الوقائع التي سجلت خلال الجولات المكوكية التي اجراها المسؤول الاميركي مع المسؤولين اللبنانيين تؤكد انه حتى الان لم يطرح ساترفيلد اي طروحات جديدة بقدر ما حاول في كل جولة صياغة اقتراحات قديمة بلغته المميزة، خصوصاً انه يملك تجربة ديبلوماسية كبيرة ويتميز بأنه مناور يستطيع استخدام كل الاساليب في التحاور او التفاوض.
والجديد في جولته الاخيرة هو انه ترك بيروت بانطباع اكيد ليس بالنسبة لثبات الموقف اللبناني حيال الحدود البحرية والبرية والثروة النفطية فحسب، بل ايضا لجهة وحدة الموقف اللبناني التي بدت اكثر متانة وتشددا بعد ان كاد في الجولة السابقة ان يخلق ثغرة في هذا الموقف.
ويقول مصدر يتابع بدقة هذا الملف ان المرجعيات اللبنانية ابدت هذه المرة ارتياحاً لتأكيد وحدة الموقف اللبناني في وجه ما حمله الموفد الاميركي، مشيرة في الوقت نفسه الى ان ساترفيلد تبلغ رسالة لبنانية واضحة ومفادها ان لبنان متمسك بكل ثروته من النفط والغاز وبكامل حدوده البحرية وهو سيدافع عن ذلك كما فعل في الدفاع عن حدوده البرية وما يزال.
ووفقاً للمعلومات المتوافرة، فقد جرت مشاورات مباشرة قبل جولة ساترفيلد بين الرؤساء الثلاثة بعيدا عن الاضواء في اطار توحيد وتصليب الموقف اللبناني لمنع اي اختراق له خلال التفاوض معه.
واضافت المعلومات ان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم كان له دور ايضاً في هذه المشاورات من خلال تحركه الناشط قبل وخلال جولة المسؤول الاميركي الاخيرة.
ويقول المصدر المتابع لهذا الملف ان كل ما حمله ساترفيلد في جولته الاخيرة هو اعادة طرح ما يعرف بخط هوف مع اضافة عروضات استثمارية لا تصب ابداً في مصلحة لبنان، وهي عروضات كان تطرق اليها المسؤول الاميركي السابق الذي كان مكلفاً هذه المهمة وهو إيموس.
وقد ابلغ الرئيس بري ساترفيلد ان هذه الطروحات ليست جديدة وقد سمعناها بالماضي وقلنا رأينا فيها، ونؤكد اليوم مرة اخرى على تمسكنا بموقفنا وبحقوقنا كاملة في البحر والنفط والغاز مثلما فعلنا في البر، والذي يصح في البر يصح ايضاً في البحر.
وحسب المصدر ايضاً، فان الجديد ايضاً في جولة ساترفيلد الاخيرة هو ممارسة المزيد من الضغط الاميركي على لبنان لمصلحة "اسرائيل" والاطماع والمصالح الاسرائيلية، لا بل ان الموفد الاميركي لم يلعب او يمارس دور الوسيط بقدر ما كان ينقل ويتبنى في الوقت نفسه الموقف الاسرائيلي مشيداً به بطريقة تؤكد الانحياز الاميركي للجانب الاسرائيلي في هذه المفاوضات.
ووفقاً للمعلومات ايضاً، فانه رغم الاجواء غير الايجابية التي سادت لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، فقد حرص ساترفيلد على القول انه مسستمر في مسعاه وانه سيبقى على تواصل مع لبنان لبذل المزيد من الجهد في اطار مهمته المكلف بها.
ومنذ بدء مهمة ساترفيلد قبل حوالى الشهر حتى الان لم يزل السؤال المطروح: لماذا هذا التحرك الاميركي اليوم بعد ان غاب لفترة طويلة؟
يقول المصدر انه لا يوجد جواب واضح للسؤال المطروح، لكن هناك اشارات عديدة تدل على ان ادارة الرئيس الاميركي ترامب ربما ارادت بالتعاون والتنسيق مع العدو الاسرائيلي توسيع دائرة التوتر والضغط لتشمل لبنان ايضاً لا سيما في ظل ارتفاع منسوب التوتر مؤخراً في سوريا.
وفي رأي المصدر ان الاميركي والاسرائيلي لا يريدان انهاء المفاوضات بسرعة، لا بل انهما يستخدمانها كسلوك للضغط على لبنان واعاقة انطلاقة ورشة النفط والغاز قدر الامكان.
ومما لا شك فيه ان "اسرائيل" تسعى الى امرين: اولاً تأخير عمل لبنان في الملف النفطي، وثانيا الضغط لتحقيق مكاسب على حساب سيادة وثرورة لبنان النفطية.
وفي جانب آخر يراهن الاميركي والاسرائيلي ايضاً على ضعف الوضع الاقتصادي اللبناني، ويعتبر ان مثل هذا الامر سيسهل عملية التفاوض لمصلحتهما.
وفي هذا الاطار علم ان اتصالات ومداولات جادة جرت في الايام الماضية بين المسؤولين اللبنانيين على ارفع مستوى لايلاء الموضوع الاقتصادي والمالي اهتماما اكبر رغم بدء انغماس الجميع بالهموم الانتخابية.
وتقول المعلومات ان هناك رغبة في بلورة خطة عمل لبنانية لتدارك الوضع الاقتصادي تبدأ بإقرار الموازنة والتحضير لمؤتمر باريس -4.
* الديار