السيد مقتدى الصدر
إن كل من يتشرف بزيارة الحرم العلوي المطهر سوف يقرأ عبارة: (السلام عليك يا أمين الله في أرضه) وهي عبارة يجهل السواد الاعظم معناها ويمرون عليها مرورا عابرا من دون وعي حقيقي لمغزاها٠
وهنا أحببت أن أذكر بعض الأطروحات التي قد تكون مفسرة لتلك العبارة الجميلة والصياغة الرائعة وخصوصا أنها جاءت على لسان المعصوم سلام الله عليه، ومن تلك الأطروحات التي يمكن ذكرها في هذه العجالة ما يلي:
أولا: إن كلمة (أمين) هي من الأمانة، بمعنى أنه المؤتمن على الارض ومن فيها ولا يخص ذلك أتباعه ومحبيه فقط بل يعم الجميع.
ثانيا: إن كلمة (أمين) هي من الأمن والسلامة، فتعني أن طاعته وإتباعه أمان لمن في الارض بل والسماوات العلى، واؤكد هنا على أن (الطاعة) هي الأمان لا مطلق إتباعه كما يدعي من ينتمون اليه وهم عصاة.
ثالثا: إن هناك مصطلح حديث وهو: (الامانة العامة) وهو غالبا ما يطلق على المسؤول العام لجهة او حزب معين، وهنا ايضا كذلك فهو الأمين العام لجميع من في الارض والسماء، وعليه يجب طاعته والإذعان لقراراته بكل تفاصيلها.
طبعا مع التذكير أن ذلك لا ينافي أو يعارض عظمة الرسول محمد (صلى الله عليه واله)، بل هما نفس واحدة وهما أبوا هذه الامة، إضافة الى أنه المـُنَصَّب منه مباشرة في يوم (الغدير) الاغر.
رابعا: إنه سلام الله عليه قد إستودعه الله سرا لا يطلع عليه احد، فهو (الأمين) على ذلك السر الإلهي الأكبر.
خامسا: غالبا ما يكون الامين العام فرد من مجموع، ويُسمَّون بالـ (الامناء)، نعم هو الامين المطلق وهم - اي المعصومين - مُطلَق الامناء، وهذا مصطلح تعلمناه من السيد الوالد (قدس)، فمُطلَق الامين هو أافضل مصاديقه، والباقي أقل منه على إختلاف درجاتهم، ولا سيما ان (امير المؤمنين) هو المخوّل الاول والمباشر من أخيه نبي الأمة وهاديها.
سادسا: أن (الأمين) تعني المؤمن، ولو من باب الدلالة الالتزامية او التضمنية، وبالتالي فانه كما وُصِفَ في القران (بالانسان) وكان هو الانسان الـمُطلَق، أي أفضل مصاديقه، فهو في فقرة الدعاء هذه كان الامين او المؤمن المطلق بالله وبرسوله.
سابعا: أنه سلام الله عليه الأمين على أرواح الناس، بمعنى معرفته بيوم الحياة والموت والنشور لكل فرد، ولا أريد الاستزادة في هذه النقطة.
ثامنا: ورد: (قسيم النار والجنة)، اذن هو الامين على النار والجنة، بمعنى انه لا يمكن ان يدخل أحد الجنة الا بموافقته، ولا جهنم ايضا كذلك.
فما أعظمها من هبة (ثمينة) من الله ورسوله لنا نحن أهل الارض والسماء حيث جعلنا الله وديعة عند وصي رسول الله صلى الله عليه واله، ولا يفوتني أن أذكر أن ذلك ليس حكرا على أهل الارض بل المقصود من الارض هنا هي كل وعاء يمكن أن تكون وعاءلخلق الله ومكانا.
فالسلام عليك يا أمين الله في أرضه وحجته على عباده، كنت أولهم إسلاما وأقربهم لرسول الله منزلة ومقاما، فجزاك الله يا صهر الرسول وزوج البتول خير الجزاء الأوفى، فقد وفيت وأوفيت. والسلام على إبنيك وذريتك المعصومين والسلام على من اتبع الهدى.
واخيرا اُذكِّر بفقرة حديث الكساء: ( إني ماخلقت سماءً مبنية ولا أرضاً مدحيةً ولاقمراً منيراً ولا شمساً مضيئةً ولا فلكاً يدور ولا بحراً يجري ولا فلكاً يسري إلالمحبة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء)..
المصدر:موقع السيد مقتدى الصدر