانئ دبي العالمية لتشغل محطة دوراليه للحاويات، أنها أشارت إلى أن الأزمة بين الجانبين (حكومة جيبوتي مع الشركة)، بدأت في العام 2012، وهو العام نفسه، الذي ألغى فيه اليمن العقد مع الشركة، ما يشير إلى أن جيبوتي بدأت التنبه لدور الشركة منذ سنوات طويلة، ومع ذلك فإن القلق يساور اليمنيين، في العامين الأخيرين، من أن "موانئ دبي"، عادت من بوابة التحالف العربي والتدخل العسكري الإماراتي، حيث تتولى أبوظبي، واجهة سيطرة التحالف في المناطق الجنوبية في اليمن.
وتخضع أبرز الموانئ اليمنية، من المخا، غرب تعز، مروراً بميناء عدن، الذي كان في إحدى الفترات، أحد أهم الموانئ على مستوى العالم، وكذلك ميناء "بلحاف"، في محافظة شبوة، وصولاً إلى "المكلا"، مركز محافظة حضرموت، ويبدي يمنيون خشيتهم، من أن مصلحة أبوظبي، المسيطر العسكري، على المناطق الساحلية اليمنية من غرب تعز، وحتى حضرموت، إلى تدمير أهميتها تحقيقاً لسياستها المعروفة أثناء تأجير "ميناء عدن" لشركة "موانئ دبي"، بما يحفظ لدبي أهميتها التجارية، ويمنع ظهور موانئ منافسة.
* العربي الجديد