سیاسة تكميم الأفواه والقمع الإعلامي الذي مارسته أنظمة دول مجلس التعاون في الخليج الفارسي لم تتوقف عند حدود الصحف والمجلات والإذاعات والقنوات الفضائية بل تجاوزتها إلى مواقع التواصل الإجتماعي والسوشيال ميديا.
وتبدي السعودية والبحرين من بين هذه الدول استماتة كبيرة في ملاحقة ومحاصرة النشطاء السياسيين الذين لم يجدوا غير صفحات الفيس بوك وتويتر والإنستغرام وغيرها.. ملجأ لممارسة حقهم في التعبير عن الرأي بعد أن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت.
السلطات في البلدين مارست أيضاً عملية إبتزاز وشراء ذمم واسعة مع الشركات القائمة على هذه المواقع (وهي تتقن مثل هذه الممارسات القذرة بشكل جيد) وقد تمكنت من تحقيق نجاحات في هذا المجال.
فقد أكدت المعارضة السعودية والبحرينية إن صفحاتها على موقع تويتر بشكل خاص تعرضت للإختراق أو الحذف فيما تم حذف هاشتاغات لها لأكثر من مرة متهمة القائمين على الموقع بالتواطؤ مع السلطات في الرياض والمنامة في هذا المجال.
ورغم نفي شركة توتير لهذا الأمر إلا أن أصحاب الصفحات قدموا اثباتات قاطعة على ما ذهبوا إليه.
مؤخراً أقامت السعودية إحتفالات صاخبة بمناسبة تأهلها لكأس العالم لكرة القدم العام 2018 وقد صاحب هذه الإحتفالات عمليات بذخ وهدر كبير للمال العام مما دفع ببعض الناشطين السعوديين إلى إنتقاد ذلك عبر صفحة تويتر وإطلاق هاشتاغ خاص يدعو إلى وقف هذه الحالة السيئة.
وقد أكد الناشطون في تصريح لصحيفة نيوزويك الأمريكية إن الهاشتاغ الذي أعلنوا عنه اختفى بعد فترة وجيزة ثم أعيد بصيغة أخرى تتناسب مع سياسية السلطات السعودية.
وتؤكد المجلة الأمريكية إن الرياض تمارس سياسة تكميم أصوات ضد معارضيها على مواقع التواصل الإجتماعي وقد نقلت عن ناشطين تأكيدهم اختفاء بعض محتويات مواقعهم واستبدالها بمادة أخرى أو تعرض حساباتهم لقرصنة من جهات مجهولة.
ولقد بلغت حرب الرياض الإلكترونية على معارضيها ذروتها في الآونة الأخيرة مع تفشي معلومات حول شراء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للوحة فنية في مزاد علني أوروبي بمبلغ 450 مليون دولار فيما لا تساوي هذه اللوحة أكثر من مئة مليون دولار وقد صادف هذا الحادث مع حادث آخر كشف عنه في السعودية وهو شراء بن سلمان يختا بأكثر من نصف مليارد دولار الأمر الذي يتعارض مع مزاعم السعودية حول عملية مكافحة الفساد التي تشنها في البلاد وأدت إلى إعتقال عدد كبير من الأمراء ورجال الأعمال السعوديين.
وقد امتلأت صفحات تويتر بالإنتقادات أحياناً والسخرية أحياناً أخرى من البذخ والهدر الذي يمارسه حكام السعودية والذي وصل أحياناً إلى حد السفاهة والغباء.
إن أهمية موقع تويتر بالنسبة للسلطات السعودية يعود لأن الشعب السعودي هو من أكثر الشعوب العربية تفاعلاً مع هذا الموقع وإن 10% من أبناء الشعب السعودي يتصفحون تويتر بشكل يومي كما وإن إتهام شركة تويتر بالتواطؤ مع السلطات السعودية لقمع المعارضة وحذف تغريداتها وحساباتها غير مستغرب خاصة وإن أغنى أمراء السعودية وهو الأمير المعتقل حالياً طلال بن عبد العزيز يملك 5 بالمائة من سهام تويتر.
أما بالنسبة للنظام البحريني فإن المعلومات تؤكد إنه يملك جيشاً إلكترونياً مهمته ملاحقة النشطاء على شبكات التواصل الإجتماعي وهذا الجيش يشبه بشراسته إلى حد كبير الجيش الأمني وعناصر المرتزقة الذين يلاحقون المعارضة في الشوارع.
وتؤكد الشواهد أن شركة تويتر متواطئة مع السلطات البحرينية أيضاً وبشكل سافر رغم نفي الشركة لذلك وقد كان آخر ضحايا هذا التواطؤ إذاعة نداء البحرين التي تعرضت صفحتها على تويتر قبل فترة للحذف الكامل إلا أن القائمين على الإذاعة أكدوا أنهم اوجدوا حساباً جديداً على تويتر وسوف يواصلون إزعاج السلطات البحرينية مهما حدث.
بقلم : احمد القزويني - كاتب وإعلامي
31102