محمود اسماعيل
الحادي عشر من شباط عام ١٩٧٩، تاريخ يشهد على انتصار ثورة غيرت مجرى التاريخ وأصبحت أمثولة لكل الأحرار والمستضعفين للتخلص من الظلم والاضطهاد في كل مكان. تلك هي الثورة الإسلامية في إيران بقيادة مفجرها الإمام الخميني(قدس). ثورة لم تحد عن المبادئ التي قامت عليها، على الرغم من التحديات والصعوبات، وعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثة عقود على انطلاقها.
لقد إلتزمت إيران بالدفاع عن قضايا المستضعفين وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وهي تدفع ضريبة باهظة بسبب دعمها لهذه القضية. " الثورة الإسلامية رسالة الخلاص لمستضعفي العالم وسلاح القضاء على المستكبرين "، كلمات للإمام الخميني ( رضوان الله تعالى عليه ) قالها عقب انتصار الثورة، فأبرزت ورسخت المبادئ والوجهة التي تريد الجمهورية الإسلامية سلوكها، لتحقيق آمال المستضعفين والأحرار في جميع أنحاء العالم.
ملايين الشعب الإيراني يحيي الذكرى الـ39 لانتصار الثورة الإسلامية، مجددة العهد بالتمسك بالمبادئ والشعارات التي أرساها الإمام الخميني (قدس) والقائم على محاربة الظلم والاستكبار. المسيرات عمت كافة أرجاء إيران، رافعة شعار الموت لأمريكا وإسرائيل. ففي العاصمة طهران، تدفقت الحشود باتجاه ساحة "آزادي"، حيث أقيم الحفل المركزي، للتأكيد على ما قاله الإمام السيد علي الخامنئي بأن الشعب الإيراني ما زال يقف صفاً واحداً خلف قيادته وثورته.
لقد عبرت المسيرات المليونية عن تمسك الإيرانيين بمكتسبات ثورتهم التي أخرجت إيران من ظل الوصاية الأمريكية وحولتها إلى قلعة من قلاع المقاومة بوجه المشاريع الصهيو/أمريكية، التي تحاول ضرب محور الممانعة عن طريق الفتن والحروب والمؤامرات.
الذكرى الـ39 لإنتصار الثورة الإسلامية تحولت إلى إستفتاء شعبي على مبادئ الثورة والتمسك بشعاراتها. قبل 39 عاما، أي في 10 شباط عام 1979، توجهت تظاهرات الشعب الإيراني الثائر نحو القاعدة الجوية في شرق العاصمة طهران، حيث يحاصر حرس الشاه جنودا وضباطا موالين للإمام الخميني والثورة، فتدور اشتباكات عنيفة بين الشعب والعناصر المتبقية من أتباع النظام الذين استخدموا أحدث الدبابات والطائرات في المواجهات.
إزاء هذه التطورات، نظام الشاه يعلن في ذلك اليوم الأحكام العرفية ومنع التجول في جميع أنحاء البلاد، في محاولة لإنقاذ ثكنات الجيش من الجماهير المنتفضة، في وقت كانت فيه قيادة الجيش الإيراني تعلن وقوفها على الحياد إتجاه ما يجري على الساحة السياسية، ليتضح بعد ذلك أن هذا الموقف يأتي في سياق خطة لإفراغ الشوارع من الجماهير الغاضبة إفساحا في المجال أمام العناصر المتبقية من الجيش وآلياته لتسلم المنطقة في محيط القاعدة الجوية ومن ثم اعتقال القيادات الإسلامية تمهيدا لإنهاء الثورة.
خطة المؤسسة العسكرية التي باركتها واشنطن سرعان ما أحبطها الإمام الخميني، عندما دعا الشعب الإيراني إلى عدم الاعتداد بقرار منع التجول والبقاء في الشوارع دفاعا عن ثورته الإسلامية، والاستعداد للمعركة الحاسمة مع أعوان النظام الجائر، وهذا ما حدث فعلا، حيث استمرت الجماهير الإيرانية بالتدفق إلى الشوارع، في تحد واضح لنظام الشاه وقراراته.
بعد عشرة أيام من التظاهرات والقتل والمواجهات، انضمت قوات الجيش الإيراني إلى الثوار وأعلن انتصار الثورة في 11 شباط / فبراير عام 1979. يعرف هذا اليوم في إيران ب " يوم الله "، باعتباره كان حجر الأساس والمسمار الأخير الذي دق في نعش الشاهنشاهية التي أباحت إيران للهيمنة الأمريكية والغربية ونهب ثرواتها، وهو اليوم الذي أسس لقيام جمهورية إسلامية بقيادة الإمام الخميني (قدس)، الذي رفع شعار محاربة الاستكبار ونصرة المستضعفين في جميع أنحاء العالم.