السيد عادل العلوي
ولدت عقيلة بني هاشم بالمدينة المنورة في الخامس من جمادي الأولى، في السنة الخامسة للهجرة.
لقد كانت العقيلة عالمة غير معلمة، و فهمة غير مفهمة، كما وصفها إبن أخيها وإمامها المعصوم زين العابدين (عليه السلام)، كما كانت عاقلة لبيبة جزلة أريبة، إمتازت بالفصاحة والبلاغة والشجاعة الطالبية العلوية، والزهد والتقوى والعبادة والطاعة لأوليائها. كيف لا وهي إبنة علي أمير المؤمنين، كيف لا وامها سيدة نساء العالمين، (عليها سلام المسلمين، وصلوات المصلين).
وقد اتصفت بمحامد الخصال، وفضائل الأعمال، وصائب الأقوال، ومفاخر النساء، وجوامع السعداء.
ولقد حدثت عن أمها الزهراء (عليها السلام)، وعن أسماء بنت عميس، وروى عنها محمد بن عمرو وعطاء بن السائب وفاطمة بنت الإمام الحسين (عليه السلام) وجابربن عبدالله الأنصاري وعباد العامري.
وقد عرفت (سلام الله عليها) بكثرة التهجد، فكان شأنها شأن جدها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام)، وروي عن ابن أخيها السجاد (عليه السلام) قوله: (ما رأيت عمتي تصلي الليل من جلوس إلا ليلة الحادي عشر)، أي أنها ما تركت تهجدها وعبادتها المستحبة حتى في تلك الليلة الأليمة، بحيث إن الإمام الحسين (عليه السلام) في ليلة عاشوراء عند وداع العائلة الوداع الأخير قال للحوراء زينب (عليها السلام): (يا أختاه، لاتنسيني في نافلة الليل).
كما ذكرأهل التاريخ والسير أن العقيلة زينب (سلام الله عليها) كان لها مجلس خاص لتفسير القرآن الكريم تحضره النساء، وأن دعاءها كان مستجابا.
موقفها البطولي:
يسجل التاريخ لنا باعتزاز وفخر المواقف المشرفة والنضالية للعقيلة الفذة، وخصوصا يوم الدم والشهادة يوم عاشوراء، فكانت مشاركة لإمامها وأخيها أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) في تلك الملحمة الكبيرة التي سطرها أبو الأحرار في كربلاء، فالموقف واحد وكل أدى دوره.
وهذه بعض مواقفها العظيمة في ذلك اليوم الصعب بوجه أعداء آل محمد(صلى الله عليه وآله).
شاهدت العقيلة (عليها السلام) إستشهاد أبطال كربلاء، واحدا تلو الآخر، تستطلع أخبارهم وقد ترى أشخاصهم، وقد رأت بعينيها مصارع أولادها الغر الميامين عون ومحمد وجعفر. كما حملت أسيرة على نوق عجف من كربلاء الى الكوفة ومن الكوفة الى الشام، مع الرؤوس الطاهرة للشهداء، ومع هذا الظرف الذي لا يحتمله إلا نبي أو ولي، واجهت ابن زياد في الكوفة، ومن ثم واجهت يزيد الطاغية وعنفته بكل شجاعة ورباطة جأش.
وزوج العقيلة عبدالله بن جعفر، وقد اختارت المشاركة مع أخيها في مقارعة الظلم والطغيان، وقد كانت استأذنت زوجها بذلك، فهو راضٍ عنها، وقد طلب الى ولديه بملازمة خالهما الحسين (عليه السلام) والقتال بين يديه، فامتثلا طلبه حتى قتلا. وليس بالغرابة من هذه المرأة أن تقدم أخاها وإمامها الحسين (عليه السلام) على زوجها، والإمام الحسين (عليه السلام) إمام زوجها وغيره.
فكان دورها التبليغ لهذه الثورة الحسينية الإيمانية العملاقة مع باقي النساء الفاضلات من أهل بيت النبوة، فكان لسانها البليغ كلسان أبيها سيد البلغاء علي أميرالمؤمنين، وخير دليل على ذلك خطبتاها في الكوفة والشام.
فسلام على عقيلة بني هاشم زينب الكبرى يوم ولدت ويوم توفيت ويوم تبعث سعيدة بما آتاها الله سبحانه من فضله.