ويقول موقع إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله"، في بيته بالأنبار في العراق، يرقد عمر طريح الفراش معزولاً عن زوجته وبناته الثلاث الصغار اللاتي يألمن له ليل نهار، وهن شهود لا قوة لهن على مرض يحول رب بيتهن إلى شجرة.
يقضي عمر حياته منذ خمس سنوات متمشياً بين جدران بيته، لا يقوى سوى على النوم والأكل، ولا يجرؤ على الخروج، إلا على قدر الذهاب للأطباء.
بداية الكارثة
في سنة 2013، بدأت أعراض غريبة تظهر على يدَي وقدَمي عمر، وباتت الأشكال تنمو تتخذ أشكالاً تشبه غصون وجذور الشجر مع ظهور نتوءات صغيرة على رأسه ووجهه تشبه الثآليل.. واكتشف عمر بمرور الوقت ومراجعة الاطباء أنّه مصاب بداء "الرجل الشجرة".
يقول عمر: "راجعت عديداً من الأطباء داخل العراق ولم أستجب لكل العلاجات لأنها اختصت بأمراض جلدية أخرى كالصدفية مثلاً..
بعت بسبب المرض كل ما أملك وهي قطعتا أرض وسيارة، وأنفقت قيمتها في العلاج خارج العراق، لكني لم أشف من المرض".. هكذا فقد عمر كل ما يملك وبات يعيش على الرعاية الاجتماعية.
حاول الرجل أن يعالج نفسه في دول الجوار، وبهذا الخصوص يقول "سافرت إلى الأردن ولم يستطيعوا علاجي لعدم معرفتهم بالمرض، بعدها سافرت إلى لبنان وعملوا التحاليل وأخبرني الطبيب بوجود نقص في المناعة ووجوب إجراء عملية جراحية تجميلية في إحدى الدول الأجنبية".
علاجه في كوبا!
لجنة طبية عراقية زارته في البيت بعد مناشدات عدة صدرت عنه وعن أسرته، وخلصت الى وجوب إجراء عملية جراحية له تحت إشراف طبي متخصّص في كوبا..
لكن المساعدة المنتظرة لم تصل إليه من الجهات الرسمية، وبقيت أصابعه تنمو ويفقد القدرة على استخدام يده وقدمه يومياً ويقول بهذا الخصوص "لم أعد أراجع أيّ طبيب داخل العراق لضعف حالتي المادية وعدم استجابتي للعلاج.
وأعيش حالياً أنا وعائلتي على راتب الرعاية الاجتماعية أتسلّمه كل شهرين، ووالدا زوجتي يساعداننا من الناحية المادية أيضاً".
الآثار النفسية
الآثار النفسية للمرض تبدو أكثر دماراً، وهنا يقول عمر باكياً بيأس مطلق "لم أعد أتحمّل المرض والمكوث في البيت، بعض الناس تأنف مني وتخاف من شكلي الخارجي".
مقابل كل هذا اليأس يحتفظ عمر بفسحة أمل ويقول: "رغم ذلك لم أفكر في الانتحار لأن إيماني بالله قوي هو الذي ابتلاني بالمرض وهو يشفيني".
داء "الرجل الشجرة"
داء" الرجل الشجرة" أصاب أول مرة "ديدي"؛ البالغ من العمر 35 سنة، وهو صياد سمك إندونيسي يقيم في إحدى القرى في جنوب جاكرتا، عاش حياة صعبة؛ لأنه يعول والدته ووالده، ويتجول من نهر إلى آخر بحثاً عن لقمة عيشه.. وحين مرض أقعده المرض الغريب عن كل شيء.
ويقول الدكتور علي فيصل، اختصاصي الأمراض الجلدية: "هذا المرض النادر للغاية ناتج من طفرة جينية..
ونتيجة هذه الطفرة الجينية يكون الجسم على استعداد للإصابة بنوع خاص من الفيروسات هو فيروس الورم الحليمي البشري؛ ما يسبب نمو الجلد بشكل غريب ومتضخم على شكل جذور شبيهة بجذور الشجرة".
ويضيف د. علي "العمليات الجراحية ليست شافية، يمكن أن يعود المرض في المستقبل لكن بعد العملية هنالك إجراءات احترازية طبية تجرى لتقليل عودة تفاقم المرض".
المخيف أن هذا المرض يمكن أن يسري بالعدوى، وفي هذا السياق يقول الطبيب المختص "نسبة عدوى المرض ضئيلة جداً تصل إلى خمسة بالمئة؛ يمكن أن تنتقل بالمصافحة".
ورغم كل هذا، ففي أماكن أخرى من العالم سُجلت حالات تعافٍ نسبية من المرض وأغلبها سُجّل عام 2017، والعلاج هنا جرى غالباً باستئصال النمو الشجري، لتمكين المريض من ممارسة شكل من أشكال الحياة الطبيعية.