ما السنة وما الشيعة وما الخلاف بينهما؟

الثلاثاء 20 فبراير 2018 - 23:12 بتوقيت مكة
ما السنة وما الشيعة وما الخلاف بينهما؟

إنّ الأزهر الشريف قد إعترف بالمذاهب الفقهية الثمانية‌ التـي يقلدها المسلمون في‌ العـالم‌ فـي عصرنا الحاضر وهي الاربعة السنية (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) وإثنان من الشيعة (وهما الجعفرية والزيدية) وإثنان من خارج ذلك وهما (الإباضية والظاهرية).

الشيخ علي جمعة

كـثير‌ مـن‌ النـاس‌ يتساءلون: ما السنة وما الشيعة وما الخلاف بينهما؟ وهل يعترف بعضهم ببعض وهل هما كدينين مـنفصلين‌ كما يدعي بعضهم في الغرب؟

 أقول: إنّ الأزهر الشريف قد إعترف بالمذاهب الفقهية الثمانية‌ التـي يقلدها المسلمون في‌ العـالم‌ فـي عصرنا الحاضر وهي الاربعة السنية (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) وإثنان من الشيعة (وهما الجعفرية والزيدية) وإثنان من خارج ذلك وهما (الإباضية والظاهرية).

 وهذه المذاهب الثمانية هي التي تكوّن الموسوعة الفقهية‌ التي بـدأت في سنة 1960 بالمجلس الأعلي للشؤون الاسلامية، والتي وضع برنامجها العلامة المرحوم محمد فرج السنهوري ومعه آخرون من كبار رجال الفقه في مصر، وكان قبل ذلك قد اصدر الامام‌ الاكبر‌ الشيخ محمود شـلتوت قـرارا بإعتماد المذهب الجعفري وإعتماد الأخذ منه عند أهل السنة، وهذا كله نراه مسطورا في كتب الفريقين عبر التاريخ، يعرض هذا رأي هذا ويعرض ذاك رأي الآخر‌ مرة‌ لمناقشته ومرة لاعتماده ومرة لنصرته وتـرجيحه مـما يدل على أنهما على دين واحد وعلى قبلة واحدة هي الكعبة المشرفة، وعلى مصدر واحد هو كتاب الله وسنة رسوله (ص)؛ يصومون‌ شهر‌ رمضان لا يختلفون فيه ويصلون الخمس ويحجون البيت فـما الخـلاف بينهما إذن؟

1ـ يرى أهل السنة أن الرواية المعتمدة عن رسول الله(ص) تشمل نقل الصحابة كلهم عنه، وعدد الصحابة الذين رأوا‌ رسول‌ الله‌(ص) 114 ألف صحابي، صلّى عليه‌ في‌ المدينة‌ عند إنتقاله الى الرفيق الاعلى نحو 20 ألف صـحابي والرواة عـنه نـحو 1800 صحابي أي ما يزيد عن 1% مـن عـددهم . والرواة الذين‌ في‌ مسند أحمد وهو كتاب كبير يشتمل على نحو‌ 30000‌ حديث لا يزيد عن 990 صحابيا، كثير منهم لم يرو الا حديثاً واحداً.

وفي صـحيح الامـام البـخاري ما يزيد‌ على‌ 2000‌ حديث من غير المكرر والصـحابة الرواة 254 صـحابيا (ومع المكرر‌ بلغت عدد الاحاديث أكثر من 7500 حديث فإنه كان يكرر الحديث الواحد أكثر من مرة طبقا لما يـستفيده‌ مـنه‌ مـن‌ أحكام في الابواب المختلفة). وعدد الاحاديث التي رويت عن النـبي(ص) من‌ طريق‌ أهل السنة لا يزيد عن 50000 حديث رٌويت بنحو مليون سند منها الصحيح ومنها الضعيف ومنها‌ المقبول‌ ومـنها‌ المـردود.

2- ويـري الشيعة أن الرواية لا تكون معتمدة الا اذا كانت عن‌ سيدنا‌ علي‌ كرم الله وجه ورضـي الله عـنه، وذلك عن طريق نسله الشريف الذي حفظه الله‌ سبحانه‌ وتعالى‌ وعصمه من الخطأ، وكانت العصمة لسيدنا الحسن بـن عـلي رضـي الله عنه من بعد‌ أبيه‌ ثم لأخيه الحسين (ع) من بعده ثم لإبنه عـلي زيـن العـابدين من بعده ثم‌ لإبنه‌ محمد‌ الباقر من بعده ثم لإبنه جعفر الصادق من بـعده وإليـه تـنسب الجعفرية، ثم لإبنه‌ موسى‌ الكاظم من بعده ثم لإبنه علي بن موسى الرضا مـن بـعده ثم لإبنه‌ محمد‌ بن‌ علي الجواد ثم لإبنه علي محمد الهادي ثم لإبـنه الحـسن بـن علي العسكري وأخيرا لإبنه‌ محمد‌ بن الحسن العسكري، ويعتقد الشيعة أنه هو المهدي ومـن هـنا سميت بالاثني‌ عشرية‌، ومرويات‌ الشيعة جمعها عالم كبير هو الامام المجلسي في كـتاب كـبير طـبع قديماً في 25 مجلدا‌، وطبع‌ حديثا‌ في 110 مجلدات ويشتمل على عشرات آلالاف من الاحاديث بعضها صحيح وبـعضها‌ ضـعيف‌، منها المقبول ومنها المردود.

3- وهذا الكم الهائل من الرواية عند كل الفـريقين قـد إتـحدت في مساحة‌ كبيرة‌ جدا، وإختلفت في مساحة أقل، ولقد صدرت عدة محاولات لرصد هذا الإتـحاد‌ لجـعله‌ مـنطلقا للتقريب بين المذهبين ولإعلام أتباع كل‌ منهما‌ أنهما‌ يتفقان أكثر مما يـختلفان، شـأنه في هذا‌ شأن‌ كل المدارس العلمية التي تنتمي الى دين واحد، بأصول واحدة. وكانت المحاولة الاولى‌ بـين‌ المـذاهب عن طريق بيان مشترك‌ في‌ الرواية على‌ يد‌ العلامة‌ الاباضي يوسف الطـفيش فـي كتابه الذي‌ طبع‌ في أواخر القرن التـاسع عـشر بـمصر تحت عنوان: "جامع الشمل" طبع على‌ الحـجر‌ فـي مجلد تتبع فيه الروايات المقبولة‌ عن المذاهب المختلفة جميعا‌ ، ثم‌ طبع في سـلطنة عـمان في‌ مجلدين‌ طباعة حديثة ولقـد حـاول السيد مـحمد الحـسيني الجـلالي في جامع الاحاديث أن يبين‌ الروايات‌ المـشتركة بـين السنة والشيعة، فخرج‌ كتابا ماتعا ممتازا  ثم طبعه‌ اولا في شيكاغو‌ ثم‌ بعد ذلك طبعه في‌ ايـران‌ فـي 5 مجلدات، وهو مجهود علمي محترم يـبين القاعدة المشتركة التي تـجمع بـين الفريقين.

4- وعندما‌ يطلع‌ الانسان هـذه الحـقائق فإنه يزداد تعجبا‌ ويسأل‌: إذا ففيما‌ الخلاف؟‌ لأن‌ الاختلاف في إعتماد الرواية‌ سوف يـسبب بـدون شك إختلافا في الفقه، والإخـتلاف فـي الفـقه بسيط لان الفقه مـبني عـلى‌ الظن‌، وما كان مـبني عـلى الظن فإن‌ للاجتهاد‌ مجالا‌ فيه‌، وإذا‌ كان الامر أمر‌ إجتهاد‌ فإنه يجب على كل واحـد مـنا أن يقبل إجتهاد المجتهد الآخر، فالشيعة تـبيح زواج المـتعة، وهو‌ زواج يـتفق‌ فـيه الزوجان على توقيت العـقد وجعل مدة‌ له‌ ينتهي‌ بمجرد‌ إنتهائها‌، ويجيزون‌ للزوج أن يتزوج هذا الزواج فوق الاربعة المنصوص عليهن في سـورة النـساء، ويجيزون أيضا الجمع بين المرأة وعـمتها وبـين المـرأة وخـالتها، وأهـل السنة يحرمون المـتعة ويـحرمون هذا‌ الجمع، ويمكن القول: أن هذا الوضع أكثر المواضع في الفقه إختلافا بين الفريقين وكما ترى لا يـدعو الى هـذا الحـزن العميق الذي في قلوب العامة من الطرفين.

5- اذا فـلننتقل الى‌ الرؤيـة‌ الكـلية العـقدية فـنرى أن أحد أهل السنة قد ذهب الى الحوزة العلمية الشيعية في القرن العشرين وجلس سنة وجمع عشرين سؤالا يعترض فيها على مذهب الشيعة الامامية وهو العلامة‌ موسى‌ جار الله المـتوفي في القاهرة، وألف بها كتابا أسماه (الوشيعة في الرد على دين الشيعة)، وقال: "أنه قد عرضه على الحوزة العلمية فلم‌ تجب‌ عنه، ولكننا رأينا ردا عليه‌ من‌ جملة من علماء الشيعة لعل أخـصرهم وأوضـحهم هو العلامة شرف الدين الموسوي وكتابه عنوانه "الرد على أسئلة جار الله" فما هي هذه الاسئلة وما‌ الرد‌ عليها؟

يتبع...

*توضيح من "رسالة التقريب" :

إننا نحيي‌ في‌ الأستاذ الدكتور جمعة هذا النفس التقريبي ، ونوضح: أن الشيعة تـعتمد الروايـة التي وثق رواتها حتى لولم ترد عن طريق أهل البيت (عليهم السلام).

المصدر:رسالة التقريب/العدد54

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الثلاثاء 20 فبراير 2018 - 23:10 بتوقيت مكة