"السعودية تتغير".. عبارة يرددها هذه الأيام كثير من مشاهير السياسة والفن والرياضة السعوديين، في تعبير عن التغييرات التي بدأت تطرأ على طبيعة الحياة والمجتمع في المملكة.
ومنذ أن تولى محمد بن سلمان ولاية العهد في السعودية، بدأت نخب سعودية بالدعوة لمرحلة جديدة تخرج المملكة من عباءة "التشدد" التي كانت تدعمها الدولة منذ تأسيسها، وسرعان ما ترجمت السلطات هذه الدعوات بقرارات شكلت مفاجأة لكثير من المراقبين داخل وخارج السعودية.
وبدأت هذه القرارات بالسماح بقيادة المرأة، مرورا بالإعلان عن تشكيل "هيئة الترفيه" وإقامة الحفلات الغنائية لكبار الفنانين العرب والأجانب، وليس انتهاء بمنح التراخيص لافتتاح دور للسينما، وقد شكّلت هذه الخطوات تجاوزا لـ"محرمات" طالما دافعت عنها السلطة السياسية المتحالفة مع السلطة الدينية في البلاد.
تغييرات في بنية الدولة؟
وفي متابعة لما تكتبه مجموعة من النخب السياسية السعودية وبعضها مقرب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يظهر أن المتغيرات الجديدة قد تتجاوز المظاهر الاجتماعية والحياتية، لتصل إلى بنية الدولة السعودية ذاتها، وهو ما عبّر عنه بوضوح قبل أشهر المستشار بالديوان الملكي برتبة وزير سعود القحطاني.
وكتب القحطاني مقالا بصحيفة الرياض الرسمية في آب/ أغسطس الماضي، تناول فيه ما أسماها "الشرعية الأيديولوجية" التي استندت إليها الدولة السعودية و"كانت سببا لأزمات كثيرة تعرضت لها البلاد".
ودعا الوزير السعودي المقرب من ابن سلمان في مقاله المعنون بـ"الدولة الوطنية والشرعية الأيديولوجية" إلى "دولة وطنية" في مواجهة "الشرعية الأيديولوجية" التي قال إنها "كانت في أحوال أخرى سببا في الضعف وتكالب الأعداء والتفتت والتفكك في نهاية المطاف، كما كان الوضع في الدولة السعودية الأولى مثلا".
ويصل القحطاني إلى المهم في مقاله، بالتأكيد على أن "الشرعية الحقيقية التي حفظت الدولة تتمثل بالعائلة المالكة (..) الأسرة الحاكمة هي الرمز الذي تستند عليه هذه الشرعية (الواقعية الحقيقية) في منجزاتها حسب ما جاء في المقال، وكانت هي -بحق- الشرعية الحقيقية التي حافظت على البلاد وبقاء وحدتها وتماسكها".
وتتماهى دعوة القحطاني هذه، مع دعوات أخرى لتيار سعودي "ليبرالي" يطالب صراحة بتغيير طابع الدولة الذي قام على أساس التحالف بين "السياسي" و"الديني"، فيما طالب بعض المنتمين لهذا التيار صراحة إلى قطع الصلة بين السعودية كمملكة أو كيان سياسي وبين الحرمين الشريفين كمكانين مقدسين ترعاهما الدولة السعودي، والامتناع عن تسمية الكيان السياسي بلقب "بلاد الحرمين".
وقد عبر عن هذا التوجه بوضوح، الكاتب والأكاديمي المعروف تركي الحمد الذي غرد في الثامن عشر من الشهر الجاري، وقال: "كم أمقت أحدهم حين يصف السعودية ببلاد الحرمين.. السعودية كيان سياسي اسمه المملكة العربية السعودية"، هو ما وافقه فيها ناشطون سعوديون آخرون، ما يثير تكهنات بوجود توجه فعلي لخلق هوية جديدة للمملكة.
المصدر: عربي 21
101/104