هل تصل حرب الغوطة الى صراع دولي؟

السبت 24 فبراير 2018 - 11:56 بتوقيت مكة
هل تصل حرب الغوطة الى صراع دولي؟

سوريا - الكوثر: القرار السري ما بين دمشق وموسكو وما بين الرئيس السوري بشار الاسد والرئيس الروسي بوتين هو قرار بإسقاط الغوطة الشرقية وإزالة «بؤرة ارهاب» كما اسماها وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف قائلا عن الغوطة الشرقية يجب الانتهاء من هذه البؤرة الارهابية.

وكي ينهي الرئيس السوري بشار الاسد في شكل نهائي السيطرة من الغوطة العربية في الجولان بعدما سيطر عليها واجتاحها وبعدما سيطر على كامل ريف دمشق من حدود العاصمة حتى الحدود اللبنانية، كما سيطر من حدود دمشق حتى حدود حمص فلم يبق الا حي جوبر والغوطة الشرقية.

لكن الغوطة الشرقية التي عدد سكانها اصلا مليونان و200 الف تم تهجير منهم مليون و800 الف الى مخيمات نازحين والى مناطق اخرى في سوريا. لكن دخلت الى الغوطة الشرقية مجموعة المقاتلين الذين خسروا المعارك في الغوطة الغربية وفي كامل ريف دمشق حتى بلودان اضافة الى خسارتهم في المعارك على خط دمشق - حمص، فدخلوا الى الغوطة الشرقية ووصل عددهم الى 40 الف مقاتل من ثلاثة تنظيمات ارهابية مسلحة هي فيلق الرحمن واحرار الشام وجيش الاسلام. 

وبعد دخولهم قام الجيش السوري بمحاصرة الغوطة الشرقية، لكن في الوقت ذاته قامت المنظمات التكفيرية بتدريب شبان من الغوطة الشرقية انضموا اليها على القتال بالسلاح لانهم اعتبروا ان الجيش السوري قد يخرق الغوطة الشرقية انما الحرب الفعلية ستكون حرب شوارع في مدينة حرزتا وقصرنبا ودوما وعربين وهي اهم نقاط القتال العسكري الذي ستحصل فيها معارك الشوارع بين الجيش العربي السوري وحلفائه والقوى التكفيرية التابعة للاحزاب الثلاثة الاسلامية المتشددة.

حاصر الجيش السوري مدة 5 سنوات الغوطة الشرقية، ومنع دخول اي شيء اليها، باستثناء سنة 2014 حيث سمح بدخول شاحنات تغذية وادوية ولكن في شكل محدود، انما الذي سيطر على الاغذية والادوية هي المنظمات الارهابية المتشددة وليس المدنيون من اهل الغوطة.

منذ اسبوع قرر الجيش السوري انهاء تمرّد الغوطة الشرقية وحشد حوالي 25 الف جندي وقدمت روسيا احدث الاسلحة الى الجيش السوري ونقلتها من روسيا الى سوريا، عبر طائرات شحن ضخمة وبواخر، وتم ذلك خلال شهرين.

وقامت قيادة الجيش السوري بتعيين اهم ضباط القتال بقيادة القوى العسكرية حول الغوطة لاقتحامها، ومنهم العميد سهيل الحسن الملقب بـ«النمر».

بدأت المعارك بعد محاصرة الغوطة الشرقية وقصف الجيش السوري بالمدفعية والطائرات وقاذفات صواريخ الكاتيوشيا ومدفعية الميدان ومدفعية الدبابات بكامل طاقته على الغوطة الشرقية. فيما ردت التنظيمات الاسلامية المتشددة باطلاق مئات قذائف الهاون على العاصمة السورية دمشق حتى وصلت القنابل الى اوتوستراد المزة والى ساحات رئيسية في قلب العاصمة دمشق. والمعركة الان جارية وقام الطيران الحربي السوري بقصف مناطق عديدة داخل الغوطة الشرقية. اما المدفعية وصواريخ الكاتيوشيا وقذائف المدفعية فلم تتوقف عن ضرب كامل مدن الغوطة الشرقية والاهم العاصمة عربين كذلك هنالك دوما التي هي محصّنة جدا وكلها انفاق تحت الارض. كما ان مقاتلي المنظمات التكفيرية وصلوا البلدات الرئيسية في الغوطة الشرقية بأنفاق تحت الارض تتسع لسيارات رباعية الدفع وينتقلون من بلدة الى بلدة ومن جبهة الى جبهة في الانفاق تحت الارض. كما قاموا بزرع الاف الالغام على طول دائرة الغوطة الشرقية اضافة الى زرع عبوات ناسفة بزنة 300 كلغ من المتفجرات.

لا يمكن القول ان الجيش السوري بدأ هجومه على الغوطة الشرقية بل يمكن القول انه يقوم بشل قدرة القوى التنظيمية التكفيرية الثلاث في الغوطة الشرقية عبر القصف الجوي والمدفعي وصواريخ الكاتيوشيا ومدافع الدبابات، ويسقط قتلى مدنيون بالعشرات يوميا وجرحى بالمئات وامكانية المعالجة صعبة جداً للجرحى، ولا توجد ادوية، باستثناء مستشفى في عربين يقوم بمعالجة الجرحى بسرعة حيث لا يبقى المريض اكثر من 20 دقيقة لانه يتوافد الى مستشفى عربين حوالى 250 الى 300 جريح يقوم 18 طبيباً بعلاجهم بسرعة، ويتم استعمال مواد طبيعية ضد الالتهابات وتضميد الجروح واستعمال وسائل طب عربي لمعالجة الجرحى من اهل الغوطة الشرقية.

متى ستبدأ الحرب على الغوطة الشرقية او تدق ساعة الصفر ويهجم الجيش السوري فجأة؟ لا احد يعرف، لكن في هذا الوقت يجتمع مجلس الامن الدولي في اطار عدة جلسات فشل منها حتى الان 3 جلسات نتيجة استعمال روسيا الفيتو ضد قرار مجلس الامن.

واخيرا وضعت الكويت والسويد مشروع حاز رضا روسيا في وقف اطلاق النار في سوريا لمدة 30 يوما على ان يبدأ وقف اطلاق النار بعد صدور قرار مجلس الامن بـ 72 ساعة.

لكن رغم ذلك فان روسيا التي اعلنت موافقتها على الاقتراح الكويتي - السويدي انما قالت ان لديها تحفّظاً في شأن توقيت 72 ساعة، ومن يضمن ان التكفيريين في الغوطة الشرقية لن يستغلوا فكرة الهدنة لتحضير المزيد من حشد القوى في الغوطة الشرقية لضرب الجيش العربي السوري على حدود العاصمة دمشق؟

انما اقتراح روسيا هو الآتي : يتم وقف اطلاق النار فور صدور قرار مجلس الامن، ولا يتم انتظار 72 ساعة، وعلى تركيا وقطر والولايات المتحدة ضمان وقف اطلاق النار من التنظيمات التكفيرية في الغوطة الشرقية. بينما الرئيس السوري بشار الاسد يريد انهاء الغوطة الشرقية في شكل نهائي كي يصبح سيدا كاملاً على كامل محافظة دمشق كذلك محافظة ريف دمشق كذلك الطريق من دمشق الى درعا ثم احتلاله لحي جوبر وانهاء فتح الطريق في اتجاه تدمر، كذلك بعد احتلاله او سيطرته على الغوطة الشرقية فتح الطريق في شكل كامل نحو حمص على عدة محاور طرقات والسيطرة على الغوطة. وهكذا يكون الرئيس السوري بشار الاسد قد قام بتثبيت حكمه بشكل قوي وشبه نهائي، والرئيس السوري الدكتور بشار الاسد لا يريد ان تضيع الفرصة منه الان والوقت مناسب لاقتحام الغوطة الشرقية. والجيش السوري اكتمل عدده من اجل الاقتحام.
الغريب في الامر ان الاحزاب التكفيرية الثلاثة فيلق الرحمن وجيش الاسلام واحرار الشام تبين ان لديهم آلاف الصواريخ من طراز ب. ج. م. 71 تاو وهو احدث صاروخ لدى الجيش الاميركي وقادر على تدمير دبابة واذا لم يستطع صاروخ واحد تدمير الدبابة فان الصاروخ الثاني حتما سيدمرها. وكيف تم وصول الاف الصواريخ من هذا النوع الحديث من صواريخ تاو المضادة لناقلات الجنود وقطع المدفعية والدبابات والتي يصل مدى الصاروخ الى 3 كيلومترات، وهو يستند الى منظار على الليزر حيث يتم توجيه اشعة لايزر من دون لون لها، لان لاشعة اللايزر احتمال ان تكون صفراء او زرقاء غامقة، انما هذا الصاروخ لا يحمل منظاره في اللايزر اي لون، وعندما يقوم 3 من العناصر بتثبيت الصاروخ على اكتافهم او على قاعدة ثابتة ويطلقون الصاروخ يكون عليهم تثبيت المنظار الذي هو يوجه اللايزر نحو الهدف وبمجرد وضع المنظار على الهدف يكون اللايزر قد اصاب الدبابة او المدرعة، وصاروخ تاو يسير وفق اشعة لايزر الى ان يصيب هدفه ولا يخطئ.

وهنا اتهمت روسيا اميركا بأنها تدعم التكفيريين والارهاب في سوريا، اما المحلل الاميركي فرانك كول وهو ضابط مخابرات في المخابرات المركزية الاميركية والذي تقاعد مؤخرا فذكر ان واشنطن غير مقتنعة بمفاوضات الاستانة ولا بمفاوضات سوتشي التي دعا اليها الرئيس بوتين وقامت واشنطن بإفشالها وغير مقتنعة بمفاوضات جنيف بين وفد النظام السوري والمعارضة السورية. ولذلك فهي تريد ان يكون لها في دمشق كي تبقى ضاغطة على الرئيس السوري بشار الاسد، اضافة الى انتشار الجيش الاميركي في ريف حلب، وبخاصة في مدينة منبج وعفرين مع جيش حماية الشعب الكردي، اضافة الى سيطرة الجيش الاميركي على 28 في المئة من شمال الاراضي السورية، على اساس ان الولايات المتحدة عند فرض الحل في سوريا تريد ان تكون لها الكلمة الحاسمة.

ومقابل ذلك قررت روسيا التصدي للمخطط الاميركي وارسلت اهم الاسلحة والذخيرة وصواريخ الكاتيوشيا وصواريخ ارض - ارض لانهاء وضع الغوطة الشرقية قبل ان تصبح اميركا قوية على حدود دمشق، ان لم نقل في قلب محافظة العاصمة السورية.
وكذلك من الناحية العسكرية ظهر مؤشر هام وخطير وهو ان روسيا ارسلت احدث طائرة لديها خرجت من المصانع الحربية الروسية خلال شهر وهي طائرة سوخوي 57 وتعتبر من الجيل الخامس واحدث طائرات العالم مقابل طائرة اف 35 الاميركية حيث لا يمكن حسم وجهة النظر من هي الطائرة الاقوى سوخوي 57 الروسية ام الاميركية اف 35.

ويبدو ان روسيا ارادت ارسال اشارة لواشنطن انها معنية مباشرة بأمن دمشق وخاصة انهاء بؤرة حيث سماها لافروف بؤرة الارهاب في الغوطة الشرقية. وتفيد انباء بأن البوارج الاميركية ربما قامت بضرب صواريخ كروز على الجيش السوري حول الغوطة علما ان طائرة سوخوي 57 الروسية تظهر لاول مرة خارج روسيا وهي بكامل اسلحتها التي تحمل اربع قنابل كل قنبلة زنة طون اضافة الى 36 صاروخاً من راجمات صواريخ مركبة تحت الاجنحة.

وقامت وسائل اعلام بتصوير طائرة سوخوي 57 بالاجواء السورية علما ان مندوب الرئىس الروسي فلاديمير  بوتين حضر منذ ايام الى سوريا ونقل رسالة من الرئىس بوتين الى الرئىس الاسد تتعلق بالغوطة الشرقية والصراع الدولي وبقي مضمون الرسالة طي الكتمان والسرية الكبرى لكن الاهم انه مع وصول المبعوث الروسي قامت طائرات سوخوي 57 الروسية الاحدث في العالم بالتحليق في الاجواء السورية والاهم هل كان تحليق الطائرة الروسية في الاجواء السورية ووصول الدبلوماسي الروسي من ضمن الرسائل الروسية.

ولذلك دعا وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف الى انهاء وضع الغوطة الشرقية، واسقطت روسيا 3 قرارات لوقف اطلاق النار في الغوطة الشرقية. كذلك يتم التفتيش عن كيفية وصول الاف الصواريخ الحديثة ب. ج. ام. 71 - تاو الى المنظمات التكفيرية الثلاث والقيام بتخزينها في الانفاق تحت الارض والتي اصابت حتى الان اكثر من 10 مدرعات للجيش السوري حول الغوطة الشرقية.

وبما ان مساحة الغوطة الشرقية هي 110 كلم مربع فان قتال حرب الشوارع يؤدّي الى تعطيل حركة الدبابات، ويعطّل قصف الطيران الجوي والمدفعي لان العناصر تكون متقاربة من بعضها بعضاً، واذا كان حجم الجيش السوري 25 الف جندي مع حوالى 20 الف من حلفائه مثل حزب الله والايرانيين وغيرهم، فيقابلهم 40 الف مقاتل تكفيري في الغوطة، والجيش السوري يملك اسلحة حديثة صاروخية حصل عليها خلال الشهر الماضي لاقتحام الغوطة، فيما اوصلت اميركا الاف صواريخ تاو المضادة للدبابات والمدرعات الى الغوطة الشرقية.

ولذلك اصبح الصراع اميركي - روسي في شأن مستقبل سوريا والحكم فيها على مستوى صلاحية الرئيس السوري بشار الاسد. 

الرئيس الروسي بوتين سبق اميركا بالهجوم على الغوطة الشرقية ومحاصرتها وقصفها وضربها، واميركا تخطط لعمل ما، حتى ان صحيفة لوس انجلس تايمز ذكرت ان اميركا طلبت من سلاح الجو الاسرائيلي قصف الجيش السوري حول الغوطة الشرقية ومنعه من اقتحام الغوطة، لكن الرئيس الروسي بوتين اتصل برئيس وزراء "اسرائيل" نتنياهو وطلب منه عدم القيام بأي غارة في منطقة الغوطة الشرقية والا فان روسيا ستسلم سوريا من الان وصاعدا منظومات الدفاع اس 400 لتنشرها على كامل الاراضي السورية، وانها لن تترك مجالا للطيران الاسرائيلي لقصف منظومات الدفاع اس 400 اثناء ايصالها الى سوريا وتركيبها لان الجيش السوري في ذاته هو الذي سيوصل منظومات الدفاع اس 400 الى مرفأ اللاذقية ثم يرافقها الجيش الروسي مع خبراء ومهندسين وجنود وضباط يصل عددهم الى 32 الف جندي ويقومون بنشر صواريخ منظومة الدفاع اس 400 في كامل الاراضي السورية. واذا قام الطيران الاسرائيلي بقصف اي منظومة دفاع اس 400 فمعنى ذلك انه سيقتل ضباطاً وجنوداً من الجيش الروسي. وقال الرئيس الروسي بوتين الى الرئيس نتنياهو ان هذا يعني ان روسيا ستكون في حالة حرب مع "اسرائيل"، اذا هاجمت طائرات اسرائيلية منظومة الدفاع اس 400 وقتلت جنوداً من الجيش الروسي.

وبعد النقاشات قرر مجلس الامن تأجيل التصويت بشأن الغوطة الشرقية ، علما ان مجلس الامن كان قد أجل التصويت للمرة الثانية بسب التعديلات على قرار كويتي سعودي لوقف اطلاق النار مع موافقة 10 دول دائمة العضوية في مجلس الامن وموافقة امريكا وفرنسا وبريطانيا والصين عليه باستثناء طلب روسي بتعديله.

من جهة اخرى يستمر القصف المتبادل بين القوى التكفيرية في الغوطة الشرقية والجيش السوري وحلفائه لكن دون حصول معارك واقتحامات وهجومات. ويبدو ان الغوطة الشرقية اصبحت حربا دولية او حرب نفوذ كبرى من قبل اميركا وروسيا على الارض السورية. وهذا الصراع الاميركي - الروسي سيحدد مستقبل سوريا بالنسبة الى الحل السياسي وكيفية تنفيذه سواء لمستوى وضع دستور جديد واجراء انتخابات نيابية جديدة وتشكيل حكومة من المعارضة والنظام واجراء انتخابات رئاسة جمهورية. لكن هنا نذكر ان هذا الامر غير وارد لدى القيادة العسكرية والسياسية في سوريا لان الرئيس السوري بشار الاسد مقتنع بضرب كافة التنظيمات التكفيرية قبل الوصول الى تسوية سياسية، وان كل وفود المعارضة التي تأتي الى جنيف وغيرها للتفاوض مع وفد النظام لا تسيطر على 100 مقاتل في سوريا، بينما الـ 11 قوة تكفيرية من تنظيمات اسلامية متطرفة وهي التي تقود الحرب ضد النظام السوري غير موجودة في مفاوضات جنيف وغير موجودة في اجتماعات سوتشي في روسيا، ولا تريد حلاً مع النظام. كذلك النظام لا يقبل استمرار وجودها.

المصدر: الديار

101/23

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

السبت 24 فبراير 2018 - 11:35 بتوقيت مكة