قاسم سليماني، قائد عسكري برتبة فريق في الحرس الثوري للجمهورية الإسلامية الإيرانية، تسلّم قيادة فيلق 41 "ثار الله" التابع لمدينة "كرمان"، وشارك في العديد من العمليات العسكرية في الحرب العراقية الإيرانية، عيّنه السيد علي الخامنئي قائدا لفيلق القدس التابع للحرس الثوريسنة 1998م .
عمل سليماني على مساندة المقاومة في فلسطين و لبنان و العراق ، ومواجهة المجموعات التكفيرية في العراق وسوريا، واكتسب شعبية كبيرة بين العديد من الشعوب الإسلامية والعربية نظراً لنجاح قيادته العسكرية هناك.
المهمة الأساسية لسليماني هي قيادة فيلق القدس الذي يهدف إلى دعم الفصائل المقاوم ل"إسرائيل" وتحريرالقدس .
حياته الشخصية:
ولد قاسم سليماني المعروف بـ الحاج قاسم سنة 1958 بقرية قناة ملك النائية من توابع رابر في محافظة كرمان الواقعة جنوب شرق إيران، وأكمل دراسته الابتدائية وهو في 12 من عمره، ثم ترك قريته مهاجراً إلى كرمان ليعمل في مجال البناء، ثمّ أكمل دراسته الاعدادية، وحصل على الشهادة الثانوية. قاسم سليماني متزوّج وله ولدان.
نشاطاته:
انخرط سليماني بالعمل الثوري ضد نظام الحكم البهلوي قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران.وبعد انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية انتمى الى الحرس الثوري وذلك في شهر مارس / آذارسنة 1981م وبعد مدّة تولّى حماية مطار محافظته عندما بدأت الطائرات الحربية لصدام حسين باستهداف المطارات الإيرانية، ثم توجّه بعدها مع مجموعة عسكرية تتكون من 300 شخص من قوّات محافظة كرمان الى جبهات القتال في سوسنغرد، وعيّن قائداً لفرقة عسكرية هناك لمواجهة تقدّم الجيش البعثي في جبهة المالكية.
شارك اللواء سليماني في أكثر العمليات العسكرية إبان الحرب ومن أهمها عمليات "والفجر 8" (فتح الفاو)، و"كربلاء 4" و"كربلاء 5"، كما شارك في المعارك التي دارت في "شلمجه".
وقد نال قاسم سليماني شهرة في قيادة مهمات الاستطلاع خلف الخطوط العراقية، وكان الجيش البعثي يخصه بالذكر في النشرات الإذاعية.
أصيب سليماني في عمليات "طريق القدس" في نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1982م، وقد تعرض لمحاولة إغتيال عن طريق الطبيب المعالج له، لكن سرعان ما كُشف أمر الطبيب.
بعد الحرب الإيرانية العراقية
بعد إنتهاء الحرب المفروضة سنة 1988م، تسلّم الحرس الثوري مهمة مكافحة المخدّرات، فعادت كتيبة "41 ثار الله" بقيادة قاسم سليماني إلى محافظتها (كرمان)، وقامت بالتصدّي للمهربين الذين كانوا يعبرون من الاتجاه الشرقي للبلاد على الحدود المشتركة مع أفغانستان .
وفي عام 1998 تم تعيينه قائداً لفيلق القدس في الحرس الثوري خلفًا لأحمد وليدي. في 24 يناير/كانون الثاني 2011 تمت ترقيته إلى رتبة لواء.
قاسم سليماني مرتدياً اللباس العسكري أيام الحرب العراقية الإيرانية
نشاطه في سوريا
أشرف الجنرال سليماني على معارك بابا عمرو في بداية الأحداث في سوريا، وقد انهزم المسلّحون في تلك المنطقة التي كانت بمثابة غرفة عمليات مُعدّة لسقوط دمشق". كما أشرف سليماني على معارك في ريف حلب، وفي سهل الغاب في ريف حماه، وفي مدينة القصير في ريف حمص،
يقول "جان مغاوير" الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمركية عن معركة القصير: "إنّ الانتصار الذي حققه الجيش السوري في معركة القصير سنة 2013م هي بمثابة منعطف استراتيجي خلال الحرب في سورية، وكل ذلك تحقق خلال اشراف وقيادة سليماني وعبّر عن هذه المعركة بالنصر الكبير الذي سجله سليماني لنفسه."
ونشر المواقع الأخبارية نقلا عن مصادر أنّ قائد فيلق القدس هو الذي أشرف على عملية انقاذ الطيار الروسي الذي أسقطت طائرته من قبل القوات التركية في سوريا.
نشاطه في العراق
كان لسليماني دور مفصلي في إفشال مخطط سقوط بغداد بعد ما سقطت مدينة الموصل بيد داعش كما شاركاللواء سليماني بالعديد من جبهات القتال ضد تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية(داعش) ، منها المعارك التي دارت شمالي محافظة صلاح الدين، فقد نقلت إحدى الصحف الأمريكية عن مسؤولين قولهم إنه لم تتم استعادة السيطرة على مدن المحافظة من خلال القوات العراقية والتحالف الدولي فقط، بل إن الحملة التي قادها سليماني الذي كان حاضراً في مسرح العمليات كان لها دور أساسي أيضاً. ومن المعارك التي قدّم سليماني مهمة استشارية فيها:
- تحرير مدينة آمرلي في محافظة صلاح الدين شمال شرق بغداد وجرف الصخر جنوب بغداد.
- معركة استعادة تكريت والفلوجة في الانبار غرب بغداد.
- صد هجوم داعش على أربيل شمالي العراق.
- تحرير مدينة جلولاء والسعدية في محافظة ديالى شمالي العراق.
- تحرير جرف الصخر (جرف النصر) ودفع التهديد عن هذه النجف وكربلاء.
- بعض المعارك في سامراء.
نشاطه في لبنان
خلال حرب الثلاث و الثلاثين يوما في لبنان، كان سليماني هدفاً دائماً بالنسبة للاسرائيليين، حيث كان الاسرائيليون يعلمون بوجوده على الأرض خلال الحرب.وفي حضور آخر له في لبنان يحتمل أن يكون سليماني الدافع وراء الرّد الصاروخي لحزب الله على اسرائيل حينما شنت القوات الإسرائيلية هجوماً صاروخياً على القافلة العسكرية المشتركة بين إيران وحزب الله في القنيطرة والتي أدّت إلى استشهاد جهاد مغنية ابن الشهيد عماد مغنية.
نشاطه في فلسطين
يؤكّد سليماني أن القتال في الجبهتين السورية والعراقية هو من أجل القضية الفلسطينية.
وفي لقاء له مع وفد فلسطيني عام 2016م يقول سليماني: "نحن غير مستعدين للتفاوض أو التساوم على قضية فلسطين مع أمريكا أوغيرها. وأؤكد لكم، وأن تُبلغوا إخوانكم، أنّ دعمنا لفلسطين مستمر، لأن هذا موقفٌ مبدئيٌ، أصولي وعقائدي نؤمن به.. فلا تتغير المبادئ عندنا. وستظل فلسطين معتقداً لدينا".
وفي رسالة له بعد العدوان الصهيوني على غزة أشاد سليماني بسلاح المقاومة في القطاع وأكّد على دعم المقاومة، وقال للشعب الفلسطيني "ألا لعنة الله على كل من أغلق في وجهكم طرق الإمداد وشارك الصهاينة جناياتهم". وحيّ سليماني في رسالته قادة المقاومة في فلسطين.
ولسليماني دور بارز في ردم الهوة بين حركة حماس الفلسطينية وإيران بعد ما طرأ عليها فتور في العلاقات.
سليماني يعلن الانتهاء من داعش
وفي صبيحة يوم الثلاثاء 21 نوفمبر2017 م تم الإعلان عن انتهاء دولة الخلافة الإسلامية داعش وبشكل رسمي على لسان اللواء سليماني وذلك خلال رسالة وجهها الى السيد الخامنئي مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكانت البوكمال المنطقة الحدودية بين سوريا و العراق هي آخر ضربات تلقّاها تنظيم داعش بواسطة قوات النظام السوري بمعونة القوات الشعبية وباستشارة ميدانية يقودها سليماني.
قاسم سليماني في الداخل الإيراني
لسليماني شعبية كبيرة في أوساط الإيرانيين على اختلاف توجهاتهم السياسية والعقائدية، نظراً لما يقوم به في مواجهة المجموعات التي تشكل هاجساً للمجتمع الإيراني.
وقد وصف قائد الثورة الإسلامية في إيران في لقاء جمعه مع اللواء سليماني عام 2005م بـأنّه استشهد مراراً في ساحات الحرب، وعبّر عنه بالشهيد الحيّ.
وقال في خطاب آخر له ولرفاقه العسكريين "إنّ الله سبحانه وتعالى قدّر أن تبقى هذه الثلة أحياء لتعمّ بركات وجودهم على بلدهم وللعالم الإسلامي أيضاً
في سنة 2015 طُبع كتاب عن حياة ونشاطات سليماني، وشهد الكتاب بعد طبعه إقبالاً كبيراً من القرّاء في إيران. يذكر مؤلف الكتاب أنّ هناك مساع لترجمة الكتاب إلى اللغة العربية بغية نشره في الدول العربية.
وفي اكتوبر /تشرين الأول سنة 2015م؛ أزيح الستار عن طابع يحمل تصويراً للّواء قاسم سليماني في مدينة كرمان، وقد تم إعداد هذا الطابع بتعاون مع مؤسسة نشر وحفظ أعمال وقيم الدفاع المقدس.
الآراء حوله خارج إيران
بسبب مكانة سليماني وإنجازاته التي حققها في بلدان عدة خارج إيران، ضمن الحرب على الجماعات التكفيرية، تداولته الصحافة العالمية بشكل موسع، فمثلا أعدّ الصحافي دكستر فيليكنز، تقريراً قال فيه إنّ إيران وبفضل الجنرال سليماني تمكّنت إلى جانب حلفائها في سوريا ولبنان من تشكيل محور للمقاومة في المنطقة، ومع ذلك استطاع سليماني أن يبتعد عن أعين وسائل الإعلام إلى حد كبير. وقد وصف جان ماغوير الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) سليماني بأنه الرجل الأقوى في الشرق الأوسط اليوم إلا أن القليل سمع شيئًا عنه.
مجلة نيوزويك تكتب تقريراً عن اللواء سليماني حمل عنوان: إله الانتقام، قاتل أميركا .. والآن يسحق داعش.
ونشرت مجلة "نيوزويك" الأميركية على غلاف إحدى أعدادها الصادرة صورة لقائد فيلق القدس، بعنوان إله الانتقام: قاتل أميركا.. والآن يسحق داعش"،وأكّدت صحيفة الغاردين البريطانية أنه حتى من لم يوال سليماني، يعتبره أنه شخص بغاية الذكاء والقوة. والكثير من المسؤوليين الأميركيين الذين بذلوا جهداً خلال السنوات الماضية لإقصاء عمل من يوالي سليماني، يقولون أنّ لهم رغبة باللقاء معه وأدهشهم فعلاً ما يقوم به.
ويقول زلماي خليل زادة (السفير السابق لولايات المتحدة الأميركية في أفغانستان والعراق): "بخلاف بعض المسؤولين الأميركيين الذين يتهمون سليماني بإشعال فتيل الحرب في كل مكان، فلسليماني مواقف كثيرة لمصالحة الأطراف المتنازعة. فمنها إنهاء الصّراع الدائر بين قوات تيار مقتدى الصدر والقوات العراقية في البصرة، فكان له دور حيوي في إنهاء الأزمة المتصاعدة، ولو أخذت رقعة الاضطرابات حينها إلى التوسّع هناك؛ لكانت شكّلت تهديداً لمصادر النفط ولَتَبِعَتْها نتائج خطيرة.
ونشرت مؤخرا قناة العالم الفضائية على صفحتها في الفيسبوك منشوراً بإسم اللواء سليماني وطلب من رواد صفحتها أن يصفوا اللواء قاسم سليماني بجملة واحدة. فلاقى المنشور على الفيسبوك حوالي 1.000.000 مشاهدة وما يقارب 10.000 تعليق. وبحسب الموقع كان أكثر المشاركين في هذا الاستطلاع من سوريا و العراق.
شخصيته و إهتماماته الخاصة:
نقلت وسائل الإعلام أنّ سليماني كان يتواجد في الخطوط الأولى من المعارك في العراق ولا يرتدي أي درع واقٍ من الرصاص ويتواجد في مناطق الاشتباكات بسيارة غير مصفحة، مشيرةً الى أنه "في معارك تكريت كان يستقل دراجة نارية ويندفع الى الأمام لرصد العدو قبل الهجوم
المعروف عن سليماني أنه رجل ملتزم و متدين إلى حد كبير، وليس شخصيه عسكرية فحسب؛ والمجموعة التي يقودها (فيلق القدس) مجموعة ايديولوجية ترى تحرير فلسطين و القدس مهمة مذهبيه وأنشئت من أجل إنجازها. ففي هذا المجال كتبت صحيفة نيويوركر في الـ 30من (سبتمبر /أيلول) 2013 م: إنّ سليماني مؤمن بالإسلام فعلاً وهو مهذب بكثير بالنسبة لآخرين. ولعلّ تلقيب اللواء سليماني بالحجي أو الحاج قاسم بدلاً عن ألقابه العسكرية في العراق وسوريا ودول الخليج عموماً هو إشارة على غلبة شخصيته الدينية في سلوكه وتعامله .
وهناك مقطعاً مصوراً وموثقاً من فيلم لسليماني في رثاء بعض رفاقه الذين إستشهدوا في عمليات كربلاء الخامسة (ديسمبر /كانون الأول) 1986م، فعندما يصف سليماني رفاقه الشهداء تدمع عيناه عدة مرات ويستمر بأقواله بصوت متقطع، ويقول: اُشهد الله على أنّ هجرانهم أحرق قلبي.
المصدر:ويكي شيعة