ملاك حرب**
في السنوات الثلاث الأخيرة، زاد حديث حزب الله بشكل عام عن خطر “التكفيريين” الذي يهدد منطقة “الشرق الأوسط”. إن لفظة “تكفيري” هي جديدة بمضمونها. فقد اعتدنا على قول إرهابيين حين نتحدث عن القاعدة ومختلف المنظمات المتطرفة. فما الهدف من خلق كلمة جديدة وهي “تكفيري” بدلا من الإرهاب؟
إن هذا المصطلح الجديد نوعا ما يهدف إلى التركيز على عدو جديد لا مثيل له في المنطقة. فالتكفيري هو صورة مشوهة عن الإسلام والمسلمين، وجميع الأديان براء من هذا الفكر الإجرامي. إن التكفيريين وعبر مختلف المنظمات، يسعون إلى إعادة إحياء ما يسمى بالخلافة الإسلامية التي انتهت مع انهيار الدولة العثمانية. والمصيبة لا تكمن في هذه الأفكار، بل بالوسائل المستخدمة من قبل هذه الجماعات والتي تشكل الهاجس الأكبر لدى المعارضين لهذه المنظمات. ولعل ما تلعبه من دور في غسل أدمغة الشباب وجذبهم إلى العمل العسكري يشكل سابقة عالمية، فلقد تمكنوا من تجييش العديد من الرجال والنساء ليكونوا “في خدمة الإسلام” ويحققوا حلم الخلافة الضائع. يمكن الجزم بأن داعش، والنصرة، وغيرهم تمكنوا من خلق ظاهرة عالمية والتأثير على الرأي العام في سرعة البرق.
إن “حزب الله” يعتبر من أهم المحاربين للفكر التكفيري، ولعله أول من استعمل هذا المصطلح في الأساس. وفي إطار هذا الصراع، أطلق الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله سلسلة من الإتهامات الخطيرة ضد المملكة العربية السعودية، معتبرا أنها تقف وراء الجماعات المتطرفة. إن هذا التصريح يعتبر خطوة جديدة من نوعها، فكان الحزب دوما يتفادى اتهام السعودية بشكل مباشر ويحاول تجنب الحديث عن دورها في سياسات الشرق الأوسط، وخاصة في لبنان، كما يرى بعض المحللين والداعمين للحزب أن هذا الخطاب قد جاء متأخرا بعض الشيء.
وفي سياق ما قاله الأمين العام ، فقد اعتبر أن الفكر الوهابي هو أصل الحركات التكفيرية والسعودية تتحمل المسؤولية الأكبر في انتشار هذا الفكر في العالم أجمع. وأكمل حديثه عن خطر هذه الجماعات التي تستعمل القرآن الكريم لتبرير جرائمها وتسعى لخلق صورة سلبية عن الدين الإسلامي.
إن السيد نصر الله لم يربط بين السعودية والحركات التكفيرية بشكل عشوائي، بل لهذا الإتهام خلفيات أيديولوجية. فثقافة قطع الرؤوس في العصر الحديث منتشرة في المملكة الوهابية بشكل كبير، وهي من إحدى الدول القليلة التي لا تزال تعتمد على هذه الطريقة اللا إنسانية في الإعدام. كما أن علينا العودة بالتاريخ إلى القرن الثامن عشر حين سيطر الوهابيون الذين اعتمدوا القوة وفرضوا عقيدتهم على سكان شبه الجزيرة العربية. واليوم، لا تزال الأقليات في هذه المملكة تعاني من التمييز والقهر ، فالشيخ نمر النمر واجه عقوبة الإعدام لوقوفه في وجه النظام الوهابي الظالم. فهذا الشيخ لم يتمكنوا حتى من إلقاء تهمة الإنتماء إلى محور الممانعة عليه، فقد انتقد السعودية والبحرين ونظام الأسد معا، وتهمته الأساس تكمن بالإنتماء إلى طائفة مغايرة وأقلية غير معترف بها في المملكة، بالإضافة الى “التحريض” – والذي كان سلميا بحتا- على نظام آل سعود.
يختلف البعض باعتبار السعودية الرأس المدبر للحركات التكفيرية، ويؤكد البعض الآخر أنهما وجهان لعملة واحدة. وفي كلتا الحالتين، لا يمكن إنكار الدور السلبي الذي تلعبه السعودية في توسيع دائرة الإنقسام الطائفي في العالم العربي.
** كاتبة وصحفية لبنانية