استقلال الحوزة العلمية في النجف الأشرف؟
لقد تأسست حوزة النجف العظيمة قبل ألف سنة وتكبد علماؤنا جميع المصاعب والقهر الذي مارسته الأنظمة وذلك في سبيل الحفاظ على استقلالية الحوزة، فهي غير مرتبطة بالحكومة، والأحزاب السياسية وحتى الأحزاب الدينية ولديها استقلاليتها في مجال السياسة ونظام التعليم والاقتصاد. كما إن العلماء عانوا من فقر شديد لكنهم لم يقبلوا أن يستلموا أي مساعدة ودعم مالي من الحكومات ولن نوافق على ذلك، فإذا وافقت الحوزة على الدعم الحكومي واستلمت المساعدات من الحكومات فستكون تابعا لها. حوزة النجف ليس فيها أي حزب، وهي مستقلة سياسيا، واقتصاديا، وتعليميا وغير مرتبطة بالحكومة أساسا، وعلماؤنا يقبلون الموت ولا يقبلون الدعم الحكومي.
اعتدال حوزة النجف؟
حوزة النجف حوزة معتدلة بعيدة عن الإفراط والتفريط والأفكار المتطرفة والفكر التكفيري، لأن مناهجها تدور في فلك القرآن والسنة النبوية، ومع إن هذه المناهج تتطور وتتسع لكنها لا تتجاوز إطار الكتاب والسنة، فعالم الدين الشيعي يستحيل عليه أن يفتي خلافا للقرآن والسنة النبوية، فكل فتاوى علماءنا تتطابق مع هذين المبدأين فالإسلام يتمثل في كلمتين اثنتين: التوحيد والنبوة (من آمن بالله وبرسالة النبي الأكرم).
لقد أمضيتم أكثر من 50 سنة في النجف الأشرف، كيف كان سلوك المراجع وتعاملهم في تلك المرحلة؟
تعتبر المرجعية مؤسسة غير معقدة وجل اهتمامها يتركز على الحفاظ على الحوزة والعقيدة، فوسطية المذهب وسلامته، وفتوى العلماء ومهنتهم يجب أن تكون كلها وفقا للكتاب والسنة، وهذا ما ركز عليه مراجع الدين فضلا عن إعداد وتأهيل طلاب العلوم الدينية.
ماذا عن نهجهم السياسي؟
لم يهتموا بالسياسة مطلقا، فحوزتنا غير مرتبطة لا بالحكومة، ولا بالسياسة ولا بالأحزاب السياسية!!
وماذا عن الاهتمام بمصالح المسلمين؟
إن الحوزة العلمية لا تأل جهدا حيثما يتعلق بمصالح المسلمين.
ما هو مدى الحرية التي تتيحها حوزة النجف لطرح الآراء، والرؤى ووجهات النظر المتعددة؟
حوزة النجف لها كامل الحرية في هذا الجانب ولا سلطة لأحد عليها.
هل أصدرتم فتوى أو رأيا خلال مرجعية أستاذكم السيد الخوئي تسببت بممارسة ضغوط عليكم أو عليه أو تم منعكم من إصدار فتوى؟
لم يكن الأمر سيانا، فالفتاوى المعارضة للأنظمة تجابه بالرفض والمخالفة.
هل تم ممارسة أي ضغط أو منع في داخل حوزة النجف؟
لا أبدا.
لديكم رؤية مختلفة حول حقوق المرأة..؟
نعم، هناك أمور لا بد من وضع النقاط عليها، وأنا لا أرى أي فرق بين المرأة وبين الرجل.
في أي الأمور تعتقدون بعدم الفرق بين المرأة والرجل؟
يجب على المرأة أن تلتزم بالحجاب والتعفف والكرامة، ولكن لا يعني هذا الأمر منعها من العمل، فالعمل للجميع، فإذا التزمت المرأة بهذه المبادئ فلا مانع لها أن تعمل وبإمكانها تولي مختلف المناصب والمسؤوليات حتى منصب الرئاسة.
إذن ليس هناك أي مانع لتولي المرأة للمسؤوليات، من وجهة نظركم؟
لا مانع أبدا، فما هو الفرق بينها وبين الرجل؟ “لقد أثبتت التجارب بأن النساء يقضين وقتا أكثر من الرجال في ساحة العمل، فمثلا نسبة الإناث في الجامعات باتت أكثر من الذكور.
وماذا عن تولي منصب القضاء والمرجعية.. هل بإمكان المرأة ذلك؟
نعم.. لا أعتقد بوجود أي فرق، ما هو المانع إذا درست المرأة وتكون مرجعا (دينيا).. أليست المرأة إنسانا؟
ما هو موقف حوزة النجف فيما يتعلق بمحاربة الخرافة والطرق العرفانية المزيفة؟
إن العرفان المنتشر حاليا بين الناس ليس له أي أساس ومبدأ، كما هو حال الإخبار عن الغيب والعلم به، فالبعض يدعي علمه بالغيب، ويقال بأن هذا هو العرفان، لكن مثل هذه القضايا لا يمكن اعتبارها عرفانا.
فالعرفان هو علوم، وفقه، وأصول أهل البيت عليهم السلام. فلو كان مثل ذلك العرفان ذا مبدأ وأساس لأقدم أهل البيت عليهم السلام على تبيينه للناس كما بينوا الأحكام الفقهية!
والحال نفسه ينطبق على الفلسفة.. فالفلسفة التي تناولها السبزواري وغيره لم تشهد تطورا يذكر وبقيت على حالها، واليوم نحن على علم بأن طبيعيات الفلسفة تدخل في دائرة الخرافة، لكن إلهياتها تنقسم إلى فرعين، الأول الإلهيات بالمعنى الأخص، والثاني الإلهيات بالمعنى الأعم وهو بحث الوجود، والأعراض، والجواهر، وهي موجودة في أصولنا بنحو أكثر تطورا، وهي في الحقيقة لا تدخل في دائرة الفلسفة، فمن يريد أن يطلع على الفلسفة بإمكانه أن يقرأ كتاب السيد المطهري (أصول الفلسفة والمنهج الواقعي) الذي تناول الفلسفات الحديثة، أو أن يقرأ كتاب (فلسفتنا) للسيد الصدر، لكن كتب السبزواري وغيرها لا تغنيه شيئا!
هل تعارضون تدريس بعض الكتب الفلسفية فقط أو دراستها أيضا؟
أعارض دراستها، لأنها مضيعة للوقت، فهل يعقل أن طالب العلوم الدينية يصرف سهم الإمام في الحوزة العلمية ويقرأ مثل هذه المواد الدراسية؟
ماذا لو أراد طالب العلوم الدينية أن يراجع ويحلل موضوعا فلسفيا؟
لا أثر له بتاتا، نقول بأن الفلسفة تريد أن تحارب الناس، فمثل هذه الأمور دعاية ولا صحة لها.
ماذا عن كتاب الشهيد الصدر “فلسفتنا”؟
لا علاقة لهذا الكتاب بالفلسفة القديمة أبدا، فلسفتنا هي رد على فلسفة الغرب الحديثة.
هناك نقاش حول موضوع الاجتهاد في التشيع مفاده إن الاعتماد على العقل والاجتهاد هو ما يميز التشيع عن التسنن في العالم الحديث؟
إن التشيع هو امتداد لمذهب الأئمة الطاهرين، ومذهب الأئمة هو إتمام لمذهب النبي الأكرم الذي أراد ألد أعداؤه، أي المشركين، قتله، لكن النبي عاملهم بخلق، واعتدال، ورحابة صدر، والكلمة الحسنة إلى أن وصفها الله تعالى بهذه الكلمات “وإنك لعلى خلق عظيم”، وليس في هذه الآية أي مبالغة، فهي بمثابة درس لنا، وبما إننا نتبع النبي فعلينا الالتزام بهذه الأمور، فمذهب الأئمة هو امتداد لمذهب النبي الأكرم، لقد حرقوا باب بيت الإمام علي، وفاطمة لم تكن امرأة مثل غيرها من النساء، فهي بنت النبي، ولكن أسقط جنينها، ومع كل هذا، فقد عامل الإمام علي "أعداءه" باعتدال وتسامح وبالكلمة الحسنة، وعلينا أن نعتبر بها، فأئمتنا كلهم كانوا كذلك، ويجب على شيعتهم أن يعاملوا الآخرين بهذا النهج والأسلوب.
بعيدا عن الدين والعقيدة؟
نعم، فالأصل هو الإنسان، الإنسان ليس حيوانا وقد وهبه الله العقل والفهم، فالعنف لن يجر إلا العنف، وإذا أسأتم سيساء إليكم، وإذا أسأتم معاملة الآخرين سيساء معاملتكم، فإذا وجهت لأخيك قولا سيئا سوف لا يتحمل ذلك ويرد عليك بالمثل، ولكن إذا أحسنت معاملته سيحسن معاملتك أيضا.
ما هي فتوى سماحتكم حول أهل الكتاب وغيرهم؟
نحكم بطهارة أهل الكتاب، والاحتياط مع غيرهم.
وماذا عن حرمة الإنسان وشأنه؟
يجب احترام الإنسان وحسن معاملته.
فيما يتعلق بتطبيق الحدود في زمن الغيبة، هل إن رأيكم هو رأي السيد الخوئي نفسه؟
ليس بإمكان مراجع الدين تطبيق الحدود في زمن الغيبة لما في ذلك من مفاسد، ولكن في حال تولي حاكم الشرع للسلطة، فيمكن تطبيق الحدود، فمثلا بإمكان الحكومة الإسلامية القيام بذلك مع أنها قد لا تفعل ذلك لأسباب ما.
وماذا عن تولي العلماء للسلطة والحكم.. هل إن رأيكم أقرب إلى رأي السيد الخوئي أو إلى رأي الامام الخميني؟
الحكومات حاليا "ليست إسلامية" بمعنى أو بآخر، فالناس مسلمون لكن الحكومات ليست إسلامية، فالحكومة الإسلامية والشرعية هي الحكومة التي يترأسها ولي الأمر المعين من قبل المشرع تعیینا خاصا مثل أهل البيت، أو تعيينا عاما وبشروط مثل مراجع الدين.
فالحكومة الإسلامية هي الحكومة التي يسيطر الولي الشرعي على جميع مراكزها وجوانبها مثل الاقتصاد، ونظام التعليم، والسياسة. إذن لم تؤسس الحكومة الإسلامية إلا في زمن النبي الأكرم ومرحلة قصيرة من حياة الإمام علي (ع)، والحكومات بعد ذلك لم تكن إسلامية لكن الناس كانوا مسلمين.
لقد شاهدنا في المراحل الأخيرة قيام بعض العلماء الشباب بإعلان المرجعية، هذا في حين إن التقاليد الماضية عودتنا على عدم قيام تلامذة المرجع الحي بنشر الرسالة العملية، حتى وإن كانوا أصحاب فضل كبير، وذلك من باب الاحترام. ما رأيكم حول الحفاظ على تقاليد المرجعية؟
المرجعية ليست بحاجة إلى الحفاظ على التقاليد، فهي ليست كالرئاسة حتى تقوم بالنصب والعزل، فالمرجعية بحاجة إلى المادة العلمية وليس بإمكان كل شخص أن يكون مرجعا. والمادة العلمية التي هي أساس المرجعية تعني قدرة المرء على استنباط الكتاب والسنة ومن ثم إصدار الأحكام الشرعية، فهل بإمكان الجميع تنفيذ هذا الأمر؟ هل يمكن لأي شخص أي يكون طبيبا؟
ما رأيكم حول هذا الوضع؟
ليس صحيحا، فهو انحراف، فالمرجعية لها أهمية كبرى في التشيع.
البعض يقول إن المرجعية كان يتولاها فطاحل العلماء، وبالظروف الراهنة ومع ازدياد الأصوات الشابة التي تدعي المرجعية، هناك مخاوف من أن تؤثر هذه الأمور مستقبلا في انخفاض سلطة المرجعية وتدني مستواها؟
لا شك إن هذه الأمور ستقلل من مستواها لأن المرجعية ليس لها أي سلطة تنفيذية، والمرجع لا يمتلك أي جيش، فكل ما بإمكانه أن يقوم به هو (النصح) و(دعوة) الناس إلى توحيد الصف والكلمة.
إن الأنظمة والحكومات ترحب بازدياد الأصوات التي تدعي المرجعية، لأن في ذلك إضعاف لمكانة المرجعية، فالحكومات تعارض المرجعية لأنها مستقلة وغير تابعة لها، والمرجعية الشيعية في الحقيقة تقف أمام الأنظمة ولا علاقة لها بالحكومات اقتصاديا وسياسيا وتعليميا.
البعض يتخوف من تراجع المستوى العلمي لطلاب العلوم الدينية قياسا بالماضي إذا ما أخذنا ازدياد كمية الطلبة في الحوزات العلمية بعين الاعتبار. كيف تنظرون إلى وضع حوزة النجف الأشرف علميا وأي مستقبل تتوقعون لها؟
وضع حوزة النجف جيد جدا، فعند سقوط نظام صدام لم يكن يتجاوز عدد الطلاب فيها أكثر من ألف طالب، لكنها تحتضن اليوم نحو 15 إلى 16 ألف طالب، وقلما يتم قبول الطالب المبتدئ فالطلاب الذين يتم قبولهم يجب أن يدرسوا السطوح العالية. وأنا على ثقة بأن تحسن الوضع الأمني في العراق كفيل بأن يجعل العالم بأجمعه يقدم حوزة النجف على غيرها من الحوزات لأنها تتقدم بكثير على باقي الحوزات في الجانب الفقهي والأصولي ولا يمكن مقارنتها إطلاقا.
هل تعتقدون بأن حوزة النجف أكثر عمقا من باقي الحوزات العلمية؟
نعم، وليس هناك أدنى شك. وفيما يتعلق بحوزة قم فهنالك حاجة ماسة إلى الحفاظ على استقلاليتها، فإذا ما تعرضت استقلالية الحوزة للخطر فقد تتحول إلى أزهر جديد في نهاية المطاف!!
يبدو إن قلقكم كبير جدا؟!
أنا قلق جدا، علينا أن نتطلع إلى المستقبل ونأخذه بعين الاعتبار. ماذا سيحدث بعد 50 سنة؟ الحوزة يمكنها أن تستمر أكثر من ألف سنة ولكن شريطة الحفاظ على استقلالها.
كيف هو الوضع العلمي للطلاب في النجف؟
جيد جدا.
سماحتكم مقتنع بالوضع؟
نعم، فهناك الكثير من الطلاب المتميزين وسيما الطلبة العراقيين الذين ازدادت أعدادهم.
لقد أمضيتم عشرات السنين في التدريس الحوزوي في حياة السيد الخوئي وبعد رحيله، هل باتت قناعتكم اليوم أكثر من قبل بالطلبة؟
نعم، فقد ازدادت اليوم أعداد الطلبة وازدهر النشاط العلمي والدرس والبحث والقراءة بينهم، وهذه كلها جوانب إيجابية.
(حوزة) النجف تتمتع باستقلالية جيدة وإذا ما تحسن الوضع الأمني في العراق فسيتحسن الوضع في الحوزة أيضا، لكن القضايا المعيشية باتت اليوم هاجسا للطلاب.
هل بات الوضع المعيشي للطلبة أصعب قياسا بالماضي؟
لم تكن النجف تشهد وفود أعداد غفيرة من الطلبة في أيامنا، ولم تكن الأسعار والمعيشة غالية، لكن اليوم تغير الأمر، الطالب السعودي كان بإمكانه سابقا شراء بيت في العراق بسعر إيجار سنوي بيت في السعودية أو إيران، لكن اليوم تغير الوضع ولم يعد طالب العلوم الدينية قادرا على إيجار بيت له نظرا لارتفاع الأسعار.
كما إن المدارس الدينية في العراق قليلة. وقد شيد آية الله السيستاني (حفظه الله) عددا من المدارس لرعاية الطلبة المحتاجين، كما إننا ندعم عددا منهم أيضا.
وماذا عن الجانب الأخلاقي؟ هل تغيرت أخلاق الطلبة مقارنة بأيامكم؟
الجانب الأخلاقي جيد ونحن ننصح الطلبة بالالتزام بالخلق والسلوك الحسن؟
كيف تنظرون إلى مستقبل الشيعة؟
مستقبل الشيعة مزدهر، فحتى مع تضاعف الأعداء وغياب الدعم فإن التشيع أخذ يشق طريقه في أوروبا، لكن بعض المنابر التي تعمل على إساءة الآخرين ومنها في لندن وأمريكا مثل الشيخ اللهياري، فهي تضر الشيعة وليعلم الجميع إن الإساءة والإهانة يقابلها الآخرون بالمثل.
لماذا يقوم هؤلاء بمثل هذه الأعمال؟
المناظرة والنقاش لا تحتاج إلى إساءة وإهانة الطرف الآخر، والضروري فيها بيان الحقائق وأن يكون اللسان ناطقا بكتبنا، فإذا ما أسئتم إلى مقدسات الطرف الآخر سيسيئ إلى مقدساتكم.
لقد عشتم أيام عسرة حوزة النجف بعد الانتفاضة الشعبانية وتحملتم صعوبات مضاعفة وتجاوزتم المشاكل السياسية والاقتصادية. كيف كانت تلك الأيام؟
لقد واجهت صعوبات اقتصادية بالغة بعد استقراري في النجف، ولم تكن هناك أي رواتب شهرية للطلبة، وكان آية الله البروجردي يوزع مساعدات غذائية على الطلبة لكنها لم تسد حاجتهم سوى لأسبوع واحد. هذا في حين إن العراق كان يمر بظروف جيدة في الأيام الملكية لكن لم يكن بوسع الطلاب شراء الكثير سوى التمر واللبن.
كيف يعيش مرجع الدين؟ كيف تقضون سماحتكم ساعات اليوم من حيث الرياضة، والصحة، والعبادة، والنوم، والقراءة؟
لقد أمرنا الله وأهل البيت أن نلتزم بالوسطية حتى فيما يتعلق بالعبادة والنوم، وقد حددت عدد من الروايات 8 ساعات للعبادة والتفكر وأشياء أخرى، فالإسلام حدد الموازين.
أمشي قليلا بعد صلاة الصبح ثم أتفرغ للقراءة لأن دروسنا نظرية وعميقة وفكرية وبحاجة إلى المطالعة.
هل حدث وأن توصلتم إلى وجهة نظر جديدة؟
الأصول والفقه يكثر فيهما تجدد الآراء، والأصول القديم ليس كالأصول الجديد، وكغيره من العلوم شهد تطورا سريعا تارة كما شهد تطورا بطيئا أحيانا أخرى.
هل تطالعون بعد التدريس؟
نعم.
في الدروس والبحوث التي تحاضرونها هل تسمحون للطلاب بطرح الإشكال؟
لا نسمح بذلك حين الدرس، لأنه سيؤدي إلى تشتيت تركيز الآخرين، ولكن بإمكانهم المناقشة وطرح الإشكال بعد نهاية الدرس، لأننا نلقي دروسنا في إطار برنامج ونظام محدد من قبل وإذا أقدم الطلاب على طرح الإشكال سيخل ذلك بالنظام.
تحاضرون مرة واحدة في اليوم؟
مرتين.
بعد التدريس تتواصلون مع الناس؟
نعم، أتواصل مع الناس قبل الظهيرة ثم أنقل مشاكلهم ونقدهم للساسة…وبعد الظهر أتفرغ للقراءة والتأليف، فنحن لا يحق لنا الراحة وعلينا أن نعمل حتى آخر لحظة من حياتنا.
لا تتعبون؟
هذا عملنا. السيد الخوئي لم يترك عمله وهو في الـ 95 من عمره، فعلومنا دقيقة جدا والفتاوى يجب أن تكون وفقا للموازين والأصول، وعلينا الحذر والاحتياط لأن الفتوى البعيدة عن الموازين تصعب الأمور.
هل سبق لكم الاستعانة برأي شخص متخصص لتبيين موضوع يتعلق بفتوى قبل إصدارها؟
نعم، فهناك حاجة إلى الاستعانة بمن لديه الاختصاص وكذلك لتبيين الموضوع، ولكن إذا سألنا أحد عن قضايا طبية فسنرد عليه ولا مانع من ذلك، لأن الإسلام ومنذ مبعث النبي لديه حلول لمشاكل الإنسان في كل العصور والأزمنة وهو دين لا ينحصر بمرحلة زمنية محددة.
لكن العالم الحديث فيه سلسلة من الإشكالات المتعلقة بقراءة الدين ومنها زواج البنت في التاسعة من عمرها؟
لا إرغام وإكراه في مثل هذه القضايا، وما يطرح من إشكالات ليس لها أي أساس. فاليوم بإمكان البنت في التاسعة من عمرها أن تقرر وتحسم أمرها، ولا مانع شرعا من زواجها لكن لا إرغام في الأمر، وزواجها يتوقف على إجازتها هي وإجازة أبيها، فإذا لم تقبل البنت سيكون الزواج باطلا. فهناك نظام ومنهج لهذه الأمور وليس صحيحا بأن يقال بأن الإسلام يريد من البنت أن تتزوج في التاسعة من عمرها، بل إن لا مانع لزواجها وفقا للإسلام والشرع، لكنه ليس إلزاميا، فالحكم هذا جواز وليس إلزاما، ولا مانع لع شرعا، وعرفا، وعقلا. فمن يعترض على الحكم لم يفهمه والمشكلة تكمن هنا.
والناس ليس لديهم معرفة جيدة بالتشيع والحال ينطبق على غير المسلمين، فهم يسمعون شيئا فيطرحون الإشكالات لكن عليهم أولا أن يعرفوا الإسلام وخطابه ثم الإشكال، هذا في حين أنهم لا يوجهون النقد لكتبهم السماوية التي تتهم الأنبياء بالزنا.
هل لديكم نصيحة وتوصية؟
إن بيان الحقيقة مهم جدا، فالناس لا يعلمون؛ لقد عقد مؤتمر لحوار الأديان في الأردن بمشاركة وفد من النجف وكان من مخرجات المؤتمر كتاب أرسل إلينا نسخة منه وقد قرأنا فيه إن مصدر الشيعة هو كتاب الشرائع!
فهؤلاء غير مطلعين، الشيعة غير مطلعين. البعض كان يقول بأن الشيعي يعني الشيوعي، فالحوزات التي تعتبر المسؤولة عن الشيعة لم يكن لها صوتا مسموعا في الخارج عندما كانت الأنظمة تسيطر عليها.
إذن يجب عليكم أن تبينوا للناس ما يتعلق بالإسلام والتشيع بلسان طيب وخلق حسن، وشددوا في كتاباتكم على ضرورة معاملة الناس بالخلق الحسن ورحابة صدر، فإذا أسئتم معاملة الناس سيسيئ الناس معاملتكم مما يخلق العداء والكراهية لكن المعاملة الحسنة ستخلق الألفة والمحبة.
هل أنتم ملتزمون بزيارة مرقد الإمام علي؟
في البدايات عندما كان لدي متسعا من الوقت غالبا ما كنت أصلي في الحرم ظهرا، وكنت أؤدي الزيارة ليلا بعد الصلوات في البيت، لكن اليوم ليس لدي توفيق الزيارة.
المصدر: شفقنا