الانتظار من التنظر، وهو توقع الشيء. والانتظار المأمور به في المقام هو توقع دولة الحق على يدي الموعود والمؤمل من لدن آدم وإلى زماننا هذا.
والمستفاد من الروايات أن دولة الحق موعودة وعد بها الله سبحانه عباده الصالحين، وأنه يأتي يوم يحكم فيه الحق تحت راية السلطان العادل البسيطة كلها؛ قال الله سبحانه {و لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين}. فعندما يقال لنا انتظار الفرج، فلا يعني انتظار الفرج النهائي، بل يعني أن كل طريق مسدود قابل للفتح. الفرج يعني هذا، الفرج يعني الشق والفتح. فالمسلم يتعلم من خلال درس انتظار الفرج أنه لا يوجد من طريق مسدود في حياة البشر مما لا يمكن أن يفتح، وأنه لا يجب عليه أن ييأس ويحبط ويجلس ساكنا ويقول لا يمكن أن نفعل شيئا.
كلا، فعندما يظهر في نهاية مطاف حياة البشر ومقابل كل هذه الحركات الظالمة والجائرة، عندما تظهر شمس الفرج، فهذا يعني أنه في كل هذه العقبات والسدود الموجودة في الحياة الآن، هناك فرج متوقع ومحل انتظار. هذا هو درس الأمل لكل البشرية. وهذا هو درس الانتظار الواقعي لجميع الناس.
لهذا، عد انتظار الفرج من أفضل الأعمال.
ويعلم من ذلك أن الانتظار هو عمل لا بطالة. فلا ينبغي الاشتباه والتصور أن الانتظار يعني أن نضع يدا فوق يد ونبقى منتظرين حتى يحدث أمر ما. الانتظار عمل وتهيؤ وباعث على الاندفاع والحماس في القلب والباطن، وهو نشاط وتحرك وتجدد في كل المجالات. وهذا هو في الواقع تفسير هذه الآيات القرآنية الكريمة {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين}2 أو {إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين}3 أي أنه لا ينبغي أن تيأس الشعوب والأمم من الفرج في أي وقت من الأوقات.
لهذا ينبغي انتظار الفرج النهائي، مثلما ينبغي انتظار الفرج في جميع مراحل الحياة الفردية والاجتماعية. لا تسمحوا لليأس أن يسيطر على قلوبكم، فانتظروا الفرج واعلموا أن هذا الفرج سيتحقق، وهو مشروط في أن يكون انتظاركم انتظارا واقعيا، وأن يكون فيه العمل والسعي والاندفاع والتحرك.
الأمر الرابع: يجب إعداد الظروف الخارجية بنشر الحق وإعداد الأنصار للدين، ونشر الوعي بين المسلمين أولا، وبين غيرهم جلبا للنفوس الصالحة للهداية ثانيا، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الواجبات الشرعية والعقلية والاجتماعية، فما لم يكن هناك انصار بعدد واف لنصرة الحق، وما لم يكن هناك وعي كاف لاحتواء الحق، وما لم يكن هناك ما ينبغي تهيئته لاستقبال دولة الحق، لم يكن وجه لبدء إقامة تلك الدولة، والاستعجال في مثل هذا الأمر بالتأكيد يأتي بنتائج وخيمة ويفوت من ذلك أعظم المقاصد.
والانتظار لا يراد منه المعنى السلبي وهو القعود والتقاعس ومجرد الدعاء والجلوس في المساجد وترك الأمور تجري على طريقة الانحراف من دون مواجهة أو تصد من الملتزمين نهج المهدي عليه السلام والعاملين والمنتظرين لظهوره المبارك الذي سيكمل جهود كل الذين بذلوا المهج والأرواح وسهروا وتعبوا من أجل أن يبق للحق صوت يدافع عنه وأن تبقى للحق راية مرفوعة تشكل النور ومشعل الهداية لكل الضالين والمنحرفين من أبناء هذه الأمة.
إن الانتظار ليس هو التسليم.. وإنما هو واجب آخر يضاف إلى قائمة الواجبات الإسلامية.
{1} سورة القصص، الآية 5.
{2} سورة الأعراف، الآية 128.
المصدر:montazar.net