وقال في حوار خاص مع «الشروق» على هامش مؤتمر الأزهر لنصرة القدس، إن اضطهاد المسيحيين في الشرق الأوسط هي أسطوانة صهيونية، أو صهيونية مسيحية، والهدف منها هو تصوير وكأن الصراع في الشرق الأوسط هو صراع ديني، لافتًا إلى أن السبب الرئيس وراء "هجرة المسيحيين" هو الاحتلال الإسرائيلي، والسبب الثاني هو الاقتصاد، مؤكدًا أن السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط في العقد الأخير، أدت إلى هجرة الكثير من المسيحيين من العراق بعد الغزو الأمريكي.
وأضاف أن المسيحية الصهيونية بدعة، ولا تمت للفكر المسيحي اللاهوتي بصلة، وعودة المسيح مذكور في الكتاب المقدس، ولكن قيام دولة الكيان الاسرائيلي قبل عودة المسيح لم يذكره الكتاب المقدس مطلقا، مردفًا: نحن بحاجة لمثل صوت الأزهر في خضم مجتمع شرق أوسطي، للأسف اختطف فيه فكر داعش الإسلام، وحاولت أن تبرر مواقفها باسم الإسلام، وأن قضية القدس قضية إسلامية مسيحية، ومدينة فيها تعددية دينية.
وإلى نص الحوار:
● كيف ترى زيارة نائب الرئيس الأمريكى مايك بينس إلى الشرق الأوسط؟
ــ هى زيارة فى غير محلها، لأنها لا معنى لها إذا كانت الإدارة الأمريكية الحالية تعترف بالقدس الموحدة عاصمة "لإسرائيل"، وبالتالى هى تمييز ضد الفلسطينيين، وتنتهك المواثيق الدولية الخاصة بالقدس، واتفاقية جنيف الخاصة بالأراضى المحتلة، وبالتالى كنا نود أن نرى نائب الرئيس الأمريكى فى وضع يعيد فيه الحقوق للشعب الفلسطينى، لا أن يعطى كل شىء للجانب الإسرائيلى.
● هل طلب «بينس» لقاء القيادات الدينية فى كنائس القدس؟
ــ فى الواقع قبل إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، القدس عاصمة "لإسرائيل"، كان هناك حديث عن لقاء بين «بينس» مع بعض القيادات الدينية فى القدس، وكان اللقاء مخططا له أن يكون فى مدينة بيت لحم فى ديسمبر الماضى، لكن تغيرت الظروف وجرى ما جرى بعد قرار ترامب.
● هل كانت هناك أسماء بعينها لحضور هذا اللقاء؟
ــ كانت هناك تحضيرات للقائه، للحديث من جانبنا عن وضع المسيحيين تحت الاحتلال الإسرائيلى، وهذا كان أملنا أن نتحدث فيه، ولدينا دراسة عن هجرة المسيحيين من فلسطين، صدرت فى ديسمبر الماضى، وبينت بشكل واضح، أن السبب الرئيسى من هجرة المسيحيين هو الاحتلال الإسرائيلى، والسبب الثانى هو الاقتصاد، وهذا كنا نود أن ننقله لبينس، الذى يدعى أن مستقبل المسيحيين فى القدس يهمه.
وللأسف السياسات الأمريكية فى الشرق الأوسط فى العقد الأخير، أدت إلى هجرة الكثير من المسيحيين من العراق بعد الغزو الأمريكى، أو من سوريا بعد تدميرها، وفى أماكن أخرى، ويهاجر المسيحيون الفلسطينيون إلى أمريكا الشمالية، وكندا، وبعض الدول الإسكندنافية مثل السويد والنرويج، وهجرة للخليج الفارسي للعمل هناك.
ويشكل المسيحيون الآن فى فلسطين، ما يقرب من 170 ألف مسيحى فلسطينى فى فلسطين التاريخية، وفى المهجر والشتات يوجد ما يزيد على 600 ألف مسيحى فلسطينى، وهى الأغلبية الساحقة منهم، وأكثرهم هاجر فى مطلع القرن العشرين إلى أمريكا الوسطى والجنوبية، وتناقصت نسبة المسيحيين الفلسطينيين من 8% إلى 2% بعد 1948.
● وماذا عن هدف الزيارة بدعم حقوق الأقليات الدينية المسيحية المضطهدة فى الشرق الأوسط؟
ــ الحديث عن اضطهاد المسيحيين فى الشرق الأوسط هى أسطوانة صهيونية، أو صهيونية مسيحية، والهدف منها تصوير أن هناك صراعا دينيا فى الشرق الأوسط، وكأن المسيحيين العرب هم ضحايا للإسلام فى الشرق الأوسط، لكن للأسف المسيحيون الصهاينة لا يؤخذون على محمل الجد، الوضع الصعب الذى يعيشه المسيحيون والمسلمون فى فلسطين نتيجة سياسات الاحتلال الإسرائيلى.
والحقيقة أنه لا يوجد اضطهاد إسلامى لمسيحيى الشرق الأوسط، بل كلنا فى الهم سواء، أمام تنظيم داعش الذى يفجر المساجد والكنائس، وله أجندته الخاصة، والمسيحيون ليسوا طرفا مستهدفا بالدرجة الأولى، ولكن يُستغل المسيحيون لأغراض سياسية، من جانب «بينس» والمسيحيين الصهاينة ومن جانب داعش، ونرفض كمسيحيين فلسطينيين أن نصبح أداة لتمرير أى سياسات من قبل أى جهة كانت.
● هل لك أن تفسر لنا إيمان «المسيحيين الصهاينة» بفكرة العودة الثانية للسيد المسيح آخر زمان وارتباط ذلك بقرار ترامب؟
ــ بالنسبة لنا، تعد المسيحية الصهيونية بدعة، ولا تمت للفكر المسيحى اللاهوتى بصلة، وهى فكرة خطيرة جدا، تقول إن المسيحيين الصهاينة يريدون تعجيل عودة المسيح الثانية، وهناك علامات معينة بذلك منها قيام دولة الكيان الغاضب .
والمسيحيون الصهاينة يكرهون اليهود كثيرا، وإن بدا للوهلة الأولى أنهم يدعمونهم، لكنهم يريدون أن يأتوا باليهود إلى فلسطين، لكى يُقتل ثلثا اليهود هناك، والثُلث الثالث يعتنق المسيحية، وتنتهى اليهودية، وهذا فكر خطير وفكر غير سامٍ، ونحاربه بكل ما أوتينا من قوة، وهو فكر يمجد الحرب بدلا من أن يكون الدين مدعاة لسلام عادل، هنا تكمن مشكلة المسيحية الصهيونية.
وعودة المسيح مذكورة فى الكتاب المقدس، ولكن قيام دولة الكيان الغاضب قبل عودة المسيح لم يذكره الكتاب المقدس مطلقا، وهى فكرة اخترعتها الإمبراطوريات فى أوروبا لطرد اليهود من أوروبا إلى فلسطين، وتبرير سياساتها.
● كيف ترى الدعوات التى تقول إن قضية فلسطين هى قضية إسلامية فحسب؟
ــ لا أحد ينكر البعد الإسلامى للقدس، باعتبارها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ونحن نفتخر بها، والقدس أيضا هى مركز حياة ميلاد المسيح، الذى وُلد فى بيت لحم، وعاش فى القدس، وتمثل الكنائس نحو 45 % من الأملاك فى القدس الشرقية، وبالتالى فالقدس مهمة جدا لنا باعتبارنا مسيحيين، ونحزن إذا أراد أحد أن يهمشنا.
ونحن نقول كما قال شيخ الأزهر إن لها ميزتها الخاصة، وهى مدينة فيها تعددية دينية، وممثل الكويت قال إن الفاتيكان فقط للمسيحيين، ومكة فقط للمسلمين، لكن القدس لها طابع شمولى للجميع، سواء المسلم أو المسيحى، أو اليهودي، ونحن لا ننكر ذلك مطلقا، ولابد من إيجاد حل يحافظ على هذه التعددية فى القدس.