ولد سلمان أحمد رشدي في دولة الهند في مومباي في 19 يونيو عام 1947 ، يحمل الجنسبة البريطانية ، والده رجل أعمال مشهورفي كشمير إسمه أنيس رشدي . درس في المدرسة التبشيرية الإنجليزية ، حيث أنه كان يتقن اللغة الإنجليزية هو وعائلته بسبب حياتهم في بريطانيا ، ثم أكمل دراسته للتاريخ في جامعة كنج لونج في مدينة كامبردج البريطانية ، وكان يهوى الكتابة ويحب مجال الأدب كثيراً ، فقام بإصدار العديد من الكتب والروايات ، والتي من أهمها رواية "غريموس" ، والتي أصدرها في سنة 1975 م ، ورواية "أطفال منتصف الليل" ، والتي أصدرها عام 1981 م ، والأخيرة كان اتجاهها سياسيا ، حيث أنها تحدثت عن الحياة الهندية والتقاليد والأعراف الهندية لنضال الهنود ضد المستعمر البريطاني ، ولكن قامت السيدة أنديرا أغندي برفع دعوى قضائية ضده بسبب هذه الرواية التي لم تعجبها أفكارها ، وإستطاعت ربح القضية وكانت النتيجة هي منع دخول هذه الرواية ونشرها في الأراضي الهندية ، ولكنها ترجمت إلى العديد من اللغات وإنتشرت خارج الهند بصورة كبيرة ، كما أنها فازت بجائزة بوكر عام 1981 م .
عاد سلمان لتأليف رواية جديدة عام 1983 م ، تحمل اسم " العار " ، وكانت تخص الحياة الباكستانية ، حيث أنه قام بإدانة الحكومة الباكستانية .إنتقدت هذه الروايةأيضاً من قبل الحكومة الباكستانية ومنعت من دخول الباكستان ، ولكنها ترجمت إلى العديد من اللغات مما أدى إلى إنتشارها ، لينتقل بعدها لرواية جديدة تنتقد تجربة الثورة في نيكاراجوا ، وهي رواية بعنوان " ابتسامة الجاكورا".ولكن جاءت المصيبة عندما قام بكتابة رواية تمس الشارع الإسلامي بعنوان " آيات شيطانية " و الذي منح بعدها من ملكة بريطانية لقب "الفارس" ، كما أن المتأمل في العنوان يفهم أن الرواية هي تجريح للدين الإسلامي ، كما أنها انتقاد لاذع له ، وإتهامات لا صحة لها ، لأن الآيات لم تكن يوماً من صنع الشيطان ، وإنما هي من صنع الله عز وجل ، كما أنها حملت إساءة كبيرة للرسول في طياتها .
انفجر الشارع الإسلامي في كل الدول الإسلامية بالتنديد ضد هذا الكاتب الذي قام باستخدام عبارات وألفاظ مهينة جداً ضد الإسلام والمسلمين ، كما أنه قام بالتجريح في المقدسات الاسلامية ، وصدرت العديد من الإجراءات ضده في العالم الإسلامي ، والتي من أهمها : إهدار دمه في شهر فبراير 1989 ، وكان مصدرها أية الله الخميني وأعلنها من خلال راديو طهران ، والذي صرح فيها أنه يجب أن يتم إعدامه لأنه كاتب ملحد . وبعد ذلك لحقتها تهديدات لأصحاب المطابع ودور النشر من قبل الجماعات المسلمة بحرق مطابعهم والإعتداء عليهم في حالة قاموا بنشر أو ترجمة أي عمل لهذا الكاتب ، كما أن الكثير من المكاتب تم حرقها ومن ثم تفجيرها على أيدي جماعات إسلامية .
أكثر ما يلفت الإنتباه في هذه القضية سرعة إنتشار الكتاب وسرعة ترجمته إلى مختلف لغات العالم والحملة الإعلامية الضخمة التي رافقت إنتشاره والتي كانت تهدف للترويج لهذا الكتاب وشد الأنظار إليه. في الجمهورية الإسلامية الإيرانية كان الأمر واضحاً أن ثمة غرضٌ خبيثٌ وراء ما يجري خصوصاً بعد أن انبرت معظم الدول الغربية للدفاع عن "رشدي" وكتابه الخبيث. فما كان من مفجر الثورة الإسلامية في إيران إلا أن أطلق في تاريخ الرابع عشر من شهر شباط عام 1989م فتواه الشهيرة والتي تنص على الحكم بالإعدام على كاتب هذا الكتاب وناشريه المطلعين على فحواه.
عندما أصدر آية الله الخميني فتواه ضد سلمان رشدي، أثار في إنكلترا أحداثاً تعدت في دراميتها حكم الإعدام الإيراني نفسه. آنذاك انطلق المهاجرون من شبه القارة الهندية، الذين كان رشدي ينشط أدبياً واجتماعياً من أجلهم، إنطلقوا إلى شوارع لندن وبرمنغهام يحرقون كتبه ويطالبون برأسه وهم في قمة الغضب. أما المرأة التي راح رشدي لسنوات ينتقدها أعنف انتقاد في مقالاته فقد وضعت يدها الحامية فوق رأسه.
كان سلمان رشدي، المولود في بومباي بالهند، قد حصل على الجنسية البريطانية عام 1964، وإثر صدور الفتوى أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر أن الدولة لن تسمح بأي اعتداءات على مواطنيها.
لا أحد يستطيع اليوم أن يتخيل كيف كانت "المرأة الحديدية" هدفاً لكراهية الفنانين والمثقفين اليساريين .كان رشدي يعتبر نفسه حتى ذلك الوقت مثقفاً يسارياً نقدياً وخصماً للدولة والحكومة، ولذلك فإن الفتوى لم تحرمه من الحياة في حرية فحسب، بل سلبته أيضاً وطنه السياسي.
ذهب رشدي إذن ليعيش متوارياً عن الأنظار تحت حماية خصومه القدامى، مَمثلين في المخابرات البريطانية، ترافقه الشماتة والسخرية من جانب رفقاء الطريق السابقين. كان ينام في شقق من دون نوافذ، وكل بضعة أسابيع يغير مقر إقامته. كان كثيراً ما يستيقظ من نومه ولا يعرف في أي مدينة هو. في تلك الأثناء انتقل رشدي ليعيش في نيويورك. صحيح أنه لا يستطيع أن يستغني عن الحماية الشخصية، غير أنه لم يعد يتسلم تهديدات دورية في ذكرى إصدار الفتوى وكأنها "تحيات إسلامية في عيد فالانتاين" على حد قول رشدي.
في العام 2007 خرج عالم الدين الإيراني أحمد خاتمي ليؤكد أن فتوى هدر دم هذا الكاتب لا تزال قائمة ولم يتم التعديل عليها لأنها أمر غير قابل للتعديل . في يونيو من هذا العام و بعد أن منحته الملكة البريطانية لقب الفارس أمر المجلس الوطني بسحب هذا اللقلب منه ، ولكن بريطانيا رفضت . ولا تزال الإنتقادات توجه له حتى يومنا هذا ولا زال يمنع من دخول العديد من الدول الإسلامية .
المصدر: مواقع قنطرة ، موضوع و الإمام الخامنئي