یقول الشیخ الجلیل والعالم الكبیر محمد أبو رية في كتابه الشهير (شيخ المضيرة أبو هريرة الدوسي):
"ولكثرة روايته (أبي هريرة) على قلّة زمن صحبته، اتّهموه في روايته، حتّى كان بذلك (أوّل راوٍ اتُّهِم في الإسلام!)، ثمّ لتشيّعه لبني أُميّة الذين انتزعوا الحكم اغتصاباً فأصبحوا ملوكاً في الأرض.. فكان من دُعاتهم وأوليائهم، يناصرهم بلسانه ورواياته، وما ناله لقاءَ ذلك من نوالهم وأطايب أطعمتهم، وبخاصّة (المُضيرة) التي كانت من أفخر أطعمة معاوية، حتّى بلغ ( أبو هريرة ) من نهمه وحبّه لها أن لُقِّب بها! وظلّ هذا اللقب يلازمه ويُعرَف به على مدّ الزمن ".
وهذا رأي آخر بشيخ المضيرة القديم يقدمه العلامة المحقق السيد عبد الحسين شرف الدين:
قدم (أبو هريرة) على رسول الله صلى الله عليه وآله في السنة (7 هـ) في شهر صفر. وبقى في الصفة إلى شهر ذي القعدة سنة (8 هـ) ثم انتقل إلى البحرين مع العلاء بن الحضرمي فيكون مدة إقامته في المدينة سنة وتسعة أشهر وكان في البحرين مع العلاء بن الحضرمي مؤذنا حيث لا يحسن غيره ومات سنة (59 هـ) ومع هذا فقد كان أكثر الصحابة رواية فقد ذكر ابن مخلد الأندلسي في مسنده لأبي هريرة (5374) حديثا روى منها البخاري (446).
خطورة أبي هريرة وشيوخ المضيرة الآخرين لا تتلخص بالكذب والاستخفاف بعقول الناس ووضع الاحاديث والقصص والروايات والاتيان بـ"شاهد عيان" واختراع التحليلات فقط.. بل في التنظير للآخرين وفي تشويه أهل الحق.. أنظر الى هذا الحديث الذي يرويه أبو هريرة:
"روى الأعمش قال: لما قدم أبو هريرة العراق مع معاوية "عام الجماعة" (أي بعد صلح الامام الحسن عليه السلام مع معاوية) جاء إلى مسجد الكوفة فلما رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبتيه ثم ضرب صلعته مرارا وقال: يا أهل العراق أتزعمون إني أكذب على الله ورسوله وأحرق نفسي بالنار؟.
والله لقد سمعت رسول الله يقول: ان لكل نبي حرما وان المدينة حرمي، فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين [ قال ]: وأشهد بالله أن عليا أحدث فيها؟ فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاه إمارة."
أنه يحاول صياغة وتكوين صورة مشوهة عن فكر وخطاب الآخر بالضبط كما يفعله اليوم متأسلموا الدوحة والرياض، عملاء الناتو الثقافيين والمسوقين والمبررين للذبح وقطع الرؤوس والأمويين الجدد..
يقول السيد شرف الدين في النص والاجتهاد:
"وكان كبار الصحابة يكذبونه في أحاديثه وعلى رأسهم عمر بن الخطاب فانه كان سيئ الرأي فيه حتى ضربه بالدرة على روايته للأحاديث ولم يتمكن أبو هريرة أن يحدث في زمان عمر ولو مات أبو هريرة في زمان عمر لما وصلتنا الآلاف من أحاديثه... وكذلك أكذبه علي أمير المؤمنين عليه السلام وعثمان وكانت عائشة أشدهم إنكارا عليه لتطاول عمرها وعمره... وكان مؤيدا ومشايعا لبنى أمية وبالخصوص معاوية بن أبي سفيان فكان يضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وآله في مدحه وفضائله ويضع الذم والقدح في سيد الوصيين وإمام المتقين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام."
***
أحد المضيريين الجدد ـ مرّة ـ وصف أتباع مذهب كامل عرف بالثورة والتحرر، وصفه بالخنوع وممالاة الأجانب (الكفار) على مدى التاريخ!! وسب فيهم بملئ الفم وبصلافة السلف الذي يمثله، والذي جعل من معاوية إبن هند نموذجا للعدل الاسلامي والتعایش ونصب العداء لاهل البیت (ع) الذین أمر القرآن الكريم المسلمين بحبهم وموالاتهم... وصف اتباع أهل البيت عليهم السلام بالخنوع وممالات الأجانب، لأن بعضهم في العراق تحالف مع أمیركا في غزوها لاسقاط نظام صدام.. وقد عُميت بصیرته فلم یشاهد مركز العملیات الامیركیة في بلدان "الاحرار" الخليجية، ولم یسمع صوت الطائرات التي كانت تطیر وتحط لقصف العراق من " أرض اتباع الصحابة! " الذين تقاتلوا يوما على إرث الارهابي الأكبر "محمد بن عبد الوهاب"!!
لا ندري كیف یدسّ راسه في الرمل الیوم هو والنعامات الأخرى من أقرانه علی دعوی فقاءه وأولي أمره باستقدام أميركا والناتو وكل الكفرة في المعمورة لحرب "داعش" التي قاتل بعض "مجاهدي ومجاهدات" الجزیرة الی جانبهم في الفلوجة وادلب ودرعا!
لم لا... ألم یشكر فقیه الناتو أمیركا لوقفتها في لیبیا وكان قبل ذلك افتی باستقدامها.. وألم یطالب أمیركا بالتدخل في سوریا ومن منبر صلاة الجمعة.. فهل بعد ذلك عهر فقهي وسیاسي!
یاسر الزعاترة، واحد من متاسلمي مدرسة الدوحة والقرضاوي، طائفي مقرف ومفجع في آراءه وتحلیلاته التي تفوح منها رائحة التعصب الطائفي والدفاع عن الارهاب لمجرد ان الارهابيين يدعون الانتساب الى التسنن، خاصة وهو یحاول التنظیر للفكر الشیعي و"كشف عوراته"، حسبما يدعي!
هذا الذي فرّ من الزحف في فلسطین ولم یجد سوی الخنوع للحاكم الظالم وان جلد ظهره بالسوط، یحمل في عناصر تركیبته، صلافة وقبح سلفه وخزي الفارین من الزحف في مواجهة الصهاینة وذل المعتاشین علی موائد اللئام..
یاسر الزعاترة لا یمكنه أن یحرر عقله من أسر تراثه وواقعه حتى مع تحول الدوحة وإقترابها من إيران بعد ما حاصرها جماعة الزعاترة السابقين، فتحول هو من منظر ضد الشيعة و"الارهاب المقاوم" الذي هزم "ثوار داعش والنصرة" الى معادي للسياسة الايرانية في المنطقة...
ومن خلال منطقین حاكمین علی مقولاته نسأل یاسر الزعاترة، عن رایه في التحرر من الحكم القطري (المتحالف مع امیركا والذي لا یخفي علاقاته بالكیان الصهیوني) وبـ(نظام الأسرة والاستبداد والفردیة والدكتاتوریة) في قطر وغیرها من المشیخات الخلیجیة.. فلماذا تفرض التحرر - وفق منطقك - علی أهل سوریا وتستثني منه أهل قطر وشقیقاتها الخلیجیات؟!
ووفق اي منطق تكون العمالة لأمیركا والناتو "مفخرة" اذا جاءت من متأسلمین سنة، لكنها تكون "خزي وعار" اذا قام او قال بها متأسلم شیعي؟!
ثورة البحرين التي تشرفك في أحقيتها ونبلها وألتزامها مبادئ التعايش والسلمية والأخوة، تكون برأيك المقلد لمفتي الناتو مجرد "احتجاج طائفي"، في حين أن كل العمالة والارتماء في أحضان أميركا والناتو والصهاينة، وكل الذبح والحرق والسبي على الهوية الذي يمارسه أخوانكم مجاهدو القتل وما تمارسه أخواتكم من عهر تحت مسمى جهاد النكاح في سوريا، تعتبره ثورة؟!
أخوانك من الأتراك (أردوغان وأوغلو وحزبهم) يفرجون عن القتلة الدواعش ويمدوهم بالرجال والمال والدواء والغذاء ـ كما قال سيدكم بايدن ـ، يشترون النفط الذي يسرقونه من آبار سوريا ويسوقونه لهم في بازارات النفط العالمية.. لكنهم في المقابل يمنعون الأكراد من الدفاع عن أبناء جلدتهم في كوباني.. ويقفون مصفقين للقاتل لأنه سيخلصهم من حزب العمال الكردستاني (سنة بالهوية) وأنت تتحدث عن فقه شيعي وثورة سنية!
وعندما يتحدث هذا المسخ السلفي (الزعاترة) وينظر لتحرير الشعوب في المنطقة يصيب الكثيرين القرف من وضاعة هذا الرويبضي، الذي ترك كل الانظمة التي ينتمي اليها وهي تطبع مع الصهاينة القتلة، وصار هو وعزمي بشارة عضو الكنيست الاسرائيلي السابق يدعوان لاسقاط النظام في سوريا.. حتى بعد الفضائح التي نشرها الشيخ حمد بن جاسم وعلانية العلاقات بين المعارضة السورية المسلحة والعدو الصهيوني!
أعلم أنك، طائفي مقيت، لاتحمل من الغيرة شيئاً، لكني اليوم تيقنت أن الشرف مات فيك وفي أمثالك من العبيد.. ومخطئ من يتصور أنها تداعيات حاضركم.. أبداً.. لقد مات فيكم منذ أن قبلتم بـ"إسرائيل" بينكم وهرولتم نحو المطبعين معها تلعقون قصاعهم.. أو منذ أن قررتم البحث عن لقمة عيش في دول "الفتات" وتركتم قدسكم.. بل منذ أن كشف صاحبكم عورته التي ألهبت صفين!
بقلم: مروة أبومحمد